اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


الغبار الدقيق، جزيئات صغيرة جدًا لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، يمثل تهديدًا خطيرًا ومتناميًا للصحة العامة في جميع أنحاء العالم. يتغلغل هذا الغبار بعمق داخل الرئتين، حيث يمكن أن يسبب مجموعة واسعة من المشكلات الصحية الخطيرة، بدءًا من تهيج الجهاز التنفسي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية بل وحتى الوفاة المبكرة. في هذا المقال، سوف نتعمق في عالم التلوث بالغبار الدقيق، ونستكشف آثاره السلبية العديدة على صحتنا ومدى خطورة هذا التحدي البيئي العالمي.

كشفت نتائج دراسة أجراها علماء من جامعة نيانيانغ التكنولوجية في سنغافورة عدد الأشخاص الذين قضوا نحبهم في العالم بسبب الغبار الدقيق خلال الأربعين عاما الماضية. تشير مجلة بيئية علمية، إلى أن مقاس الجسيمات الدقيقة هو 2.5 ميكرومتر وأقل، ومصدرها عوادم السيارات والانبعاثات الصناعية ومصادر طبيعية بما فيها حرائق الغازات والعواصف الترابية. وبما أن مقاس 2.5 ميكرومتر صغير جدا، لذلك نستنشقها مع الهواء وتتوغل في عمق الرئتين، ما يؤدي إلى ظهور مشكلات في الصحة، وخاصة بين أفراد مجموعة الخطر، الأطفال، كبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي.

وأظهرت الدراسة أن تلوث الهواء الناجم عن الغبار الدقيق خلال أعوام 1980-2020 تسبب في 135 مليون حالة وفاة مبكرة. ووفقا لتقييم الخبراء، ثلث هذه الوفيات (33.3 بالمئة) كانت بسبب الإصابة بالجلطة الدماغية، والثلث الآخر (32.7 بالمئة) باحتشاء عضلة القلب. أما الوفيات الأخرى فكانت بسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن، والتهابات الجهاز التنفسي السفلي وسرطان الرئة.

ولتحديد كيفية تأثير جزيئات PM2.5 على معدل الوفيات، درس الباحثون بيانات الأقمار الصناعية لوكالة ناسا بشأن مستوى الجسيمات الدقيقة في الغلاف الجوي للأرض. كما حللوا الإحصاءات المتعلقة بالأمراض والوفيات الناجمة عن الأمراض المرتبطة بالتلوث البيئي.

واكتشف الباحثون، أنه خلال الأربعين عاما الماضية وقعت في العالم 363 حدثا كبيرا لتلوث الهواء أي في المتوسط تسعة حوادث في العام، تراوحت مدة كل فترة تلوث من شهرين إلى تسعة أشهر، وأن عام 2002 شهد أكبر عدد من حوادث تلوث الهواء (15 حدثا)، وعامي 2004 و2006 (14 حدثا سنويا).

ووفقا للباحثين توفي في آسيا خلال أعوام 1980-2020 بسبب تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة98.1 مليون شخص منها في الصين والهند 49 و26.1 مليون على التوالي.

أما في باكستان وبنغلاديش وإندونيسيا واليابان فقد تراوح عدد الوفيات بسبب تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة بين 2و5 مليون شخص في كل منها.

مصادر التلوث

مصادر التلوث بالغبار الدقيق عديدة ومتنوعة، وتشمل:

- انبعاثات الوقود الأحفوري: يعد حرق الفحم والغاز الطبيعي والبنزين والديزل من أكبر المساهمين في تلوث الغبار الدقيق.

- الأعمال الصناعية: تساهم المصانع التي تنتج الأسمنت والصلب والمنتجات الكيميائية بشكل كبير في انبعاثات الغبار الدقيق.

- حرائق الغابات وحرق المخلفات: يمكن أن تؤدي حرائق الغابات وحرق الأوراق والمخلفات الأخرى إلى إطلاق كميات كبيرة من الجسيمات الدقيقة في الهواء.

- العواصف الترابية: تساهم العواصف الترابية الطبيعية والأنشطة البشرية التي تؤدي إلى التصحر في زيادة مستويات الغبار الدقيق في الهواء.

هذا وتعد مسألة تلوث الغبار الدقيق مشكلة عالمية لا تقتصر على منطقة جغرافية معينة. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 99% من سكان العالم يتنفسون هواء يتجاوز معايير جودة الهواء الخاصة بالغبار الدقيق.

إن الآثار الصحية لتلوث الغبار الدقيق تُترجم إلى تكاليف اقتصادية باهظة على الدول، حيث تشمل تكاليف الرعاية الصحية والإنتاجية المفقودة.

الأكثر قراءة

كارثة عالميّة... خسائر بمليارات الدولارات... عطل تقني أم خرق سيبراني؟ ما هي خطط ترامب إذا عاد إلى البيت الأبيض؟ لبنان لن ينجو من «الرمادية»...ولكنه سيتفادى قطيعة المصارف المراسلة