اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لنقرأ ملياً حيثيات مقالة توماس فريدمان الأخيرة في "النيويورك تايمز"، بعد زيارته "لاسرائيل"، كصحافي (يهودي) بارز على علاقة وثيقة بأركان "الأمبراطورية العميقة".

الدولة العبرية على أبواب الهاوية (أو على أبواب النهاية)، اذا بقيت في جنونها الاسبارطي. كليمنت ميترنيخ، نجم مؤتمر فيينا، افترض عام 1815  حتمية "الجنون الديبلوماسي" بعد الجنون العسكري.

كلام في منتهى الحساسية حول الأخطار التي تهدد "اسرائيل التي انهارت فيها نظرية الاحساس بالأمان. ولقد أدركت فور وصولي أن الكثير من الأشياء تغيرت، وأن هناك مخاطر حقيقية تواجهها "اسرائيل" حالياً، ولم تواجه مثلها منذ عام 1948".

في طليعة هذه المخاطر، تهديدات حقيقية من مجموعة أعداء بوجهات نظر ايديولوجية وبأسلحة حديثة، مشيراً الى "قدرات عالية  وصواريخ بعيدة المدى  ومسيّرات  وامكانات تقنية لشن هجمات الكترونية"، قاصداً بذلك حركة حماس وحزب الله، اضافة الى الحشد الشعبي وأنصار الله. كما أن فلاديمير بوتين "يحتضن" حماس.

الخطر الثاني أن "الحرب البرية والقتال في الشوارع والأزقة، قد يؤدي الى سقوط آلاف الضحايا من الأطفال والنساء (غريب اغفاله الغارات الجوية الهمجية). في هذه الحال لا يستطيع الرئيس جو بايدن الاستمرار في تقديم الدعم "لاسرائيل"، الا اذا كانت مستعدة للانخراط في المبادرات الديبلوماسية المرتبطة باطار زمني للحرب".

الخطر الثالث بنيامين نتنياهو، اذا أن لدى "اسرائيل أسوأ زعيم في تاريخها، وربما في تاريخ اليهود" .

فريدمان، وان كان يحاول أن يبدو موضوعياً في مقارباته للمشهد ـ وهو من صاغ المبادرة الديبلوماسية العربية، ودون أن تلحظ حق العودة التي أقرتها قمة بيروت عام 2002 ـ خائف على "اسرائيل" (من "اسرائيل").

واضح أنه، بمقالته يدق كل نواقيس الخطر. اختزل القلق الاميركي من "اسرائيل" وعلى "اسرائيل"، التي دفعت بالولايات المتحدة الى وضع معقد للغاية، وقد يزداد تعقيدأ مع ظهور معارضة لها وزنها وتأثيرها، داخل كل المؤسسات الحساسة في الدولة الأميركية.

ما يستدل من المقالة أن البيت الأبيض لن يذهب الى حيثما يريد نتنياهو أن يذهب. في لحظة ما قد يتوقف الدعم ـ وهذا يستند الى أقوال مستشارين كبار ومؤثرين داخل الادارة، التي تريد لنتنياهو أن يتنحى ليتم تشكيل خكومة "وحدة وطنية"، لا من أجل المضي في الحرب (وهذا ما قيل لأهل القمة في الرياض)، وانما من أجل تشكيل رؤية بديلة للمشهد. لن يزول الخطر على "اسرائيل"  أو يتقلص، الا اذا حل منطق الديبلوماسية محل منطق الحرب. ولكن من تراه يقنع الذئب بخلع أنيابه؟ جورج حبش كان يقول "هل يمكن للبرابرة أن يرتدوا وجوه الملائكة"؟

معلومات مؤكدة تقول أن قمة الرياض، وقد وصفت بالطارئة بعد أكثر من شهر على طوفان الدم في غزة، لم تعقد الا بعد تلقي تعهدات من واشتطن بأنها ستضغط على "اسرائيل" (في هذه السنة الانتخابية؟) للدخول "الجدي" الى ردهة المفاوضات.

بشكل أو بآخر، تفاعل عربي واسلامي مع التأكيدات الأميركية. ولكن أي عرب، وأي مسلمين (مضحك مبكي مصطلح "العالم الاسلامي")؟ لا لمسة عسكرية في القرارات ولو عن بُعد.  مَن يضمن ألا يعود الأميركيون الى ديبلوماسية الاجترار أو الالتفاف، التي يمارسونها منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي 242 (1967 )؟

لكن فريدمان تحدث عن "أشياء كثيرة" تغيرت في "اسرائيل". هل يمكن في المقابل ألاّ تتتغير "أشياء كثيرة" في أميركا؟

نتنياهو أمام مأزق شخصي قد يضعه وراء القضبان. ولكن، أليس من الممكن داخل هذا الضجيج، وبعد توسيع نطاق الغارات الى الزهراني، وقد تصل الى الأبعد، أن يقدم على خطوة ما لتوريط الأميركيين في حرب كبرى؟

واثقون من أن المايسترو الذي يقود المشهد في لبنان قادر أن يضبط  بالقوة الضاربة معسكر المجانين في "اسرائيل". ماذا عن مجانين أميركا؟ فريدمان أوحى بأنهم خارج اللعبة، وأن رأس نتننياهو الذي بين يدي السيد حسن نصرالله، قد يكون أيضاً بين يدي جو بايدن!


الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران