اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حدث لافت يحمل كل معاني الخزي والعار، مع كثير من الاسى، حين تطاول متطاولون على شعار الحركة السورية القومية الاجتماعية، في ذكرى مولد المؤسس الزعيم انطون سعاده عند مدخل منطقة الضنية الخضراء... ما كان للحاقدين الجرأة على نزع اللافتة،  "لو أن في هذه الجموع رجالا".

بات التطاول سهلا... وما حصل في الضنية، قد يحدث في اي منطقة اخرى، بعد تدحرج الاحزاب "السورية القومية الاجتماعية" من القمة التي وصلوا اليها في زمن مضى، وبات مجرد ذكريات للقوميين الاجتماعيين، الذين هجروا او ركلهم" بغل الاحزاب".

كان مفترضا ان تكون ذكرى الاول من آذار مناسبة للاحتفاء بفرح الولادة،" انبثاق الفجر من الليل، حين خرجت الحركة من الجمود، وانطلقت من وراء الفوضى قوة النظام، واصبحنا أمة هادية للأمم"، نار ونور، نور لمن اهتدى، ابناء النور... ونار على ابناء الظلمة...

كان مفترضا ان تكون مناسبة لاثبات الايمان القومي الاجتماعي، بنفض غبار عن ركام الظلم اللاحق بسعاده على ايدي اتباعه قبل اخصامه، وتبديد ظلمات ايادي اللاهثين خلف المناصب والمكاسب، اولئك الذين انتفخت لديهم" الأنا" فأوغلوا في الاعيب السياسة السوداء، مكيافيلية دكناء...

"الاحزاب" اليوم غوغاء، ضاع فيها الفكر والنهج والقيم والمناقب، وحلت المثالب بكل اشكالها، حتى الاخلاق التي قال عنها سعاده انها في صميم كل نظام يكتب له النجاح وبدونها يفشل... سقطت .. لم تعد المكاتب الحزبية خلية نحل، غابت عنها الندوات التثقيفية المتواصلة، وغابت اللغة النهضوية... لم تعد مكاتب عمل حزبي انشائي...

"احزاب" مترهلة، تساهلت في تطبيق النظام والدستور، غيبت الفكر، تمارس مفاهيم السياسة التقليدية الرجعية، فتراجع حضور حزب سعاده، ليتقدم حزب الشخص...

غُيّب الزعيم وحضر " الاشخاص".. غابت القيم، وسادت الموبقات والمثالب، ومن " اذا سار قوميا اجتماعيا على الطريق يشار اليه"... الى " اذا سار عضوا في "الاحزاب" تروى حكايا الانقسامات والتشتت والفلتان"...

مؤلمة ذكرى الاول من آذار، إذ نحمل قناديل النور نفتش عن سعاده في دهاليز اولئك الرافعين شعار الحزب... في الاول من آذار، ماذا تقول " الاحزاب" السوري القومي الاجتماعي للقوميين، وللمواطنين ولكل ابناء الامة؟ كيف تستطيع شرح مفاهيم الوحدة، وهي مشلعة مفتتة؟

وكيف تستطيع التحدث عن النظام الجديد والانسان الجديد، ومفاهيم الحرية والواجب والنظام والقوة، وقيم الحق والخير والجمال، وهي تمارس سياسة النظام القديم العفن، سياسة الرجعة، ومسالك الفساد، وانحطاط القيم؟

بأسى يأتي الاول من آذار، وقد تفاقم الشرخ، وازداد الترهل والانحدار، وتفرق القوميون...

ما عادت القوى السياسية، تقيم وزنا للحزب... فيما مضى كانوا يتسابقون للتحالف مع "القومي"، ويحسبون له الف حساب له... فقد دخل الحزب الى البرلمان اللبناني بكتلة من 8 نواب، ثم تراجع حتى اصبح خارج الندوة البرلمانية لاسباب ليست مجهولة ويعرفها الجميع.

