اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يشارك لبنان على مستوى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، في «مؤتمر بروكسل السابع لدعم مستقبل سوريا والمنطقة»، الذي سيُعقد الأربعاء والخميس في 14 و15 حزيران الجاري، ولن يكون وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجّار حاضراً في هذا المؤتمر، رغم وجوده في العاصمة البلجيكية كونه يشارك في مؤتمر آخر. وانخفض مستوى تمثيل لبنان من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى وزير الخارجية من دون أسباب تُذكر، غير أنّ الأهمّ تبقى كلمة لبنان التي سيلقيها بو حبيب في المؤتمر، وما ستتضمنّه من جديد يتمشى مع ازدياد عدد النازحين السوريين في لبنان، لا سيما بعد زلزال 6 شباط الفائت، فضلاً عمّا سبق وجرى الحديث عنه في ما يتعلّق بمشروع القرار الذي أعدّه عدد من النوّاب الأوروبيين من كلّ من بلجيكا والسويد وألمانيا لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وأبلغوا به وفدا من النوّاب اللبنانيين الذين زاروا بلجيكا في نيسان الماضي.

المؤتمر الذي سيُعقد على مدار يومين، يتضمّن اليوم الأول منه جلسة حوارية في البرلمان الأوروبي لمنظمات المجتمع المدني، فيما يتضمّن اليوم الثاني الإجتماع الوزاري للدول المانحة والمنظمات الدولية، والذي سيشارك فيه بو حبيب ويحمل معه ورقة عمل موحّدة، ويلقي كلمة لبنان. وتقول مصادر سياسية مطّلعة أنّ المؤتمر سيأتي شبيهاً بالنسخ الستّ السابقة له، سيما وأنّه سيجدّد التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الشعب السوري، وحشد الدعم المــالي والإنساني لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكّان الســوريين المتضرّرين الذي يعيشــون في ســوريا وفي دول الجــوار. فضلاً عن حشد الدعم السياسي والمالي من المجتمع الدولي للمجتمعات المضيفة في المنطقة الأوسع الــتي أظهرت تضامنها مع النازحين مثل الأردن ولبنان وتركيـــا ومصر والعراق. وهذا يعني، أنّ المؤتمر سيخرج بالمزيد من التقديمات والمساعدات المالية للنازحين السوريين أينما وُجدوا، دون التطرّق الى أي خطة لإعادتهم الى بلادهــم.

فالإتحاد الأوروبي كما المجتمع الدولي لا يزال، وفق المصادر نفسها، يربط عودة النازحين، مع الأسف، بالحلّ السياسي للصراع في سوريا بما يتمشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. ولهذا يجعل من المؤتمر منصّة لإعادة تجديد المشاركة الدولية من أجل تحقيق هذا الحلّ. أمّا لبنان فيطمح من خلال كلمته التي سينتهي تحضيرها بعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء بشأن ملف النازحين السوريين، الذين بلغ عددهم أكثر من مليونين و80 ألف نازح قبل الزلزال الأخير الذي ضرب سوريا، وأدّى الى هجرة عدد إضافي كبير من السوريين باتجاه لبنان، الى خروج المؤتمر بإشارة ما الى تلبية طلبه المتكرّر للإتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بضرورة التعاون الدولي على مساعدته من أجل تنفيذ خطة إعادة النازحين السوريين الى بلادهم (أي «خطة لبنان للاستجابة للأزمة 2022-2023» التي وضعتها الحكومة اللبنانية)، كون لبنان لم يعد قادراً على تحمّل أعباء النزوح.

وتتضمّن كلمة الوزير بو حبيب بحسب المعلومات، نقاطا عديدة من هذه الخطة، فضلاً عن بعض المعطيات الجديدة التي طرأت أخيراً في ما يتعلّق بأعداد النازحين، وبازدياد نسبة تورّط النازحين السوريين في لبنان بالجرائم وأعمال العنف والسرقة. وستتطرّق الى 4 عناوين أساسية:

- الشقّ السياسي ورؤية أو خطّة لبنان لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم في أقرب وقت ممكن.

- الشقّ الإقتصادي المتعلّق بكلفة النزوح الكبيرة المباشرة وغير المباشرة على لبنان، والتي بلغت بحسب تقديرات الخبراء الإقتصاديين، مليار و700 دولار سنوياً ككلفة مباشرة تتعلّق بالطبابة والكهرباء واستهلاك البنى التحتية والصرف الصحّي والخدمات، و40 مليار دولار أميركي كلفة خسائر على الإقتصاد وخزينة الدولة التي كان بإمكانها تحصيلها.

- الشقّ الإجتماعي وعن أنّ النزوح السوري بات يفوق نصف عدد سكّان لبنان، وهو رقم لا يستطيع أي بلد في العالم تحمّله بما فيها بلدان اللجوء. ولهذا سيُطالب بالمزيد من المساعدات لسدّ بعض الاحتياجات الضرورية لهم.

- الشقّ الأمني المتعلّق بنسبة الجرائم والجنح التي يرتكبها النازحون على الأراضي اللبنانية. ويوجد حالياً نحو 40 % من المساجين في السجون اللبنانية من السوريين. ففي سجن رومية هناك 500 موقوف في المبنى «ب» (أي مبنى المحكومين بالإعدام والارهابيين والمجرمين الخطيرين)، ونصفهم من السوريين. كما أنّ إحصاءات الأمن العام تشير الى ارتفاع نسبة الجريمة في لبنان الى ما يُقارب الـ 30 % في كلّ لبنان، وأنّ السوريين يرتكبون 60% منها في الحدّ الأدنى.

وأشارت المصادر الى أن بو حبيب سوف يُشدّد في كلمته على مسألة مهمّة أيضاً، سبق وأن ذكرها في الإجتماع الوزاري الأخير للتحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش»، الذي عُقد في 8 حزيران في الرياض، وهي أنّ استمرار سياسة إبقاء النازحين السوريين في لبنان، الذين قارب عددهم المليونين والموجودين بصورة خاصة في شمال وشرق لبنان، في ظروف إنسانية صعبة وتزداد صعوبة في ظل أسوأ أزمة يعيشها البلد منذ تأسيسه، من شأنها أن تسهل تجنيدهم واستقطابهم من قبل الإرهابيين وتحويلهم إلى قنابل موقوتة وخلايا ناشطة تهدّد الأمن والاستقرار، سواء في أماكن تجمّع النازحين، أو حتى في بؤر وجودهم داخل المناطق اللبنانية الفقيرة التي تستضيفهم.

أمّا الأهمّ فسيكون التأكيد، وفق المصادر عينها، على ضرورة أن تُعطى المساعدات للنازحين السوريين بعد عودتهم الى مناطقهم في سوريا وتقديم ضمانات مالية وأمنية، لكي يتمكّنوا من استعادة حياتهم الطبيعية، سيما أنّ نصف عدد النازحين الذين عَمِل الأمن العام على إعادتهم في فترات سابقة الى مناطقهم في سوريا، على نفقة الدولة اللبنانية، قد عادوا الى لبنان بطرق غير شرعية بهدف الحصول على المساعدات الدولية التي تُدفع لهم بالدولار الأميركي.

علماً بأنّ المصادر لا تتوقّع حصول أي خرق جديد في هذا المؤتمر مع تعثّر العملية السياسية في سوريا. غير أنّ عودة سوريا الى جامعة الدول العربية قد تُشكّل حافزاً لطلب الإتحاد الأوروبي منها السعي من أجل حلّ الأزمة السورية، وتسهيل عودة النازحين الى بلادهم لا سيما من دول الجوار... ولا يُعلم إذا كان لبنان سيتمكّن من إدراج اسمه ضمن مشروع القرار الذي حضّره عدد من النوّاب الأوروبــيين في حال جرى التطرّق إليه. علماً بأنّ مؤتمر بروكسل غير مهتم بمسألة إعادة النازحين السوريين الى بلادهم في الوقت الراهن، بل بحشد المساعدات لهم أينما وُجدوا.   

الأكثر قراءة

هل هو القضاء والقدر فقط ؟