اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أمسى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بالنسبة للأطفال، جزءا لا يتجزأ من يومياتهم، وكأنه التزام لا يسرق فقط الساعات الطويلة، بل يخطف ارواحا، إما بسبب مئات مقاطع «الفيديو» القصيرة التي تحتوي على تحديات تستقطب الفئات العمرية الصغيرة وبعضها يثير الرعب، كما حدث مع الطفل محمد اسطنبولي، الذي توقف قلبه بسبب رؤيته 4 اشخاص يرتدون اقنعة ويحملون سيوفا، وينفذون مقطعاً تمثيلياً لمنصة «تيك توك».

هذه الأمور جميعها تؤثر ليس فقط في الصحة النفسية، وانما أيضا في السلوك الاجتماعي، وتشتت التركيز لدى الأطفال.

في سياق متصل، عملت الصين على اصدار نسخة خاصة بالأطفال من تطبيق «تيك توك»، يجيز لهم الجلوس لأربعين دقيقة فقط في اليوم، ومشاهدة برامج وفيديوهات تعليمية ووطنية حرصا على سلامتهم.

هذه الشبكات ليست مضيعة للوقت فحسب، وانما سبيل لحصول مشكلات اجتماعية بين الطفل وغيره من المتواصلين معه عبرها، ويعرّضه للتنمر والعنف اللفظي، وباتت السيطرة على أجهزة المحمول الذكية أمراً عسيراً، لأنه أصبح من اهم الأدوات التي يعتمد عليها قسم كبير من الأطفال، وهو كذلك بالنسبة لجميع الفئات العمرية.

بالتوازي، اثبتت الدراسات ان كثرة استعمال الهواتف المحمولة الذكية، تسبب زيادة افراز الجسم لهرمون الميلاتونين، المسؤول عن الإحساس بالقلق واضطراب النوم. الى جانب التأثير المباشر والواضح في تحصيل الطفل الدراسي، كونها تؤثر في ذاكرته وتسبب له الضياع وتؤدي الى نسيانه لكل ما يتعلمه بسهولة.

بالمقابل، توصلت دراسة حديثة نشرتها جريدة «الانديبندنت» البريطانية الى ان الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 سنة يتعرضون لخطر عاطفي كبير على هذه المنصات.

مأساة في صور

وفي شأن متصل، وقعت مأساة في مدينة صور اللبنانية، ذهب ضحيتها ابن الـ 7 سنوات. وفي التفاصيل، روى عم الطفل عباس اسطنبولي لـ «الديار» حقيقة ما جرى وقال: «بينما كان يلعب محمد رأى مجموعة من الشباب يضعون اقنعة سوداء مرعبة، ويحملون في أيديهم سيوفاً، وعندما شرعوا بتمثيل مقطع مصور بهدف تحميله على حسابهم على «التيك توك»، لم يتحمل محمد وارتفع معه السكري في جسمه، وهو ما أدى الى توقف عضلة القلب فتوفي مباشرة». وقال: «تقدمنا بشكوى للأجهزة الأمنية المختصة والقضية باتت في عهدتهم، ومن الممكن ان يتحول هؤلاء الاولاد الى اصلاحيات كون أعمارهم لا تتجاوز الـ 17 عاما».

المال وزيادة المتابعين

الواقع، ان الهدف من تصوير تلك المشاهد هو الربح المادي والشهرة وزيادة عدد المتابعين، وهذا الامر أصبح سهلا جدا في عالم مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المنتشرة حول العالم.

وفي هذا الإطار، قالت الاختصاصية غنوة يونس لـ «الديار»، «ان رغبة الانسان الجامحة للبحث عن الشهرة تعود الى عدة عوامل منها، حاجة الفرد الى التقدير، وهو امر لا يعتبر في جوهره عملا سفيهاً، لان الانسان كائن اجتماعي ويهوى التقدم والاحترام ممن يحيطون به».

واشارت الى انه «لا يجب ان تتحول هذه الشبكات الى غاية ووسيلة يمكن من خلالها التضحية بالسلامة النفسية للأطفال وهذا هو الذنب بعينه، واليوم توظف جميع الإمكانات لتحصيل العائد الربحي المادي وهذا بحد ذاته يشكل خطرا على المجتمع برمته».