عندما غمرت مشاعر الغربة مئات القوميين داخل حزبهم، تلفتوا يمنة ويسرة فلم يعثروا على سعاده، خرجوا من " الاحزاب" الى سعاده، الذي لم يخرج من عقلهم وفكرهم ووجدانهم...

فرغت " الاحزاب" من سعاده ومن المؤمنين بسعاده فكرا وهاديا للأمم... وبقيت  "الاحزاب" هيكلا أجوف، بلغ أرذل العمر، فجفت الشرايين ولم تتجدد...

لا نحتاج الى التفلسف، لايراد اسباب الانقسامات والتبعثر والتشلع... بل نحتاج الى استلهام فكر سعاده بالعودة اليه والاستيضاء بنور الاول من آذار، لعل بقية ايمان تدفع لتلاوة فعل الندامة، والى صحوة ضمير، فيستفيق مَن لا تزال فيه جذوة العقيدة لانقاذ الحزب من عبودية الجهالة والفساد والانا...

الوف القوميين في الوطن وعبر الحدود، والمؤمنون بحتمية انتصار النهضة السورية القومية الاجتماعية، باتوا خارج " الاحزاب"، التي تحولت الى منابر تجارة، بيع وشراء، وسلوكيات غريبة لا تمت بصلة لقيم النهضة... هذه الالوف المؤمنة بصحة العقيدة، تحيي الاول من آذار على رجاء القيامة في موعد قريب تعود فيه الاحزاب الى حزب واحد موحد، بعودة الى قيم النهضة واخلاقها.

رحلة الالف ميل نحو وحدة الحزب تبدأ بخطوة هي الاساس: محق " الانا"... ثم التخلي عن المناصب والمكاسب... وبعدها القضاء على الخيانة اينما وجدت...

طريق واحد يمر من فكر سعاده ونهجه... وتأسيس على التأسيس، بالعودة الى سعاده عقيدة ونظاما ودستورا بحرفية ما خطه المؤسس المفكر المعلم الهادي...

وتأكيد على التزام قسم الانتماء بحرفيته ففيه البداية، ومنه النهاية لكل انقسام وترهل وضعف...

حين كان الحزب في عز قوته، كان مهابا لشدة الالتزام بالقسم وبالعقيدة والنظام والدستور، فضربت الامثال بمتانة نظام الحزب وعقيدته...

تسرب الغوغاء الى صفوفه اضعف الايمان والالتزام، وبات الحزب مجرد جسر عبور لمتسلقين غير مكترثين بسعاده وفكره، بقدر ما يهمهم الغوص بالاعيب السياسة وفسادها، والوصول الى تحقيق مكاسب ومناصب بتحالفات معاكسة، ضاربين عرض الحائط بالقسم واهداف النهضة، متشدقين بمفهوم الواقعية السياسية النقيض لجوهر العقيدة...

عندما اضاء القوميون قمم الجبال في الاول من آذار، بدأ عهد جديد لانسان جديد، في دولة الامة السورية المصغرة...

أرعب النور ابناء الظلمة، فحشدوا منذ اغتيال المؤسس والى اليوم قواهم للقضاء على النهضة، ولا يمكن تحقيق اهداف الاخصام والاعداء، الا بالتسلل ودق اسفين في صلب حركة الامة الواحدة...

فهل نشهد انطلاقة تيار نهضة يعيد الحركة السورية القومية الاجتماعية الى محورها الصحيح؟

أمل ورجاء من القوميين الاجتماعيين الاصفياء الانقياء ان تنطلق رحلة العودة الى سعاده، الذي وصف الدواء لكل داء في الامة، والى وحدة حزب يستعيد دوره وقوته متقدما بين كل الاحزاب، وإلا فمصيره التلاشي والفناء... وليبقى سعاده في الفكر والعقل والوجدان حيا خالدا، نورا يستضاء به على طريق الحياة الجديدة...