اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أوردت وكالة التقييم العالمية "موديز"، في تقريرها الأخير بأنّها لا ترتقب أي تحسّن في تصنيف لبنان في المدى القريب، باعتبار أنّ البلاد لا تزال عالقة في مجموعة أزمات عميقة، في حين أنّ الدعم الخارجي مرتبط بتنفيذ الدولة خطوات إصلاحيّة، فضلاً عن تأثيرات تدهور سعر الصرف وما نتج عنه من ارتفاع في معدّلات التضخّم ما تسبب في حالة من عدم الاستقرار.

وأكدت أيضاً أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة مقابلة، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.

وبالمثل، لم يخرج لبنان من تصنيفه الضبابي ضمن فئة "الأسواق المنفردة" التي يعتمدها مصرف الاستثمار العالمي "مورغان ستانلي"، ما يؤثر تلقائياً على تفاقم مفاعيل العوائق الأساسية التي تتعلّق بحقوق المستثمرين الأجانب.

بالمقابل، برزت إشارة مطمئنة نسبياً، تكمن في توقّعات وكالة "موديز" بأن يوقف الاقتصاد اللبناني سلسلة انكماشاته في عام 2024 الحالي، بحيث يرتقب أن تسهم السياحة القويّة وتدفقات التحاويل بتحسين مستويات الاستهلاك. مع التنويه بأنّ البلاد لا تزال عالقة في أزمة اقتصاديّة وماليّة واجتماعيّة عميقة لا يبدو أنّ المؤسّسات قادرة على معالجتها.

ووفق تحديثات التصنيف الائتماني السيادي للديون الحكومية الصادرة عن وكالة التصنيف الدوليّة "موديز" بتاريخ 6 حزيران ، استقر تصنيف لبنان السيادي عند " "Cالمتدنيّة، وعلى النظرة المستقبليّة المستقرّة.

ويعكس هذا التصنيف احتماليّة مرتفعة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة من قيمتها الاسمية. في حين فشلت الحكومة السابقة واللاحقة في تنفيذ خطة إعادة الهيكلة التي تم الإعلان عنها في نيسان 2020، وبعد فترة وجيزة من تخلّف الدولة عن سداد سندات «اليوروبوندز» في شهر آذار.

في هذا الإطار رأى عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث للديار أن خروج لبنان من أزمته ليس عملية روتينية و لا يمكن في السياق الذي نسير به ان نصل إلى الخروج من الأزمة حتى لو استمرت ٢٠ سنة ،مؤكداً أن هناك أسس سياسات و إجراءات يجب أن تُعتمد من أجل الخروج من الأزمة أولها إنتظام المؤسسات الدستورية التي هي الأساس و الباب لعملية الإستقرار .

ومن الإجراءات المطلوبة أيضاً للخروج من الأزمة تحدث الخوري عن إنتظام القطاع المالي سيما حل الأزمة المصرفية من خلال إعادة هيكلة المصارف "لأنه من دون قطاع مصرفي لا يوجد إقتصاد في القرن ٢١ ،"معتبراً ان القطاع المصرفي غير موجود اليوم فعلياً، لافتاً إلى ان القطاع المصرفي هو الذي يمد الإقتصاد بالتمويل " لكن القطاع المصرفي الحالي غير مؤهل لذلك ".

أما الشرط الثالث للخروج من الأزمة وفقاً للخوري هو أن تنفذ الدولة سياسات ضريبية عادلة من اجل ان تنفق على البنية التحتية و البرامج الإجتماعية ،إذ أن هذا هو دورها الأساسي لافتاً إلى أن دولتنا اليوم تنفق بشكل أساسي على الأجور .

وشدد الخوري على ضرورة تحسين التحصيل الضريبي والقضاء على التهرب الضريبي وتحسين وضع الجمارك، الذي هو الأساس كي نذهب إلى دولة مسؤولة عن مواردها وتستطيع ان تستخدمها من دون ان تؤذي الإقتصاد وطبقات إجتماعية معينة .

ويسلط الخوري الضوء على أمر ببالغ الأهمية وهو محاربة الفساد، معتبراً ان لبنان (منخور) بالفساد، مؤكداً انه لا يمكن إحياء الدورة الإقتصادية في ظل هذا المستوى من الفساد وتفلت مصادر المال في البلد ،على ان يترافق هذا الأمر كما يقول الخوري مع حل لموضوع الدين الخارجي ( سندات اليوروبوندز)، إضافةً إلى جذب المستثمرين، لافتاً إلى أن هذين الأمرين لا يمكن ان يتما من دون إتفاق مع المؤسسات الدولية، سيما صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة بشكل عام ،مشدداً على ضرورة الإتفاق مع صندوق النقد بعد خمس سنوات من الأزمة "وبغض النظر عن ٣ مليار المتوقع ان يدفعها الصندوق فهو الباب لأن يعود المستثمرون إلى البلد".

كما تحدث الخوري عن تنمية القطاعات الإقتصادية كسبيل للخروج من الأزمة مشيراً ان لدينا قطاع تكنولوجي واعد وقطاع سياحي واعد جداً وإقتصاد الخدمات الذي يمكن إعادة ترميمه، "وهذه القطاعات الثلاثة يمكن أن تكون واجهة مستقبل الإقتصاد اللبناني لكنها تحتاج إلى بيئة أعمال أفضل لبنان في مرتبة متدنية في هذا المضمار وتحتاج إلى إصلاحات جوهرية وهيكلية وإلى تحسين وتعزيز الشفافية والمحاسبة والمساءلة من أجل الوصول إلى بيئة أعمال مقبولة يقبل بها الرأسمال الدولي وتقبل بها الشركات التي باتت اليوم حساسة جداً لموضوع الحوكمة والمسؤولية الإجتماعية".

وأشار الخوري إلى اهمية الحكومة الألكترونية التي أصبح اليوم لا بد منها إذا اردنا الذهاب إلى إقتصاد شفاف وعمليات حكومية شفافة، متأسفاً لأننا في آخر السلم في هذا المجال لافتاً إلى تقليل الإجراءات الإدارية بدل تعقيدها ووضع مجموعة من الوسطاء المفروضين بالقوة على أي معاملة مهما كان حجمها لا يشكل حافزاً للإستثمار في لبنان، مؤكداً أن عملية الذهاب إلى الحكومة الذكية والألكترونية ربما يكون الباب لذلك.

ويلفت الخوري ان كل هذه الأمور والإجراءات مرتبطة بشروط سياسية وشروط جيوسياسية في محيطنا وعلى حدودنا تستدعي حلولاً أكبر وأشمل من الوضع اللبناني ،معتبراً أن المشكلة تكمن اليوم في ترابط العناصر الداخلية بشكل كببر جداً ولم يعد هناك قوة للعناصر الداخلية ،وإن كانت القوة تكمن بالإرادة السياسية وهي غير متوفرة اليوم سيما الإرادة بتطبيق الإصلاح والذهاب نحو دولة حديثة .

ويتوقع الخوري في الختام أن تظهر بين ثلاث وخمس سنوات بوادر للحل في حال اعتمدنا استراتيجية إصلاحية متكاملة تقوم على ما ذكرناه ،مؤكداً أن الإصلاحات لن يكون لها نتائج مباشرة بل ربما يكون هناك آلام تنتج عن هذه الإصلاحات.

الأكثر قراءة

غزة ولبنان في القمّة العربيّة ــ الإسلاميّة اليوم في الرياض الضخ الأميركي عن تسوية تسبق عودة ترامب غير واقعي نتنياهو يتبنّى عملية «البايجرز»...وبري: عائدون!