اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ذكّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مؤتمر الإعلان عن "اليوم العالمي السابع للفقراء" في الصرح البطريركي في بكركي بدور الكنيسة في الوقوف الى جانب الفقراء، انطلاقاً من رسالة البابا فرنسيس عن هذا اليوم الذي يصادف يوم الأحد المقبل في 19 تشرين الثاني الجاري بعنوان "لا تُحوّل وجهك عن فقير". ودعا الكنيسة في مختلف الرعايا والأبرشيات الى إحيائه وعيشه بمفهوميه الروحي والإجتماعي، طالباً منها "تقديم مبالغ من الأموال بقدر امكاناتها وتقديم الصواني يوم الاحد لمساعدة أهلنا في الجنوب". وقال: "كما تم الاتصال بكل مؤسساتنا في هذا الإطار أيضاً. وهذه المؤسسات لم تقفل أبوابها بوجه أحد من مستشفيات ومدارس وجامعات، ونحن نعلم ماذا في الداخل. كما طلبنا أيضاً من "كاريتاس لبنان" المشاركة والمساهمة في هذا الجهاز الاجتماعي الراعوي الرسمي للكنيسة، وفي المساعدات الخارجية التي تعمل وفق برامج متنوعة".

غير أنّ كلام الراعي عن "لمّ الصواني وتقديمها لأهلنا في الجنوب"، قد أثارت الحساسية لدى أحد الشيوخ من دون معرفة الأسباب، فتطاول على كلام البطريرك الراعي، واتهمه بأمور باطلة لا صحة لها ولا طائل تحتها، ولا مجال لإعادة تكرارها. وتقول مصادر مسيحية مواكبة لما حدث، بأنّ "التطاول على البطريرك الراعي مرفوض بالمطلق، كونه تحدّث من إطار إنساني واجتماعي وروحي. ثمّ أنّ الوقت ليس لردود الفعل التي لا منطق من ورائها، وليس لإثارة الحساسيات والأحقاد على أساس طائفي".

وأوضحت المصادر: "كلّ ما في الأمر أنّ البطريرك الراعي ذكّر بدور الكنيسة في مساعدة أبناء المجتمع الواحد من دون أي تفرقة أو تمييز على أساس الدين والعرق والطائفة، والوقوف الى جانب المحتاجين من دون أي خلفيات سياسية أو دينية، على ما فسّرها البعض.  من هنا، فما قاله البطريرك الراعي لم يأتِ في سياق "التباهي"، وفق المصادر نفسها، إنّما في إطار توصيف الواقع. فمؤسسة "كاريتاس لبنان" على سبيل المثال، فضلاً عن مؤسسات أخرى، تُقدّم المساعدات لكلّ من يطرق بابها من دون سؤاله الى أي منطقة أو طائفة ينتمي. وهذا أمر واقع وصّفه البطريرك الراعي، وهو أكثر مَن يعلم بأنّ "ما تقوم به اليد اليُمنى لا يجب أن تعرف به اليد اليسرى"..

أمّا الشيخ المنتقد فلا يُمثل أهالي الجنوب، تضيف المصادر، الذين اضطروا الى النزوح من منازلهم بسبب الحرب الدائرة في المنطقة الجنوبية الحدودية، ولهم وحدهم أن يُقرّروا قبول هذه المساعدة أم لا، وإن ادّعى بأنّهم غير محتاجين الى مثل هذه المساعدة.أمّا اتهام البطريرك الراعي "بالصهيونية" فهو أمر لا يجب التعليق عليه، على ما قالت المصادر، لأنّه سيُعطى أكثر من حجمه. فالجميع يعلم أن لا صحّة لمثل هذه الاتهامات والافتراءات الباطلة التي لن تفيد لا المنتقد ولا البطريركية ولا لبنان في شيء، إذ لا يمكن الاستثمار في الأكاذيب المضلّلة، إنّما تخدم العدو الصهيوني نفسه، المتربّص لما يجري في الداخل

اللبناني، ويفيده أن يكون هناك خلافات بين رجال السياسة كما بين رجال الدين، لكيلا تتمكّن الدولة من اتخاذ أي قرار موحّد في حال تعرّض لبنان الى عدوان عسكري خطر من قبل العدو الإسرائيلي.

وأكّدت المصادر المسيحية عينها، أنّ الكنيسة لا تردّ على مثل هذه المزاعم لأنّ هدفها الأول والأخير من إحياء "ليوم العالمي السابع للفقراء" هو المساعدة، والعمل على تأمين الحاجيات الأساسية من مأكل ودواء وإستشفاء لكلّ من يقصدها طالباً العون، فضلاً عن وقوفها من خلال الشعور والعاطفة والاستماع الى كلّ محتاج، لأنّ المساعدة لا تقتصر فقط على تأمين المال بل تخصيص الوقت اللازم لكلّ شخص معوز.

واكدت المصادر ان ما يجعل أبناء الكنيسة يقومون بهذه المساعدة الاجتماعية من خلال المتطوّعين بوقتهم ومالهم مجّاناً، فهي المحبة التي تقود الرعايا والأبرشيات خلال تقديم المساعدة لكلّ سائل أو محتاج طوال أيّام السنة، وليس فقط في "اليوم العالمي للفقراء". وقالت المصادر أنّه بإمكان الكنيسة الدفاع عن نفسها تجاه هذه الإتهامات المغرضة، غير أنّها تُفضّل التعالي وعدم الدخول في متاهات غير مجدية، ولا تصبّ في أهدافها الإنسانية والإجتماعية. ودعت المصادر المنتقدين الى إعادة حساباتهم وقراءاتهم لأداء الكنيسة ،الذي يهدف الى بناء المجتمع وليس الى التفرقة على أساس ديني وطائفي، كما الى وضع يدهم بيد البطريركية المارونية لما فيه خير ومصلحة الشعب اللبناني والوحدة الوطنية بعيداً عن الطائفية، والاتهامات المغرضة التي لا يصدّقها أي عاقل كونها لا تمت الى الحقيقة بأي صلة.

وذكّرت المصادر بأنّ الكنيسة لا تُمنّن بما تقوم به، غير أنّ اللفتة أو المبادرة الإنسانية التي دعا اليها البطريرك الراعي تأتي تزامناً مع "اليوم العالمي السابع للفقراء"، ومع ما يعيشه اللبنانيون النازحون من الجنوب بسبب الحرب الدائرة هناك، إذ يطلب البابا فرنسيس من الكنيسة أن تُحيي هذا اليوم من خلال تقدمات، وأمور رمزية تقوم بها للشعور مع كلّ فقير ومحتاج. هذا الأمر الذي قد لا يفهمه البعض إلّا في إطار ضيّق وبعيد عن الواقع.


الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران