اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا نبالغ في القول أن وسائل الإعلام صارت في زماننا، أي بعد أن امتلكها رأس المال "اللا وطني"، هي "الخصم والحكم" في ميدان السياسة وفي صناعة الرأي العام، حتى في "المجتمعات المتقدمة جداً"، التي تمرست بالديموقراطية والمساواة والعدالة. فلا غرابة إذن أن ينتج ذلك حيث لم ترتق العملية السياسية إلى المستوى الوطني، تفلتا يصل حد "اللامسؤولية" في زعزعة دعائم ركائز الكيان الوطني المأمول، لبنان نموذجاً!

هذه توطئة لمقاربة بعض ما تنقله لنا وسائل الإعلام البيروتية الخاصة، من تصريحات بعض زعماء الطوائف الحاليين، وهم في غالبيتهم ورثة مناصبهم أو انقلابيون بالقوة على زعماء طوائفهم... الزعيم الطائفي دائماً على حق ما دام هو في منصبه. ومن المعروف في هذا السياق، أن الزعامة الطائفية تمنح الحصانة الكاملة لمن يتولاها.

يدهشك إلى حد الذهول في هذه الظروف الصعبة والمعقدة، كلام زعيم طائفي يعترض ضد "الحرب"، ويطالب بتطبيع العلاقات بين لبنان من جهة والكيان الصهيوني من جهة ثانية، دليلاً على أن هذا الرجل "الزعيم الطائفي" يجهل حقيقة المشروع الصهيوني بما هو استعمار استيطاني غربي في المشرق العربي، وأغلب الظن انه لا يميز بين اليهودية بما هي ديانة من جهة، والصهيونية بما هي حركة استعمارية استيطانية من جهة ثانية.

فنحن ليس لدينا من حيث المبدأ مشكلة مع اليهود، فهم طائفة من طوائفنا في هذا المشرق، لا توجد مدينة عربية ليس فيها "حارة لليهود" إلى جانب "حارة المسيحيين" و "حارة الإسلام". هذا لا يعني أن العلاقة بين أهل هذه الحارة وتلك كانت دائماً جيدة ! مهما يكن، لم تبلغ الصراعات "العصبية" في هذا المشرق في العصر الحديث، في القرن العشرين على سبيل المثال، درجة التوحش العنصري في بلدان أوروبا، وتحديداً العنصرية اللاسامية في أوروبا.

من البديهي أن المجال لا يتسع هنا للغوص في تفاصيل هذه المسألة.

بالعودة إلى موضوع اليهود في بلاد العرب، من المعروف أن الاستعمار الغربي حاول جعلهم أداة لاحتلال موطئ قدم له في هذه البلاد، منذ حملة نابليون على مصر وسورية، وفي الجزائر منح الفرنسيون المواطنين اليهود الجنسية الفرنسية باستثناء غيرهم، وفي السياق نفسه تبنى البريطانيون في فلسطين المشروع الصهيوني انسجاماً مع و عد بلفور، فلولا بريطانيا لما كانت "إسرائيل".

مجمل القول ان "إسرائيل" هي في جوهرها كيان استعماري استيطاني غربي، وتحولت في الواقع مع الوقت إلى محطة للعبور إلى بلدان الغرب. من المعروف أن كثيرين من اليهود العرب هاجروا اليها إجباراً او خياراً بهدف الاغتراب، ثم جاء الدور على الدول ومنها دول عربية، حيث اضطرت إلى الاعتراف بـ "إسرائيل" والارتباط بعلاقات معها، تملصاً من العقوبات الغربية. في السياق نفسه يكاد التطبيع مع "إسرائيل" يكون شرطاً ضرورياً ولازماً للانضمام ا الاتحاد الأوروبي، تركيا مثالاً.

يبقى السؤال في لبنان عن الخيار الذي يتخذه بعض زعماء الطوائف في لبنان. هل  فشلهم في أن يأخذوا كل اللبنانيين في سنة 1983 إلى "إسرائيل"، جعلهم يحاولون اليوم أخد طوائفهم إلى "إسرائيل" أملاً في أن يمكنهم ذلك من استرجاع هيمنتهم على البلاد تحت حماية غربية؟

 

الأكثر قراءة

«اسرائيل» تعربد جنوبا: سقوط الضمانات الدولية واستفزاز للمقاومة وقف النار يهتز في وادي الحجير وحكمة حزب الله لن تستمر طويلا؟ «اختبار» رئاسي لقائد الجيش في الرياض «والقوات» تنتقد المعارضة