اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كما انكفأت السعودية عن الدخول في لعبة الاسماء لمرشحي رئاسة الجمهورية، ورفضت وضع «فيتو» على اي اسم يُطرح، فانها ايضا لا تعطي الموافقة لاي شخص او مجموعة تحاول تقديم نفسها بانها وكيلة المملكة سياسياً في لبنان، بتكرار لتجربة «الحريرية السياسية» التي تجري محاولات لوراثتها من اطراف داخل الطائفة السنية، ومنهم من كانوا جزءاً منها او في «تيار المستقبل».

فقد سعى بهاء الحريري النجل البكر للرئيس رفيق الحريري، ان يقدم نفسه بانه «الوريث الاصيل للحريرية السياسية»، التي ابعدته السعودية عنها لمصلحة شقيقه سعد، الذي وما ان استقال من رئاسة الحكومة في الرياض في 4 تشرين الثاني 2017، حتى رأى بهاء ان الفرصة باتت سانحة له لتعود الوراثة السياسية له، لكن عائلته جابهته بالرفض، ولم يلق غطاء من دار الفتوى ومراجع سنية، وكذلك من المملكة التي عندما اصطدمت مع سعد لم يكن العنوان من هو البديل عنه من آل الحريري، بل قررت الاطاحة بـ «الحريرية السياسية» وفق رؤية سياسية جديدة للمملكة مع حلفائها في لبنان، فكان التوجه اخراج سعد وتياره السياسي من العمل السياسي.

وهذا ما حصل، بعدما رأت الرياض ان حلفاءها في لبنان، سواء «تيار المستقبل» او غيره، كان يهمهم «الريال السعودي اكثر من العمل السياسي» الذي يعطي لها حضورا قوياً وفاعلاً، وفق ما ينقل مصدر مطلع على الموقف السعودي، فكانت «السين ـ السين» عام 2009 عندما حضر العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله الى دمشق، واجرى مصالحة مع الرئيس السوري بشار الاسد، فانعكست مصالحة على حلفائها في لبنان لا سيما سعد الحريري ووليد جنبلاط، اللذان زارا دمشق والتقيا الرئيس الاسد، لتعود الانتكاسة في العلاقات السورية ـ السعودية بعد الازمة التي وقعت فيها سوريا، وانتهت بعد 12 عاماً في اعادة العلاقات بين الدولتين، التي جاءت بعد الاتفاق السعودي ـ الايراني في بكين.

فالساحة السياسية السنية تمر في حالة تشرذم، كما في عدم وجود مرجعية على كل مساحة لبنان كتلك التي مثلها الرئيس رفيق الحريري، حيث اقام أحادية سياسية داخل الطائفة، الا من كانوا يسمون «ودائع سورية» في «كتلته النيابية»، او في حكوماته التي شكلها، اذ غيّب الكثير من المرجعيات السنية، وحاول اقفال بيوتات سياسية سواء في بيروت او طرابلس وصيدا خصوصاً، الى ان حصل الاغتيال في 14 شباط 2005، ولبس العباءة ابنه الثاني سعد، ولم ينجح كما والده في جمع الطائفة تحت جناحه، اذ سلّم مهامه لمستشارين، وفق وصف احد من اركان «الحريرية السياسية»، وبدأت صراعات الولاءات وحروب النفوذ والمصالح، في وقت كانت مؤسسات الحريري تتهاوى الى حد الاقفال، فسبق الافلاس المالي افلاس سياسي، مع اعلان سعد تعليق العمل السياسي عشية الانتخابات النيابية 2020، فوصلت الرسالة السعودية بعد ان عُرضت مؤسسة «اوجيه» في المزاد العلني، وبات رئيس «تيار المستقبل» مقيما في ابو ظبي، مع تسريب معلومات بين الحين والآخر، انه سيعود وسينطلق في العمل السياسي.

في هذا الفراغ السياسي، يحاول البعض ملأه، تحت عنوان «الوفاء للشهيد رفيق الحريري»، واستكمال مسيرته الصحيحة، مع حملات على سعد وفشله، فتقدم اللواء اشرف ريفي بأنه يمثل «الحالة الحريرية» ليؤسس تنظيم «سند»، كما باشر نهاد المشنوق طرح نفسه ايضاً ونشر موقع «اساس ميديا» ليطل منه على السياسة، لكنه لم ينجح شعبياً بسبب «كاريزما» فيه، تقول مصادر مطلعة، بحيث فرغت المناطق ذات الكثافة السنية، لا سيما بيروت من مرجعية، حيث استغل الفراغ مرشحون من «ثورة 17 تشرين» وقدموا انفسهم «تغييريين»، وفاز عدد من المرشحين عن المقاعد السنية في عدد المناطق، لكنهم لم يغيروا ما طرحوه، فكانت نكسة في بيروت التي تجاوبت مع حركة الشارع، لكنها صُدمت في الاداء لمن يسمون انفسهم «نواب تغييريون».

وكان آخر ظهور لتنظيم سياسي جديد، هو ما اعلنه الوزير السابق محمد شقير نهاية الاسبوع الماضي عن ولادة مجموعة «كلنا بيروت»، وهي تضم من كانوا نوابا او وزراء مثلوا «تيار المستقبل» وقيادات واعضاء فيه، كالنائبة السابقة رلى الطبش، الوزير السابق محمد رحال ورئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، لكن ما حصل ان شقير اصيب بنكسة عندما حاربه «الحريريون»، بعد ان ظن ان «البيئة الحريرية» ستكون معه، وانه حصل على رضى سعد الحريري، لكن فاجأه كل من الامين العام «لتيار المستقبل» احمد الحريري ورئيس «جمعية بيروت للتنمية» احمد هاشمية، بحملة على مقاطعة دعوة شقير، والتي مارسها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بعدم ارسال ممثل عنه، وكان سيمثله الشيخ خلدون عريمط الذي اعتذر، واكتفى دريان بايفاد شيخين غير معروفين، اضافة الى ان شخصيات عديدة اعتذرت عن الحضور، وتحديداً من العائلات البيروتية التي تخوض معركة انتخابات اتحادها.

وما زاد من ارباك شقير، ان السفارة السعودية لم ترسل اي ممثل عنها، وهي رسالة له بانها على مسافة واحدة من الجميع وتتمنى النجاح للجميع، من دون اعتبار ان هذه المجموعة او تلك تتحدث باسم المملكة، وهي، وفق ما ينقل مطلعون على موقفها، تنأى بنفسها عن كل تدخل وتشجع كل من يعمل للوحدة الوطنية.

ومحاولة شقير هي الدخول الى العمل السياسي في بيروت، الذي جوبه برفض شعبي لزيادة الرسم على «الواتساب»، وهو من كبار التجار، وله علاقة باستئجار مبنى لشركة «ألفا». 

الأكثر قراءة

أجل... اخترقنا "إسرائيل" استخباراتياً