اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بدأت دائرة المواجهات العسكرية عند الحدود الجنوبية بين حزب الله والعدو الإسرائيلي تتوسّع خلال الأيام الماضية، وقد وصل القصف "الإسرائيلي" الى بلدات لبنانية بعيدة عن الخط الأزرق، مثل النبطية ومارون الراس، ما أثار القلق عن احتمال استكمال التصعيد بدلاً من خفضه، لا سيما مع المحاولات الدولية لتجنّب التصعيد. وعبّر المتحدث الرسمي باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي عن هذا التحوّل المثير للقلق في تبادل إطلاق النار، بما في ذلك استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق، معتبراً "أنّ الهجمات التي تستهدف المدنيين تُشكّل انتهاكات للقانون الدولي وجرائم حرب". وقال "إن الدمار والخسائر في الأرواح والإصابات التي شهدناها تثير قلقاً عميقاً، ونناشد جميع الأطراف المعنية وقف الأعمال العدائية على الفور لمنع المزيد من التصعيد". فهل هذا يعني أنّ الأمور ستتطوّر؟ أم سيتمّ لجمها رغم كلّ التهديدات "الإسرائيلية" المتواصلة بتوسيع الحرب؟!

أوساط ديبلوماسية متابعة لما يحصل عند الجبهة الجنوبية الحدودية قالت بأنّ الإعتداءات "الإسرائيلية" خرقت القرار 1701 مرّات عدّة منذ بدء العمليات العسكرية، وهي تتعدّى على السيادة اللبنانية، لا سيما مع استهداف المدنيين الذين يقتلون بسبب الغارات "الإسرائيلية" بين الحين والآخر، وآخرها استشهاد 7 أشخاص من عائلة واحدة في غارة على شقّة في بلدة النبطية. ولهذا يجب تكثيف الجهود الديبلوماسية لحثّ مجلس الأمن على اتخاذ قرار ما يمنع استمرار الحرب، أو على الأقلّ يوقف التصعيد الأمني عند الحدود الجنوبية، للحفاظ على سلامة السكّان اللبنانيين. وتتحضّر وزارة الخارجية والمغتربين لتقديم شكوى عاجلة ضدّ "إسرائيل"، بناء على طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إزاء تمادي العدوان الإسرائيلي وسقوط الشهداء من المواطنين والدمار الهائل الذي يتسبّب به.

وتجد الاوساط بأنّه لا يجب الإكتفاء بتقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي رغم أهميتها، وهي تأتي في سياق شكاوى عدّة تقدّم بها لبنان الى مجلس الأمن، منذ بدء المواجهات العسكرية جنوباً عن خرق "إسرائيل" للقرار 1701، وتتضمّن استنكار وإدانة لبنان لاستهداف المدنيين، والطلب من المجتمع الدولي التحرّك لوقف الحرب، لا سيما مع المساعي الدولية التي تُشدّد على ضرورة التهدئة ودعوة جميع الأطراف الى الإلتزام بعدم التصعيد. ويُطالب لبنان في الوقت نفسه الدول المعنية بالمبادرات، القيام بخطوات حثيثة للجم العدو الإسرائيلي عن التمادي في عدوانه، أكان في غزّة، وفي رفح أخيراً، كما في جنوب لبنان.

وأشارت الأوساط نفسها الى أنّ "اليونيفيل" تقوم من ناحيتها بما يتوجّب عليها القيام به، وتتواصل مع الأطراف المعنية بهدف التخفيف من حدّة التوتّرات، واستعادة الهدوء والإستقرار عند الخط الأزرق. كما أنّها تواصل مساعيها وعملياتها على الأرض ، من ضمن مهامها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين لتأمين سلامة الجميع، والحفاظ بالتالي على سلامة جنودها، رغم مواجهتها تحديات ومخاطر كثيرة في المرحلة الراهنة.

لهذا اعتبرت الاوساط أنّه على الدول المشاركة في قوّات "اليونيفيل" في الجنوب وعددها 47 دولة حالياً، والتي تضمّ ما مجموعه 10 آلاف و135 حندياً لحفظ السلام، أن تسعى للضغط على "إسرائيل" لوقف إطلاق النار ومنع التصعيد عند الجبهة الجنوبية، حفاظاً على سلامة جنودها والسكّان، ولتجنيب لبنان والمنطقة أي حرب شاملة. وما أفادت به قوّات "اليونيفيل" عن "حدوث ما وصفته بالتحوّل المثير للقلق في تبادل إطلاق النار بين "القوّات الإسرائيلية" وجماعات مسلّحة في لبنان، بما في ذلك استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق"، لا بدّ من أخذه في الإعتبار من قبل مجلس الأمن، سيما وأنّها لفتت الى أنّه "تصعيد خطير ويجب أن يتوقّف".

من هنا، تبرز أهمية التوصّل الى حلّ ديبلوماسي، على ما أضافت الأوساط عينها، سبق وأن طرحه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، وينتظر موافقة الطرفين لاستكمال مساعيه والمفاوضات غير المباشرة، لإظهار الحدود البريّة وتطبيق القرار 1701. غير أنّه لا بدّ من التهدئة أولاً في غزّة كما في جنوب لبنان، لكي يتمكّن من العودة ومناقشة التفاصيل، وكيفية تطبيق الإنسحاب "الإسرائيلي" من الاراضي اللبنانية المحتلّة على أرض الواقع.

وعن إمكانية توسّع الغارات الجوية "الإسرائيلية" التي تقوم بها عبر المسيّرات، ذكرت الاوساط بما سبق وأن أعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير عن "إن توسّع نوسّع"، أي إذا قرّرت "إسرائيل" توسيع الحرب فإنّ حزب الله سيكون جاهزاً لتوسيعها أيضاً. ولا بدّ من ردّ حتمي بعد ما جرى في النبطية أخيراً من جانب الحزب، الذي حذّر العدو من توسيع دائرة الحرب لأنّها ستُقابل بردّ قوي. وهذا لا بدّ وأن يُشكّل رادعاً "للإسرائيلي"، الذي يعلم تماماً أنّ الحزب يعني ما يقوله. ولهذا عليه العمل على وقف إطلاق النار، والذهاب الى الحلّ الديبلوماسي، بدلاً من مواصلة التهديدات والإعتداءات التي لن تُقدّم ولن تؤخّر.


الأكثر قراءة

طوفان الأجيال في أميركا