اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

منذ انهيار الليرة اللبنانية امام الدولار، وكل ما له علاقة بشؤون الناس من غذاء وكساء واستشفاء وطبابة في تراجع وانهيار متواصل... كل اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، والايجارات والنفقات على انواعها واشكالها ارتفعت وتضاعفت عشرة اضعاف ، ولكن بقيت الرواتب والاجور على حالها رغم مضاعفتها، الا انها لم تصل الى مستوى الاسعار المضافة خاصة لقمة العيش، والاستشفاء والطبابة والدواء...

كيف يستطيع موظف لا يتخطى راتبه مئة وخمسين دولارا في احسن حال، ان يكفي عائلته، ويؤمن قوتها وطبابتها استشفاء ودواء...؟

في ظل الواقع المأسوي الذي تعيشه البلاد، تمرّ عكار باصعب الظروف على صعيد القطاع الاستشفائي... فقد شهدت عكار نهضة استشفائية في ثمانينيات القرن الماضي، تمثلت بافتتاح عدة مستشفيات في حلبا والقبيات، والى جانبها نشأت مستوصفات ومراكز صحية، مع هيئات ضامنة ومؤسسات تقدم خدمات صحية واستشفائية مجانية وشبه مجانية. وقد بلغ عدد المستشفيات الخاصة اربع ، ومستشفى حكوميا واحدا في حلبا.

الا ان هذه النهضة، بدأت بالتراجع والتدهور منذ انهيار الليرة، حتى بلغت مرحلة شبه افلاس قاربت حدود الاغلاق النصفي لاكثر من مستشفى، مع تراجع مروع في الخدمات الصحية، وأعاد المنطقة الى عهد الفراغ الاستشفائي، حين كان المريض يضطر الى الانتقال الى طرابلس والى بيروت...

حتى المستشفى الحكومي، رغم الوعود المغدقة، باتت هي ذاتها بحاجة الى عناية فائقة مما تعانيه من ازمات عديدة، حيث تعمل ادارته في ظروف صعبة غير قادرة على مواكبة حاجات المرضى وواقعهم المالي المتدني، كما ان غرفها متهالكة تتسرب من جدرانها مياه الامطار، وأسرة غير مطابقة للسلامة العامة، وتنبعث في اروقة المستشفى روائح المطبخ. علما ان المستشفى تحوي على احدث الاجهزة الطبية ...

اما المستشفيات الخاصة فبات ادائها غير متوازن، ولا يفي بحاجات الاستشفاء، والاهتمام ينصب على كيفية تسديد مبالغ الاستشفاء بالدولار قبل المباشرة بالمعاينة الطبية، كيف ذلك ورواتب الموظفين لا تزال بالليرة اللبنانية، وبالكاد تبلغ مئة دولار كأعلى راتب يقبضه موظف محظوظ.

اجنحة كثيرة في المستشفيات اقفلت، وتقتصر الطبابة في بعضها على خدمات قسم الطوارىء، والبعض منها مهدد بالاقفال النهائي... وبذلك تقارب عكار مرحلة أفول الازدهار الاستشفائي .

ما تعانيه عكار، مترافق مع روايات تروى عن مستشفيات ومعاناة مرضى، اقتضى رفع هيئات اجتماعية عكارية اصواتها باتجاه وزارة الصحة اولا، للانتقال من مرحلة الوعود الى حيز التنفيذ، وانصاف موظفي المستشفى الحكومي في حلبا بما يكفيهم لرفع مستوى الاداء، وقبل ذلك تأهيل المبنى والغرف والأسرة. كما طالبت الهيئات من نواب المنطقة والمرجعيات بالالتفات الى قطاع الاستشفاء في عكار لانقاذه، قبل الوصول الى المرحلة الاخطر باقفال المستشفيات، وبالتالي والاهم مراجعة ادارات المستشفيات الخاصة لرسوم الاستشفاء بما يتناسب مع واقع المواطنين المزري لجهة الرواتب والمدخول. فعكار الاكثر تأثرا بما بلغته البلاد من انهيار مالي ومعيشي.