اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

سنّة لبنان يبحثون عن زعماء لهم في العالم العربي او الاسلامي، ولا مشكلة لديهم اذا وجدوا زعيما مسلما سنيا غير عربي، فهم سيؤيدونه لانهم يتوقون الى قائد سني يخاطبهم بلهجة العقيدة الدينية ومصالحهم وعاطفتهم.

الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان زعيما وقائدا، تمكن من جذب الشارع السني له، وقد شعرت الطائفة السنية في ظل وجود رفيق الحريري بالقوة والنفوذ والامان، ولكن بعد استشهاده حصل فراغ كبير، ولاسباب عدة لم يستطع نجله سعد الحريري ملء هذا الفراغ، حتى ان الاخير غرق بازمات حكومية عدة، وثم حصلت حادثة بينه وبين النظام السعودي اضعفت موقفه لبنانيا وعربيا واعادت خلط الاوراق سنيا.

وعليه، شعر سنّة لبنان باليتم السياسي بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الى جانب اعتكاف رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري العمل السياسي في لبنان، وبالتالي تعليق عمل «تيار المستقبل» حتى اشعار آخر، فضلا عن قرار المملكة العربية السعودية بترك لبنان وعدم لعب اي دور فيه على الساحة السياسية السنية لسنوات عدة في الماضي القريب.

وبفوز رجب طيب اردوغان برئاسة تركيا لولاية ثانية، استمال سنّة لبنان اليه فاعربوا عن فرحهم بفوزه، وجالوا في شوارع بيروت وصيدا وطرابلس. علما ان اردوغان لم يتخل يوما عن حلمه العثماني. هكذا فضل سنّة لبنان العثمانيين على العرب، ناسفين شعار حرصوا عليه منذ بداية التسعينات، اي مع ظهور رفيق الحريري على الساحة اللبنانية، وهو شعار «لبنان اولا» والذي حرص الرئيس الشهيد رفيق الحريري على تطبيقه قولا وفعلا.

اليوم، عاد سنّة لبنان الى حقبة 1926 عندما كانوا يناصرون ويدعمون زعماء سنّة، ولكن ليس زعماء سنّة لبنانيين، وخير دليل على ذلك تأييدهم المطلق لرئيس تركيا اردوغان. والاخير هو وريث السلطنة من خلال اعتماد سياسة الديبلوماسية الهادئة، اي توفير منح دراسية وبناء مستشفيات ومدارس، وبذلك تغلغل في الساحة السنية اللبنانية، اضافة الى دعم حركة حماس وهي الجماعة الاسلامية ضد الحصار الاسرائيلي على غزة.

وفي النطاق ذاته، اختلف اردوغان مع الرئيس المصري السيسي عندما حل الاخير حزب «الاخوان المسلمين» وسجن رئيسهم ورئيس الجمهورية المصري محمد مرسي. وهنا لا يخف على احد ان رئيس تركيا يعتبر واحدا من «الاخوان المسلمين».

وبعدها، اختلف الرئيس اردوغان مع النظام السوري واستقبل خمسة ملايين سوري اغلبهم سنّة، نتيجة الحرب السورية، وحوّل الاراضي التركية الى ارض انطلاق لجميع المتطرفين الاسلاميين بهدف اسقاط الرئيس بشار الاسد، الا انه فشل في تحقيق مخططه.

كل هذه المواقف التي اتخذها اردوغان جعلت منه قائد سنيا عظيما في عيون سنّة لبنان، فاختاروا مبايعته واعلان ولائهم له. فهل زمن التتريك لا يزال نابضا في قلوب اللبنانيين السنّة؟ وهل يعتبرون اردوغان القائد المخلص للسنّة، بعدما عاشوا في زمن الغبن منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري وعدم بروز قائد لبناني سني قوي قادر على اخراجهم من يتمهم السياسي؟

ولكن في الوقت ذاته، ورغم البؤس الذي يشعر به سنّة لبنان، فان الخيارالسياسي الذي اتخذوه هو خيار حزين، لناحية انهم وقعوا في شباك اردوغان ويرون فيه القائد السني القوي، في حين لا يدرون ان الاتراك، وخاصة حزب «العدالة والتنمية» يفتخرون بحضارتهم العثمانية، وينظرون بفوقية الى باقي الشعوب وان كانوا من الطائفة السنية. ذلك ان اردوغان يسعى جاهدا لاستمالة السنّة في البلدان العربية وغيرها، ولكن في قرارة نفسه يخطط لاعادة احياء الارث العثماني في كل منطقة يسيطر عليه.

وقصارى القول ان الرئيس التركي او بالاحرى السلطان العثماني، الذي لا يخفي طموحاته في التوسع في المنطقة، لا يعير اهتماما لحقوق سنّة لبنان او شجونهم، بل كل ما يريد هو التغلغل اكثر فاكثر في الساحة اللبنانية لتكون واحدة من بين عدة ساحات عربية يعزز قبضته ويبسط سلطته فيها. وعليه، تعتمد تركيا الاردوغانية سياسة الديبلوماسية الهادئة، اي توفير منح دراسية وبناء مدارس تركية ومستشفيات لجذب السنّة في لبنان وفي دول اخرى، والظهور بانها دولة تأتي لمساعدة المظلومين السنّة.

وفي نهاية المطاف، اذا لم يبرز زعيم لبناني سني يجمع سنة لبنان تحت عبائته ويرفع معنوياتهم من جديد فسنة لبنان سيرددون «اردوغان اولا» بدلا من «لبنان اولا». 

الأكثر قراءة

آخر ابتكارات حلفاء «إسرائيل» للضغط على لبنان: حرب شاملة بعد رفح... وعقوبات ؟! سيجورنيه سيتبلّغ التمسّك «بوحدة الساحات»...وجيش الإحتلال غير جاهز للحرب الدولة تزداد تحلّلا والشلل يتمدّد... «النفاق» السياسي يُطيّر الإنتخابات البلديّة