اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

نتصور، ونكاد نجزم، بأن آموس هوكشتين قال لببنيامين نتنياهو، ولكل من التقاهم في "تل أبيب، "اياكم والمغامرة في لبنان. عين "حزب الله"ـ العين الحمراء ـ على منصات الغاز الذي هو رصيدكم الاستراتيجي أن على المستوى الاقتصادي، أو على المستوى السياسي . ما يعني أن ما بنيتموه على مدى 15 سنة يمكن أن يتحول الى حطام في 15 ثانية".

هذا أحد الاسلحة التي يستطيع الحزب من خلالها ضرب اسرائيل في القلب. الأميركيون يعتبرون أن "السلاح الرهيب" في يد السيد حسن نصرالله أنه يستطيع تفجير الشرق الأوسط، من باب المندب، ومضيق هرمز، الى ضفاف المتوسط، ساعة يشاء . وهنا الضربة القاضية حتى للأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة ...

الأميركيون اياهم يعتبرون أن "حزب الله" يعرف كيف يلعب على نقاط الضعف الاسرائيلية . منذ عام 1956، بدا واضحاً أن الفلسفة العسكرية في اسرائيل تقوم على توجيه الضربات الصاعقة، لعجزها عن خوض حروب لأشهر، أو لسنوات . هذا ما يدركه القادة العسكريون للحزب الذين تتمحور خططهم على الاستنزاف المنهجي (الاستنزاف القاتل)، للطاقات الاسرائيلية بالحرب الطويلة الأمد ...

هذا الوضع لطالما أحدث ارتباكاً داخل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، ليظهر في الخلافات بين قيادة هذه المؤسسة والقيادة السياسية . وحتى في الحرب على غزة، لاحظنا كيف أن جنرالات احتياط ينتقدون أداء الحكومة، والى حد وصف أركان الائتلاف حيناً بالعمى، وحيناً بالنرجسية، حين يعطون الأولوية لبقائهم لا بقاء الدولة.

ما يشغل قوى اليمين "التصدع الدراماتيكي في الرأي العام الغربي" لمرأى آلاف الجثث في غزة . شلومو ساند قال انه لا يستطيع أن ينام لأن صراخ الموتى يلاحقه الى الفراش. ثمة شخصيات يهودية بارزة على ضفتي الأطلسي ترفع صوتها في وجه ذلك الائتلاف البربري. المؤرخة الأميركية آفيفا تشومسكي تساءلت "كيف لي، وكيف لأنبيائنا، أن نغتسل من هذا العار ؟".

لا ضرورة للتأكيد بأن لا سرائيل من دون أميركا. ناحوم غولدمان، وهو أحد آباء الدولة، قال "لولا الرئيس ودرو ويلسون لكان من المستحيل صدور وعد بلفور". ولكن للبيت الأبيض حساباته الدقيقة ما دام التاريخ يدور مثلما تدور الكرة الأرضية . بالكثير من الحذر يتعاطى مع لعبة النار في الشرق الأوسط الذي سبق ووصفه روبرت ماكنمارا بـ المنطقة الضائعة بين السماء والأرض ...

أكثر من مأزق يواجهه الأميركيون في هذه المنطقة، حتى أن دولاً لطالما سارت ميكانيكياً على الخط الأميركي، بدأت بالتحول نحو سياسات متعددة الخطوط . ولكن يبدو أن تركيز واشنطن على الجبهة اللبنانية. من هنا ايفاد هوكشتين الى تل أبيب، ليس فقط كممثل اللوبي اليهودي داخل الادارة، وانما ايضاً لأن أهل السلطة في الدولة العبرية يعلمون بلسان من يتكلم ...

لكن الاسرائيليين ما زالوا يراهنون على الدور الذي يمكن أن تضطلع به أحصنة طروادة (وهنا أحصنة أورشليم) في الداخل اللبناني. البلد، ووسط ذلك التسيّب المريع، مخترق حتى العظم، ومشتت حتى العظم . وهذا هو رهان اصحاب الرؤوس الملتهبة في اسرائيل والذين يعتبرون أن هذا هو الوقت المثالي لتفجير الحالة اللبنانية .

انطلاقاً من كل ذلك، لا يمكن التعاطي مع غارة بيت ياحون الا كونها ظاهرة خطيرة، ليس لأن الأميركيين وضعوا كل امكاناتهم التكنولوجية (أقمار صناعية ورادارات حاملات الطائرات والبوارج المتخصصة)، بتصرف القيادة العسكرية الاسرائيلية، وانما لأن العيون الداخلية، المبرمجة اسرائيلياً، هي الآن في ذروة نشاطها .

في نظرنا أن الاسرائيليين كانوا يعلمون بوجود الشهيد عباس محمد رعد (أيها الحاج العزيز شرف لكل لبنان أن ينضم سراج الى هادي نصرالله في سجل البطولة) . ضربوا لاستثارة أعصاب الحزب لأن هناك من يتعامل، بالهيستيريا اياها، مع الجبهة اللبنانية . اقرأوا ماضي يوءاف غالانت ومدى ارتباطه التوراتي بـ "ثقافة الدم" .

على يقين بأن قيادة "حزب الله" تعي، الى ابعد الحدود، كل ما حولها في الداخل، وفي الخارج، وبأن الامكانات العسكرية (والالكترونية) للحزب أكثر فاعلية بكثير مما نتصور . هذا ما يدركه الاسرائيليون، لذلك نراهم خطوة الى الأمام وخطوة الى الوراء . أيام صعبة لـ "أحصنة أورشليم".  أعيدوا النظر بحساباتكم ...


الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل