اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

منذ عام 2009، بدأ العالم يحتفل في السابع من يوليو باليوم العالمي للشوكولاتة، ولكن رغم اتفاق الجميع على "حبهم" لمذاقها، إلا أن إرثا ثقيلا ما زال يلاحقها يرتبط بالعبودية.

ما نعرفه عن الشوكولاتة مذاقها الشهي وقدرتها على تعديل المزاج والشعور بالفرح بلقمة واحدة، ولكن هذا المذاق يملك وجها آخر، إذ يكشف تقرير أعدته مؤسسة "ووك فري" الحقوقية أن حوالي 50 مليون شخصا لا يزالون تحت تصنيف "العمل الجبري" أو ما يسمى بـ"العبودية الحديثة".

وأشار التقرير إلى أن "أسوأ أشكال عمالة الأطفال حول العالم، هم أولئك الذين يعملون في حصاد حبوب الكاكاو التي تصنع منها الشوكولاتة"، بحسب تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس.

وتقول بيانات وزارة العمل الأميركية أن أكثر من 1.5 مليون طفل يعملون في حصاد الكاكاو في غانا وساحل العاج، وهما دولتان أفريقيتان تنتجان 60 في المئة من محصول الكاكاو في العالم، وفق تقرير لصحيفة "يو أس أيه توديه".

ويتعرض أكثر من 40 في المئة من هؤلاء الأطفال إلى ظروف عمل "خطيرة"، تشمل التعرض لمواد كيميائية أو حروق في الحقول أثناء حصاد بذور الكاكاو أو جراء رفع الأحمال الكبيرة.

وتعهدت ثماني شركات من كبرى مصنعي إنتاج وبيع الشوكلاتة بما فيهم: هيرشيز، وكرافت فودز ونستله ومارس بتقديم مساعدات مالية في عام 2011، وممارسة مهام مع منظمة العمل الدولية لمكافحة عمالة الأطفال في صناعة الكاكاو في منطقة غرب أفريقيا.

ورغم بذل هذه الجهود قبل أكثر من عقد لا تزال عمالة الأطفال وانتهاكات حقوق الإنسان متفشية في صناعة الكاكاو.

وخلال عام 2021 أسقطت محكمة أميركية دعوى قضائية رفعت ضد شركات أميركية من قبل ستة رجال من مالي قالوا إنهم تم الاتجار بهم منذ أن كانوا أطفالا في مزارع الكاكاو في ساحل العاج.

وأشارت المحكمة في قراراها إلى ان ما حدث وقع خارج الولايات المتحدة، ولا يتوفر أي دليل أن قرارا الشركات الأميركية التجارية ساهمت فيما تعرضوا له من عمل قسري.

وذكر تقرير الصحيفة أن حكم المحكمة لا ينفي ما تعرض له هؤلاء الأشخاص من معاناة، حيث عملوا ساعات طويلة في ظروف خطرة، ولم تستطع شركات أميركية، مثل هيرشي ومارس، في عام 2019، من تأكيد أن منتجاتهم "خالية من عمالة الأطفال".

وتؤكد الأمم المتحدة أن مشكلة العبودية الجديدة تطال ما لا يقل عن 50 مليون شخصا، بينهم حوالي 28 مليون شخصا مجبرون على العمل القسري، وأكثر من 22 مليون أجبروا على الزواج قسرا، مشيرة إلى أن واحدا من كل ثمانية من جميع الذين يعملون بالسخرة هم من الأطفال. ويتعرض أكثر من نصف أولئك لممارسات الاستغلال الجنسي التجاري.

وتشهد بوركينا فاسو عادة عمليات نقل للأطفال، الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما، في حافلات حيث يتم الاتجار بهم للعمل في حقول الكاكاو في ساحل العاج، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

ومنذ عام 2001، فوتت شركات تصنيع الشوكلاتة المهل الدولية النهائية المحددة لاستئصال عمالة الأطفال ضمن سلاسل توريد الكاكاو، والتي كانت في عام 2005 المرة الأولى، وتم تمديدها حتى 2008، وبعدها تم تمديدها في 2010، ومنذ ذلك الحين يتم تمديد هذه المهل للشركات.

ونتيجة لذلك هناك احتمالات كبيرة بأن الكثير من منتجات الشوكولاتة التي يتم بيعها في الولايات المتحدة هي نتاج عمالة الأطفال، حيث يأتي حوالي ثلثي إمدادات الكاكاو في العالم من غرب أفريقيا، بحسب الصحيفة الأميركية.

ولا تزال شركات الشوكولاتة غير قادرة على تتبع وتحديد المزارع التي يعمل فيها الإطفال في إنتاج محصول الكاكاو.

ويؤكد مسؤولون في صناعة الشوكولاتة أن حكومات غرب إفريقيا ومنظمات العمل تتحمل أيضا مسؤولية القضاء على عمالة الأطفال والعمل القسري في مزارع الكاكاو، وفق واشنطن بوست.

ووصفت منظمة السلام العالمية ما يجري في صناعة الكاكاو بـ"الجانب المظلم" حيث يعمل مئات الآلاف من الأطفال في مزارع الكاكاو بظروف صعبة، ويحرمون من التعليم ويتعرضون للإيذاء ويعانون من تنشئة ونظام غذائي سيء، مقابل أجر ضئيل أو من دون أجر.

ودعت المنظمة إلى ضرورة القضاء على عمالة الأطفال بالمجمل وخاصة الذين يعملون في صناعة الكاكاو، وهو ما يتطلب التزاما أكبر من الشركات بالتأكد من أن المزارع التي يحصلون منها على محصولهم من يعملون فيها يتقاضون رواتب عادلة وليسوا من الأطفال ولا يعملون بالسخرة.

وفي عام 2014، نشرت شبكة "سي أن أن" سلسلة من التحقيقات التي رصدت فيها "عبودية الأطفال في صناعة الشوكلاتة"، وذلك بالعودة إلى جميع سلاسل التوريد، مشيرة إلى أن حوالي 70 في المئة من ثمن قطعة الشوكلاتة يذهب للشركة المصنعة لتغطية تكاليف البحث والتطوير والتسويق.

واستعرضت الشبكة في إحدى تقاريرها تجربة أحد المزارعين الذين يعملون في قطاع الكاكاو لعقود ليتذوق الشوكولاتة لأول مرة أمام الكاميرا، ليعبر عن دهشته وسعادته من مذاقها.

ووجدت الشبكة حينها أنه للحد من عمالة الأطفال في هذا القطاع يجب اتخاذ جملة من الإجراءات، وفي مقدمتها تحديد أسعار عادلة للمحاصيل، والاستثمار في تعليم المزارعين، ووضع تصنيف للحبوب التي تم التأكد من أنها خالية من عمالة الأطفال.(الحرة)  

الكلمات الدالة