تصنيف المواقع

واعتبرت رئيسة جمعية LADIT وعضو المجلس التنفيذي في نقابة المعلوماتية والتكنولوجيا السيدة مايا زغيب، «ان جميع تطبيقات منصات التواصل يمكن تحميلها من «البلاي ستور» او «ابل ستور»، وهنا يجب الانتباه الى التقييم الذي يكون أسفل التطبيق والذي يدل على ما يتلاءم مع فئة عمرية معينة، فنجد مثلا إشارة الى عمر 12 وما فوق، وهذا الامر يلفت له كل صانعي التطبيقات، وهو ما يعني انه يتناسب لعمر 13 وما فوق، وهناك دول تتيح التطبيق ذاته لمن هم فوق الـ 13 عاما، فمثلا: عندما يريد شخص خلق حساب على «فيسبوك» و»انستغرام»، فان الأغلبية يضعون اعمارا غير حقيقية، وهو ما يتنافى مع سياسة هذه التطبيقات، أي ان العمر يجب ان يكون من 18 عاما وهؤلاء ما دون هذا العمر».

وقالت زغيب لـ «الديار»، «منذ حوالى السنتين «ميتا» وضعت الذكاء الاصطناعي الذي يمكن من خلاله معرفة العمر الصحيح لأي مستخدم في حال كان الأخير يكذب. كذلك الامر في «تيك توك» بحيث يوجد تصنيف يبدأ من عمر 13 حتى 15 سنة ومن 15 الى 18 سنة وما فوق، وكل فئة عمرية لها محتوى يتناسب معها بحسب ما يتيحه الموقع او حدود الاستخدام فمن هم في عمر 13 لا يمكنهم مشاركة المحتوى مع الغرباء ولا يمكنهم مشاهدة محتوى معين».

اضافت «كما يوجد داخل التطبيق ما يسمى بـ «DIGITAL WELLBEING» وهو ما يخول الاهل وضع مراقبة ابوية، بالإشارة الى خدمة أطلقت من تيك توك تكمن في وضع خطوط زمنية لمن هم دون 18 عاما، بحيث لا يحق لهذه الفئة استخدام المنصة لأكثر من ساعة، ولكن يمكن لهؤلاء التحايل بإطفاء الزر الذي يمنعهم من داخل SETTINGS واستخدام المنصة لساعات أطول».

ولفــتت زغيب «الى ان التيك توك هو صناعة الصين ولكنه غير متوافر فيها، وهناك تطــبيق آخر صنــعته الشركة نفسها، ولكنه ضــمن قواعد رقمية كثيرة ووقت لاستخدام الحدود الزمنية حسب العمر، وهناك فئات غير متاح لها استعماله».

الخطر الأعظم

وتطرقت زغيب «الى ان المعضلة الكبرى عندما يسلم الاهل اجهزتهم المحمولة لأطفالهم ويكون عليه حسابهم الشخصي لـ التيك توك، وبالتالي فان الخوارزميات في جميع التطبيقات موجودة داخل هذه المنصات من انستغرام وفيسبوك ويوتيوب ويوجد شــيء اسمه FIB أي إذا ابدى الشخص اهتمامه بموضوع معين فالخوارزميات ستأخذه الى محتوى آخر لصانع المحتوى نفسه، وعندما يبدي الشخص اهتمامه بما شاهده فيبدأ التيك توك بالتعرف الى هذا المتابع ويعرض له محتوى يعتبره مناسبا له».

وقالت: «عندما نعطي الطفل هذا الجهاز فانه حتما سيشاهد المحتوى ما يعني اننا ندمجه في عالم لا شأن له فيه وهو ما قد يشده نحو مجال آخر ويبقى موضوع التحديات المنتشر على هذه المنصات الأخطر وقد وقعت نتيجتها حالات اختناق وموت وهذا يستقطب الشباب بسبب الجوائز التي يحصلون عليها».

في الخلاصة، شبكات التواصل الاجتماعي ملأى بمضمون غير ملائم للناشئين الصغار، وهذا امر خطر جدا. فمن المحتمل ان يقوم الطفل او المراهق بالتعرف الى أشياء قد لا تكون مناسبة لسنه، وقد يقوم البعض بتنفيذ تحديات قد تؤذيهم وتلحق الضرر بالآخرين كما حدث مع الطفل محمد اسطنبولي، وهنا المكروه اصاب منفذي المحتوى وطفلا لا ذنب له سوى انه خاف. 

الأكثر قراءة

الورقة الفرنسيّة المعدّلة عند بري... وحزب الله يُحدّد ملامح «اليوم التالي» التعديلات تتضمّن إعادة «انتشار» لا انسحاب للمقاومة... ماذا عن ملف الغاز ؟ توصية المعهد القومي «الإسرائيلي»: لا تغامروا بحرب شاملة في الشمال !