اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قطعاً لم يكن فلاديمير بوتين يعلم بالفخ الأميركي في أوكرانيا. كان يعتقد أن الأميركيين منشغلون بـ»الاعصار الصيني»، وحيث التنين لم يكتف بالمخالب الاقتصادية. خطة شي جين بينغ ـ في «الكتاب الأبيض» ـ تقضي بتحويل بلاده الى قوة عالمية في غضون عشر سنوات.

معلقون مقربون من البنتاغون كانوا يتساءلون ما اذا كانت القيادة الصينية تخطط لاقفال الباسيفيك في «وجهنا» لكن أجهزة الاستخبارات دأبت على التحذير من مسعى الكرملين لتشكيل ثنائي استراتيجي مع الصين، مع الأخذ بنظرية يفغيني بريماكوف حول اقناع الهند بأن تكون جزءاً من «الثالوث الأوراسي» لمواجهة الرفض الأميركي لقيام أي أمبراطورية أخرى تشارك في قيادة العالم.

البداية بكسر القيصر. لا عودة الى «روسيا المقدسة»، حتى اذا تم انشاء حزام عسكري في الشرق الأوروبي حول روسيا، تزامناً مع انشاء حزام آخر في الشرق الآسيوي حول الصين، تكرس مبدأ «القرن الأميركي» !

الاختبار الروسي في أوكرانيا كان مريراً وصادماً. ثمة من يتذكر منظر الجنرالات السوفيات، ببطونهم الضخمة ومعاطفهم الثقيلة وبالأوسمة الهائلة على صدورهم. وكنا نتساءل كيف لجنرال على شاكلة الصهريج أن يفكر أو أن يتحرك في الميدان. هكذا كانت حال الجنرال الروس عشية الحرب الأوكرانية...

لم يكن الروس وحدهم من غرقوا في الوحول (والتيران) الأوكرانية. الأميركيون أيضاً. بدلاً من أن تتمكن خطتهم من زعزعة (وحتى زلزلة) أعصاب التنين، ضاعفوا من ايقاع تنفيذ الخطط الخاصة بتطوير التكنولوجيا العسكرية، بعدما راحت صحفهم تتحدث عن النوايا الأميركية.

لا أحد كان أكثر اغتباطاً من الصينيين، وهم يرون كيف تستنزف الترسانة الأميركية والترسانات الحليفة في المستنقع الأوكراني، وحيث لا رابح على الاطلاق، لتتحدث «الواشنطن بوست» عن «التنين المجنح» لدى رصد المنطاد الصيني، وهو يخترق الأجواء الأميركية.

الروس والأميركيون أمام الخسارة. معهد ستوكهولم لاحظ ألاّ قيمة لأي ترسانة نووية في تغيير مسار الحرب، لأن الانزلاق الى تلك اللحظة يعني نهاية العالم. مستشار في المعهد وصف القنابل النووية بـ»الأواني الأثرية»، ما يفترض أن تدركه الرؤوس الاسبارطية في «اسرائيل». المستشار اعتبر أن من يهدد بالخيار النووي، يكون في حال التأرجح بين الخندق والقبر...

لا بد من القفازات الحريرية لانقاذ ما يمكن انقاذه. الأميركيون الذي امتنعوا عن تلقف مقترحات الصين حول حل المشكلة الأوكرانية، عادوا الى الحديث عن الوساطة الصينية بعدما لاحظوا كيف تبتلع تلك المشكلة المليارات، وغداً التريليونات، في ظل الهزات التي تهدد القطاع المصرفي، وهو الأساس في الهيمنة الأميركية على العالم.

حتماً يستذكرون بهلع أزمة 2008، التي تنبأ بها جوزف ستيغليتز (نوبل في الاقتصاد) بعدما أنفقت بلاده نحو 3 تريليونات دولار في حربي أفغانستان والعراق.

جانب آخر من المشهد. الحرب أحدثت انقلاباً داخل المؤسسة العسكرية الروسية. الضربات (والمفاجآت ) الميدانية المتتالية أدت، وان كان الثمن باهظاً جداً، الى انحسار تدريجي للحالات المترهلة. الآن ضباط وجنود من طراز آخر، مع تطوير الأسلحة على أنواعها، بعدما خبر العسكريون على الأرض أداء غالبية المنظومات الهجومية أو الدفاعية الأطلسية.

لكن فلوديمير زيلينسكي طلب في جولته الأوروبية الأخيرة، من كل من المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، امداده بالعناصر البشرية لأن النصر، في نظره، بات على قاب قوسين أو أدنى. وهذا المستحيل، مع الاشارة الى وجود آلاف المستشارين العسكريين في أوكرانيا من بلدان الأطلسي.

المراوحة القاتلة لدى الجانبين، دون أي احتمال لتغيير الوضع الميداني. في هذه الحال، من المؤهل للقيام بالمهمة الديبلوماسية أكثر من شي جينغ بينغ ؟

هنري كيسنجر الذي وقف ضد الحرب قال «...بعد ذلك المفاوضات حول تايوان». للتو عقّب وزير الدفاع لويد أوستن «التصدي الأوكراني للروس أمثولة لتايوان». شواهد لا تحصى على غباء العسكر في أميركا...  

الأكثر قراءة

نهاية الزمن اليهودي في أميركا؟