اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

آن الأوان، والأحداث تتلاحق على ذلك النحو، أن نطرق بشفافية، الباب الايراني. هذا من موقعي كصحافي دفعت الثمن غالياً، وغالياً جداً، لكتاباتي المؤيدة للسياسات الايرانية، دون أن أكون معنياً بالبنية الايديولوجية للنظام. أيضاً، كلبناني مدين لكل من آزر المقاومة في اجتثاث الاحتلال، وهي الظاهرة التاريخية، والفذة، في عصرنا.

هذا مع اقتناعي بما قاله الجنرال فو نغوين غياب من أن العنصر البشري هو الأساس، ولكن هل كان للفيتكونغ أن يطردوا الأميركييين من بلادهم (58000 قتيل وتدمير 10000 طائرة) دون العامل المادي، وحتى العامل الايديولوجي، من الاتحاد السوفياتي والصين؟

على مدى الأربعة عقود التي أعقبت الثورة، والمواقف العاصفة تتلاحق من طهران لتظهر مدى فاعلية النظام في الداخل. وكان واضحاً من أقوال بعض المسؤولين أن الطوفان الثوري لا يقتصر على الأرض الايرانية، لتثبت الأحداث أن أي تغيير في معادلات المنطقة يبدو مستحيلا ما دام النفط هناك، وما دامت اسرائيل هناك...

أما ما حدث في لبنان فكان الاستثناء. أقرب الى اللحظة الأسطورية وحيث كان تقهقر القوة التي لا تقهر...

دائماً الأصوات العالية من ايران، دون أن تتوقف، يوماً، التعبئة الايديولوجية، والتعبئة السياسية. لهذا صدمتنا الاختراقات التي حققها الموساد لأكثر الأهداف حساسية فيها. من الاستيلاء على الوثائق النووية الى اغتيال محسن فخري زاده، وصولاً الى سلسلة الانفجارات، والحرائق، التي طاولت أكثر المفاعلات أهمية.

ما صدمنا أكثر اتهام وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان لاسرائيل وللغرب بالعمل لاشعال الحرب الأهلية في بلاده، والى حد تفكيكها. لا نتصور أن الجمهورية على هذا المستوى من الهشاشة ليتمكن الآخرون من فعل ذلك، بعدما أخفقوا في استيعابها ديبلوماسياً وعسكرياً ؟

ما لاحظناه في الآونة الأخيرة يستدعي الكثير من النظر والكثير من التأمل. هل وصل النظام الى الحائط ، بعدما كثر المنتقدون لما دعوه "النقص في التفاعل مع الأجيال"، ناهيك عن "القصور المتعمد لقراءة التغيرات التي تحصل في طريقة التفكير وفي طريقة الرؤية" ؟

ثمة بين الفلاسفة والكتاب في الغرب (ميشال فوكو، جان جينيه، روجيه غارودي، غانتر غراس، ناعوم تشومسكي ...) من افتتنوا بالتجربة الايرانية قبل أن يتراجعوا، وهم يشتكون من "أزمة التفاعل" التي تدفع بالتجربة، عاجلاً أم آجلاً، الى المأزق.

آخرون من الأصدقاء الذين على بيّنة من العواقب الكارثية للعقوبات الأميركية يتساءلون ما كانت حصيلة ذلك الصراع الطويل، والمرير؟ في رأيهم أن سياسات الانغلاق أحدثت سلسلة من الهزات داخل المجتمع الايراني، والى حد التساؤل لماذا يفترض ببلدهم، دون سائر بلدان العالم، أن يكون في حال المواجهة مع أميركا؟

هؤلاء يلاحظون مدى مرونة القيادة الايرانية في العلاقات مع رجب طيب اردوغان، وهو الذي دمر سوريا، كما يراقص أميركا، مثلما يراقص اسرائيل. ظروف الحصار هي التي اقتضت ذلك. لماذا لا تكون البراغماتية في التعاطي مع الولايات المتحدة ما دامت الجمهورية الاسلامية تمتلك كل الامكانات لتكريس معادلة الند للند؟

وفي رأيهم أن المسار الجيوسياسي بالديناميكية الثورية لايران هو الذي حمل بلداناً عربية على اللجوء أكثر فاكثر الى الظهير الأميركي، وحتى الى الظهير الاسرائيلي.

ولكن من يستطيع اغفال دور المؤسسة اليهودية في افتعال الصراع، لتستمر بلدان المنطقة في تبعثرها؟ هذا يندرج، أيضاً، في أساس الاستراتيجية الأميركية ليبقى النفط في قبضتها كعامل محوري في القيادة السياسية، والاقتصادية، وحتى القيادة الفلسفية، للكرة الأرضية...

بالشفاقية اياها، وتأسيساً، على ما قاله عبد اللهيان، ايران أمام التحديات الأكثر خطورة منذ عام 1979.

حتماً لا ندعو الى الانحناء أو للتبعية للاله الأميركي. ولكن هناك أكثر من سبيل أمام النظام لفتح الأبواب مع الداخل الذي، بطبيعة الأشياء، يتغير. حائكو السجاد يمتلكون الكثير من الحنكة ومن طول الأناة ليعرفوا كيف يمدون أيديهم ومتى، وأين. آن الأوان...

الأكثر قراءة

إضراب عالمي لوقف الإبادة في غزة! الخلافات بين واشنطن و«تل ابيب» تتفاقم... بلينكن: بعد الحرب دولة فلسطينيّة! حزب الله يُواصل دكّ تجمّعات ومواقع «إسرائيليّة» عند الحدود مع فلسطين المحتلة