اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


من رام الله عتب عليّ بسبب مقالتي حول "قمة المنامة"، وان بقيت بعيداً عما قاله مظفر النواب في القمم العربية. قيادي في منظمة التحرير أخذ عليّ أنني "رومانسي أكثر من اللزوم" في مقاربتي السياسية للقضية الفلسطينية.

وصف تفاعلي مع أصحاب الرؤوس الحامية بـ "الخطأ في الرؤية". حجته "أننا بحاجة أكثر الى الرؤوس الباردة، لأن صراعنا مع "اسرائيل" صراع وجودي وصراع حضاري، ما يستدعي تجنب اللغة النارية، أو السياسات النارية". في هذه الحال "يفترض أن ندرك متى ينبغي أن نلعب تكتيكياً، ومتى ينبغي أن نلعب استراتيجياً، وأنت الذي كتبت أكثر من مرة أن التاريخ لا يسير في خط مستقيم، والى حد قولك ان التاريخ كثيراً ما يتقيأ التاريخ".

أضاف "واضح أنك معجب بطريقة قيادة السيد حسن نصرالله للمقاومة في لبنان، وهو الذي قال ان ساعة الحرب الكبرى لم تحن بعد. نحن أيضاً نرى ذلك، ولكن ليس تبعاً لنظرية أنور السادات الذي اعتبر أن 99 % من الأوراق بيد أميركا. في قناعتنا أننا في صراعنا ضد المدّ الصهيوني، نمسك بالورقة الأقوى كوننا فلسطينيين، ونصرّ على أن نبقى فلسطينيين. هذا ما يشاركنا فيه وبقوة أهلنا في الشتات".

في رأي القيادي "ان كل حرب في الوقت الحالي، هي حرب خاسرة بالنظر للاختلال المروع في موازين القوى وعلى كل المستويات، ما يقتضي منا الرهان على صمودنا في مواقعنا، وعلى حركة التاريخ، وأنت الذي كتبت أن "اسرائيل"عاجلاً أم آجلاً، في طريق التحلل لتكون نهايتها مثل نهاية اسبارطة بسياسة القوة العمياء..".

كلامه ينتهي بالاشارة الى مشاهد الدمار الرهيب في غزة، والى العدد الهائل من الضحايا، تزامناً مع محاولة حكومة بنيامين نتنياهو ترحيل السكان، وتحقيق حلم دافيد بن غوريون بازالة القطاع، كقنبلة ديموغرافية، من الوجود.

مبدئيأ، هذا كلام الأرائك الوثيرة، وأصحاب الرؤوس الباردة بالدوران العبثي داخل الدوامة الديبلوماسية. أي خطة لدى منظمة التحرير لخوض ذلك الصراع الطويل والشاق؟ بل أي منظمة تحرير الآن، وقد انتهت الى الترهل والى المراوحة القاتلة؟ اذ كيف لتماثيل الشمع تلك أن تتحدث عن الصراع الوجودي أو الصراع الحضاري، في ظل التكيف مع سياسات التنكيل والاقتلاع والقهر؟

الفلسطينيون أكانوا في المخيمات، أم كانوا في المدن والقرى أو في العراء، محاصرون حتى في عظامهم، وهم يلاحظون كيف أن "الاسرائيليين" وفي مقدمهم المستوطنون، يزدادون شراهة ويزدادون شراسة بالاستيلاء الايديولوجي على ما تبقى من الأرض الفلسطينية، لغرض تقويض الهوية الفلسطينية. من يرفع صوته اعتراضاً يأتيه الرد الهمجي... رصاصة في الرأس!

أركان الائتلاف الذي يدين ببقائه في السلطة لذلك الخراب الميثولوجي (كما لو أننا في حضرة الآلهة الاغريق)، يصرحون علناً ودون وجل، بأن مستقبل الفلسطينيين شاؤوا أم أبوا في المقبرة لا في الدولة.

نعلم أن ردة فعل "الاسرائيليين" على ما حدث صبيحة 7 تشرين الأول كانت عاصفة. "في تلك الساعات الفاصلة بين الحياة والموت"، ليتبيّن لنا أي حالة زلزالية أحدثتها على امتداد الكرة الأرضية، بانتشار شعار "فلسطين قامت... حقاً قامت" في شوارع نيويورك، كما في شوارع البلدان الأوروبية التي بدت وكأنها كانت غافلة عن التراجيديا الفلسطينية، كواحدة من أشد التراجيديات هولاً في التاريخ...

ألم يدفع الجزائريون والفيتناميون والفرنسيون والروس، وحتى الأميركيون، ملايين القتلى من أجل اجتثاث الأقدام الهمجية من أرضهم، وان كان الذي نراه في النموذج "الاسرائيلي" المثال الأكثر وحشية، من خلال ازالة أو حتى ابادة شعب بأسره والحلول محله، بالقوة الهوجاء التي لا تمت بصلة الى القيم الأخلاقية والانسانية، ودون أي احترام للمواثيق وللقرارات الدولية.

كم كانت تجربتنا مريرة مع الرؤوس الباردة. المؤرخة اليهودية الأميركية آفيفا تشومسكي، ابنة المفكر الشهير ناعوم تشومسكي، قالت "من تلك العيون التي ثقبها الرصاص، يبدأ الزمن الفلسطيني"، داعية الى "انقاذ اليهود من ذلك النوع من اليهود الذين يقودونهم، وربما يقودون البشرية الى... الانتحار"!

الأكثر قراءة

لماذا اغتال الأميركيّون طالب عبدالله ؟