اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مع الانحدار المتسارع للبلاد نحو الهاوية في ظل الشغور الرئاسي المؤقت، وفي وقت تمرر فيه حكومة تصريف الاعمال الوقت الضائع، وتزامنا مع انشغال غالبية الطبقة السياسية بسجالات عقيمة ومزايدات سخيفة، حط رئيس "تيار المستقبل" المعتكف الشيخ سعد الحريري في بيروت احياء لذكرى استشهاد والده، محاطا بجماهير حضرت من كل الاقضية السنية، لتجدد البيعة لمن اتخذ قرار داخلي وخارجي باقفال بيته.

داخليا، توزعت وجهة الرصد السياسي بين زيارة "الخماسي الباريسي" لعين التينة والسراي، وعودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت لاحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتشريع الضرورة، في ظل مقاطعة القوى المسيحية الكبرى الجلسة العتيدة، ومعها النواب المستقلون و"التغييريون" الذين وقعوا عريضة رفض التشريع في ظل الشغور، وايضا نواب سنّة، حيث علم ان استيذ عين التينة، لا يزال يعمل لتمرير الجلسة الاشتراعية الاسبوع المقبل، مراهنا على الاتصالات الحثيثة من تحت الطاولة لتغيير موقف رئيس "التيار الوطني الحر"، وحمله على المشاركة مع كتلة "لبنان القوي" في الجلسة، حيث تؤكد مصادر ميرنا الشالوحي ان التيار ليس في صدد بيع شعار حقوق المسيحيين للحصول على مكاسب معينة، ومنها التمديد لعدد من المديرين العامين المحسوبين عليه، وربما حتى لتحقيق امور على الصعيد الرئاسي.

فعلى وقع الانهيار غير المسبوق "من فج وغميق" اقتصاديا، ماليا، اجتماعيا، سياسيا وامنيا، وعنوانه "الورقة الخضراء" التي حركت ركود الشارع الطرابلسي في "بروفا شارع" يصعب تحديد نتائجها وحدودها، خصوصا انها جاءت عشية ذكرى الرابع عشر من آذار ووجود الشيخ سعد في بيروت، يترقب المتابعون حركة النواب السنة، الذي زار عدد لا بأس بهم "بيت الوسط"، الذي "لطش" شيخه من بوابة الحريصين على الطائفة، ومن يحمّلونها نتيجة "الخربطة" الحاصلة نظرا لتشتتها.

فالذكرى تأتي بينما الزلزال اللبناني في أسوأ مشاهده، والبلد الصغير على مفترقات خطرة تشتعل فيها الأرقام الإنهيارية، ومن أمثلتها الصارخة دولار "فالت"، باتت الليرة مقابله تساوي اقل من "كيلو بصل"، خرج الشيخ سعد الى جمهوره بخيبة واضحة في قوله "هناك من استخدم سعد الحريري كشماعة اذا كان الحليف ام الخصم"، اذ من الضريح إلى "بيت الوسط" إلى الحشود الشعبية واللقاءات السياسية، واضح ان رئيس الحكومة السابق فهم الرسالة جيدا، اذ لوحظ انه رغم كثرة زوار اهل السياسة والاحزاب التي أمت "الدار"، فان الفريق المشرف على التنظيم تشدد في قمعه ومنعه صدور اي موقف سياسي من منزل الرئيس الحريري، في اشارة واضحة الى عدم رغبة الاخير في خوض غمار السياسة المحلية، اقله راهنا. وهو ما اكد عليه الشيخ شخصيا في دردشته مع الاعلاميين.

ووفقا لاوساط سياسية متابعة، فان الشيخ سعد رفض اكثر من عرض لاطلالة تلفزيونية، انطلاقا من رغبته بعدم اثارة حفيظة المعارضين لعودته الى الساحة السياسية، من قوى داخلية واقليمية، خصوصا ان شد الحبال حول عودته الى السلطة في الفترة المقبلة على اشده بين واشنطن والرياض، حيث ترى الاولى ان القوة الشعبية التي يتمتع بها في الشارع السني ضرورية لاي "تقليعة" مريحة للعهد الجديد، فيما تصر الثانية على انه لم يكن على قدر المسؤولية طوال الفترة السابقة.

في عودة الى الوراء، شيئا لم يتغير خلال الثمانية عشر عاما التي مرت، غرق في الازمات الوجودية، واوجاع يومية، زاد من "بلتها طين" الفراغ الضارب في الدولة ومؤسساتها، من رأس هرمها الذي قاد "خماسي باريس" في جولة بيروتية، مؤكدين أن الذين يعرقلون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة مكتملة الصلاحيات سوف يواجهون تداعيات سلبية، منها عقوبات دولية - عربية، قد تشمل أسماء نواب ووزراء ومسؤولين يعرقلون مسار الحلول.

امام هذه الوقائع، باتت الاسئلة المطروحة كثيرة، ماذا أراد الحريري أن يقول من هذا الصمت الذي لم يفارقه من الضريح إلى بيت الوسط؟ هل هذا الصمت هو رسالة إلى الداخل أم إلى الخارج؟ ألا يشكل كلّ ما يحصل جزءا من مخطط هدفه إيصال لبنان إلى الفوضى الشاملة؟ وهل من الضروري ان يأتي الحل على ارض سياسة واقتصادية واجتماعية محروقة؟ ولماذا عناد الطبقة الحاكمة المصرة على الامعان في سياساتها بعدم تفادي الاسوأ، الذي لا يزال ممكنا حتى اللحظة؟ في لبنان كل شيء وارد، والايام العشرون المقبلة لناظرها قريبة. فلننتظر ونر...


الأكثر قراءة

ولادة أخرى للشرق الأوسط؟