اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الأشد هولاً من نكبة 1948. لا دولة عربية على خط النار. بعد 75 عاماً، كيف لأمة بتلك الترسانات البشرية والمالية والعسكرية، أن تبقى في قاع الأمم وفي قاع الأزمنة ؟ لم يعد الحديث عن "لعبة الأمم. "هلاّ حدثتنا، أيها السيد ريتشارد هيلمز عن لعبة القبائل ؟

أقل بكثير من لعبة القبائل، لكأننا لا نصلح حتى أن نكون أبطال الرسوم المتحركة. على مدخل جامعة الدول العربية، لوحة كتب عليها "متحف لتماثيل التنك".

" الاسرائيليون" يفكرون هكذا: اذا زالت غزة زالت فلسطين بعدما تم تقطيع الضفة الغربية، لتبدو المدن والبلدات العربية أشبه ما تكون بالبانتوستانات ابان النظام الأبيض في جنوب أفريقيا. الأميركيون يعيدوننا الى الثلاجة اياها حين يتحدثون عن حل الدولتين. احداهما على الأرض والأخرى في... الهواء!

ما عليكم الا أن تسألوا الله " أيها الله، أما من أرض ميعاد للفلسطينيين"؟ لعلكم تعلمون ما عدد المساجد، لا عدد معاهد الأبحاث في العالم العربي. كل يوم أكثر من 5000000000 صلاة. ألا تصل واحدة، واحدة فقط، الى الله لكي يرد على سؤالنا؟

لا أحد سوى "اسرائيل"، ومنذ انشاء الأمم المتحدة، يوجه الاهانة تلو الاهانة الى الأمين العام للمنظمة أنطوني غوتيريتش. رجل من البرتغال قال ما لم يتجرأ أي حاكم عربي على قوله. ربما لأنه قرأ ما كتبه خوسيه ساراماغو عن "أولئك الذين يكتبون بأحذيتهم على دفاتر الأطفال". تلك الغرنيكا اليومية ـ اذا استنطقنا بابلو بيكاسو ـ هزت حتى أعصاب الشيطان ولم تهز حتى شاربي أي من أولياء أمرنا. أيها السيد العار، هل يصل اليك صراخنا ؟

ايلي كوهين خائف من أن يزداد الغضب العالمي (لا العربي) دوياً. اعتراف أمام الملأ بأن المؤسسة اليهودية التي حولت القادة الغربيين الى "قهرمانات الهيكل"، قد أخفقت في اسكات من يرفعون الصوت في نيويورك وفي لندن وفي مونتريال. على احدى اليافطات "لا تفعلوا بأطفال غزة ما فعلتموه بالسيد المسيح".

كنا نتمنى لو كانت هناك جامعة للدول العربية، لا الحرملك الأميركي الذي يقف أحمد أبو الغيط على بابه، لكي نتلقف تلك اللحظة الدولية ونوظفها لخدمة القضية. ولكن ألا يقال لنا أن تلك التظاهرات تخيف حكام العرب أكثر مما تخيف حكام "اسرائيل". من هنا نقول للمتظاهرين "من فضلكم حين تصرخون في وجه البرابرة تذكروا أن من يمتطون ظهورنا ورؤسنا، هم ظل لأولئك البرابرة".

ألم تكتشف المقاومة في لبنان، والأغلب أنها اكتشفت من زمان، لو لم تكن المشكلة فينا، نحن بقايا الف ليلة وليلة، لما كانت هناك "اسرائيل" ولما كان هناك "اسرائيليون". واذا كنا قد بقينا في الغيبوبة العثمانية نحو أربعة قرون، قد تجرنا الغيبوبة الأميركية، بتلك المخالب التكنولوجية الهائلة، الى يوم القيامة.

ما ظهر من بطولات ان في لبنان أو في غزة أو في الضفة، يجعلنا لا نأخذ بالدعوة غير المباشرة للأخضر الابراهيمي، بالبكاء على فلسطين مثلما بكينا على الأندلس. "الحاخامات" الذين طالما دعوا "الملائكة المدمرة" لسحقنا، هم الذين يبكون الآن لأن بسبب قصور القادة عن اقتلاع "الأغيار" من أرض الميعاد.

ولكن أي مشهد عربي الأن، ولا يدعو الى الفجيعة. من لبنان الى سوريا، ومن العراق الى اليمن، ومن ليبيا الى السودان والصومال (هل مصر بخير اذا علمنا ما يتم اعداده حتى لنهر النيل ؟). كل هذه الخريطة من المحيط الى الخليج، ان لم تكن الحطام السياسي أو الحطام المالي، فهي الحطام الاستراتيجي. حتى قيادة القيادة الوسطى الأميركية التي تحمي "اسرائيل" على أرضنا...

لكننا لا نستطيع الا أن نسأل "ماذا تبقى من غزة" ؟ بل "ماذا تبقى من فلسطين" ؟ لعل الأهم "ماذا تبقى من العرب"؟ اذا أدركنا ما النتائج الكارثية لاستراتيجية اللامبالاة، فيما الآخرون يحفرون الزمن بأظفارهم؟

" الاسرائيليون" اليوم، وهم في ذروة الانكسار، ليسوا خائفين من العرب ـ عرب الصراخ على الشاشات، أو عرب الأرائك الفاخرة ـ خائفون من تلك الأصوات الآتية من البعيد، ولطالما هلل ذاك البعيد لهم...

ألم يسأل جدعون ليفي "هل يتبقى لنا مكان في العالم اذا غضب منا وعلينا هذا العالم "؟

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت