اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لقد اثبتت التجارب والحروب التي مرت فيها البشرية منذ قرن الى اليوم، فشل التعاطي الدولي مع مسألة العدالة. فكان سقوط عصبة الأمم وما قامت عليه من مبادئ والتي بدورها كانت مسخّرة للدول الكبرى ومصالحها الخاصة الى سقوطها في الحرب العالمية الثانية.

فدور عصبة الأمم انذاك كان يقتضي فقط بما يتصل من مصالح تتعلق في هذه الدول. فهي تتفق فيما بينها على اقتسام الثروات العالمية واستعمار الدول الفقيرة والصغيرة والضعيفة. دول عصبة الأمم والتي هي الدول الاستعمارية التي ما انفكت بسرقة موارد هذه الدول المستعمرة التي تعتبرها اقل شأنا على كافة المستويات الانسانية والثقافية، وهي كانت تعين حكام لتلك البلاد من قبلها وكانوا هؤلاء الحكام ادوات لهم.

فمن الأمثلة التاريخية لعمل عصبة الأمم اذ على سبيل المثال لا الحصر، عندما شنت ايطاليا حربا على ليبيا وقامت بقتل الشعب الليبي، لم تتحرك عصبة الأمم للجم هذه الحرب. أما عندما وقع النزاع ما بين اليونان وبلغاريا تدخلت عصبة الأمم لوضع حد لهذه الحرب مع ارسال المساعدات وطبعا التعويضات المادية. فالسياسة الاستقوائية التي اتبعتها عصبة الأمم، وتهميش الدول أدت الى نشوء الحرب العالمية الثانية وانهيار هذه العصبة والحروب التي وقعت فيما بين اعضائها.

فمع انتصار الحلفاء على المانيا النازية، تداعت الدول المنتصرة وانشأت المنظمة العالمية التي تعرف باسم منظمة الأمم المتحدة ،وكان السبب الرئيسي لانشائها هو الحرص على الأمن والسلم الدوليين، وحل النزاعات والخلافات بالطرق السلمية والديبلوماسية اذا أمكن. وتتألف هذه المنظمة من دول أعضاء جميعها متساوية بغض النظرعن كبر مساحتها وتعداد سكانها، غنية أو فقيرة... ومن أمانة عامة يديرها أمين عام للأمم المتحدة، أجهزة ومنظمات حكومية وغير حكومية تابعة لها وكل هذه التشكيلات هي في خدمة الانسان والعمل على تثبيت الأمن والسلم الدوليين. أما مجلس الأمن (أشبه بعصبة الأمم) هوالذي يحدد مدى التدخل او عدم التدخل عسكريا او عبر فرض عقوبات على دول متنازعة ويتألف من أعضاء الدول الكبرى ،ونتج من مسار عمل المجلس قرارات دولية تشبه قرارات عصبة الأمم أي عصبة أمم جديد، وطبعا مع صلاحيات يسمح لها بتخطي الهيئة العامة في الأمور المصيرية وحق النقض الفيتو الذي هو سبب في ارتكاب بعض الدول للمجازر والقتل والتهجير والتنكيل...

فالسؤال المطروح اليوم، ماذا قدمت الأمم المتحدة للعالم من أمن وسلم دوليين؟؟ المنظمة ينتظم فيها العمل الدولي وتتشارك الدول في وضع استراتيجيات مهمة جدا بما يخص سحب فتيل التقاتل والنزاعات، وهي قد ساهمت ايضا من خلال منظماتها بمحاربة الفقر والتصحر والصحة العالمية... اما الذي يبادر الى ذهننا دائما، ماذا فعلت هذه المنظمة في السنوات العشر الأخيرة من تركيز الأمن والسلم الدوليين؟ ودور مجلس الأمن؟؟؟

مجلس الأمن يجتمع في حالات متعددة، كطلب من احدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن لاجتماع طارئ على اثر نشوب نزاع او حرب بين الدول او بين دول وأطراف.

فخلال هذا الأسبوع اجتمع مجلس الأمن لأول مرة بطلب من روسيا لوضع حد للنزاع القائم في غزة وما أدى ويؤدي من قتل وتهجير الاف الفلسطينيين. كما العادة اصطدم مشروع القرار الروسي بالفيتو الأميركي والفرنسي والبريطاني وتجدر الاشارة هنا ان بريطانيا وفرنسا هما الدولتان اللتان استعمرتا منطقة المشرق العربي وقد قامت بريطانيا بالتحديد بوعد اليهود بدولة قومية على أرض فلسطين. فاذا كان الغرب يريد ان يعوض على اليهود بما قام به الأوروبيين من قتل لليهود باوروبا، كان الأجدر بهم أن يعوضوا عليهم من الأراضي البريطانية أو الفرنسية. فالذي قتل اليهود في اوروبا ليس الفلسطنيين انما الأوروبيين.

بالعودة الى جلسات مجلس الأمن، فبعد القرار الروسي جاء القرار البرازيلي الذي يدين قتل الأبرياء المدنيين وقصفهم في المستشفيات و في منازلهم، جاء أيضا حق النقد الفيتو من قبل الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة الاميركية استعملت حق النقد 200 مرة لصالح اسرائيل، فيحق لاسرائيل قتل البرياء وتهجيرهم والتنكيل بهم وقطع المياه والكهرباء والاطعمة والادوية وهي طبعا محمية من قبل اميركا، والدليل على ذلك قصفها لمستشفى المعمداني وقتل الابرياء في غزة ضاربة بعرض الحائط الشرائع الدولية والحقوقية والاخلاقية والانسانية والدينية، وليس من يحاسبها لا قانون دولي ولا محكمة جنائية دولية ولا أي شيء اخر.

اما الغرب الذي يتغنى بالمثل الانسانية والعلم والتقدم والتحضر وحقوق الانسان فالاسرائيلي يمعن في قتل الأطفال والنساء وهدم البيوت لا يسمع لا يرى واذا نطق فهو ينطق بالباطل يهلل للقاتل ويتهم الضحية. أين هي المؤسسات الدولية و الحقوقية؟

ففي ايلول سبتمبر الماضي وما قبله بتشرين الاول اكتوبر 2020، قامت حليفة اسرائيل بقتل وتهجير أصحاب الأرض في أرتساخ من دون أن تقوم جميع هذه الجمعيات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة بشيء سوى الشجب والاستنكار... ولم تحرك الدول التي تدعي الديموقراطية وحرية الانسان بارسال اساطيلها وجيوشها للدفاع عن الديموقراطية بوجه الديكتاتورية، فهي أيضا اكتفت بذرفع دموع التماسيح ولم تقم حتى بادانة اعمال حليفة اسرائيل (اذربيجان).

فمشهد اليوم لا يفاجئ الشعوب المضطهدة أن الأمم المتحيزة وقبلها عصابة الأمم لا يكترثون لحقوق الشعوب، تراهم يبيدون شعبا في ارتساخ من اجل استرضاء دولة ديكتاتورية ارهابية لتمرير الغاز تحت معادلة دم الشعوب مقابل الغاز وسلخه عن ارضه، وتراهم اليوم يقفون الى جانب دولة عنصرية تقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتستوطن اراضيهم...

فهذه المجتمعات التي تتغنى بحقوق الانسان وحقوق المثليين وتروج للشواذ هي مجتمعات كاذبة مجرمة سارقة. فلا يكفي أن تتوقف آلة القتل الاسرائيلية، وليس مهما ان تصدر البيانات التي تذكرنا بقرارات الأمم المتحدة التي لا تكترث لها اسرائيل اصلا حول حل الدولتين... الأهم أنه ان لم تتم ادانة اسرائيل لما ارتكبته وتترتكبه من جرائم وعطشها الدائم للدم، فكل الحلول تصبح باطلة.

فها هي اليوم تقصف في سوريا وترسل الطائرات المحملة بالأسلحة الى حليفتها وشبيهتها اذربيجان، وبالطبع لا يغفل عنا توأم اسرائيل تركيا اردوغان المتفرج الذي يدعي بالدفاع ونصرة المسلمين والاقصى لم يحرك اساطيله للدفاع عن الفلسطينيين...

فمن أطفال لبنان الشهداء وأطفال سوريا والعراق وارتساخ الذين قتلوا وذبحوا بصواريخ الديومقراطية وحقوق الانسان، ألف تحية الى أطفال غزة وفلسطين.

اخيرا، عصابة الأمم فشلت في مهمتها فولدت حربا عالمية... فهل الأمم المتحيزة ستصبح يوما ما أمم متحدة...؟


الأكثر قراءة

«قنبلة» النزوح لا حلول لها... بكركي تعدّ «خارطة طريق» المقاومة» تكسر التوازن» جنوباً وترتقي استخباراتياً