اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بحلول مساء اليوم الثلاثاء ستحدد في فرنسا أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية بعد انسحاب العشرات من مرشحي اليسار واليمين لمحاولة منع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة رغم الانقسامات العديدة.

وحسب تعداد أولي أجرته وكالة فرانس برس انسحب مساء أمس الاثنين 155 مرشحا من اليسار ومعسكر الرئيس إيمانويل ماكرون مؤهلين لخوض الجولة الثانية من السباق الانتخابي المقرر يوم الأحد المقبل.

ولا يزال الانسحاب ممكنا حتى الرابعة من بعد ظهر اليوم الثلاثاء بتوقيت غرينتش لصالح منافس من حزب سياسي آخر، على أمل الحيلولة دون فوز مرشحي اليمين المتطرف.

والهدف من سلسلة الانسحابات هذه هو تشكيل "جبهة جمهورية" لمواجهة حزب التجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا (28 عاما) الذي تصدّر حزبه الجولة الأولى من الانتخابات بفارق كبير.

وفي حال أصبح بارديلا رئيسا للحكومة، ستكون هذه أول مرة تقود فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرف فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد 3 أسابيع من الزلزال السياسي الذي أحدثه ماكرون بإعلانه حل الجمعية الوطنية، صوت الفرنسيون بكثافة الأحد الماضي في الجولة الأولى من الانتخابات التي تثير نتائجها ترقبًا كبيرا في الخارج.

وحل التجمع الوطني (يمين متطرف) وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع، بنيله 33.14% من الأصوات (10.6 مليون صوت). وانتُخب 39 نائبا عن هذا الحزب في الجولة الأولى. وبذلك، تقدم على الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم اليسار (27.99 %)، فيما جاء معسكر ماكرون في المرتبة الثالثة بفارق كبير (20.8 %).

وطالب اليمين المتطرف الفرنسيين بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية. وقال رئيسه الشاب إن الجولة الثانية ستكون "واحدة من الأكثر حسما في مجمل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة" التي تأسست عام 1958.

من جهتها، قالت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان "نحن بحاجة إلى غالبية مطلقة". وترأس لوبان كتلة نواب التجمّع الوطني في البرلمان الفرنسي كما انتخبت من الجولة الأولى في الشمال.

وأسس والدها جان-ماري لوبن في العام 1972 مع عنصرين سابقين في قوات الأمن الخاصة النازية، الجبهة الوطنية التي أطلق عليها اسم التجمع الوطني في العام 2018.

وأُدين لوبان الذي كان يركز خطابه على الهجرة واليهود، عدة مرات بسبب تجاوزاته، خصوصا بعد أن وصف غرف الغاز الألمانية بأنها "مجرد تفصيل في التاريخ".

أعضاء البرلمان المنتخبون حديثًا عن حزب فرنسا الأبية، والجبهة الشعبية الجديدة يسيرون أمام الجمعية الوطنية في باريس (الأوروبية)

وفي ظل حيرة وغموض على كل الجبهات، هناك عدة سيناريوهات مطروحة. ومع تراجع احتمال قيام "الجبهة الجمهورية" التي كانت تتشكل تقليديا في الماضي بمواجهة التجمع الوطني في فرنسا، بات من المطروح أن يحصل حزب جوردان بارديلا، ومارين لوبان على أغلبية نسبية قوية أو حتى أغلبية مطلقة الأحد المقبل.

غير أن سيناريو قيام جمعية وطنية معطلة بدون إمكانية تشكيل تحالفات تحظى بالغالبية بين الكتل الثلاث الرئيسية، يبقى ماثلاً أيضا، وهو سيناريو من شأنه أن يغرق فرنسا في المجهول. وفي جميع الأحوال، خسر ماكرون رهانه على حل الجمعية الوطنية بعد هزيمة كتلته في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في 9 حزيران الماضي.

ومن المحتمل أن تُنتج الانتخابات التشريعية تعايشا غير مسبوق بين رئيس مناصر للاتحاد الأوروبي وحكومة معادية له، الأمر الذي يمكن أن يطلق شرارة خلافات بشأن صلاحيات رئيسي السلطة التنفيذية، وخصوصاً في مسائل الدبلوماسية والدفاع.

و حذر رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال من أن "اليمين المتطرف بات على أبواب السلطة"، داعيا إلى "منع التجمّع الوطني من الحصول على أغلبية مطلقة". أما العضو اليساري في البرلمان الأوروبي رفاييل غلوكسمان فيؤكد "أمامنا 7 أيام لتجنب كارثة في فرنسا"، داعياً إلى انسحاب جميع المرشحين الذين حلوا في المرتبة الثالثة.

لكن حزب فرنسا الأبية حليف غلوكسمان فيرى أن هذه القاعدة لن تطبق إلا في الدوائر التي حل فيها مرشحو التجمع الوطني في المرتبة الأولى بحسب رئيس كتلة اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

و في المعسكر الرئاسي، لايزال الخط غير واضح. ففي اجتماع لحكومته أمس الاثنين، لم يصدر ماكرون تعليمات واضحة، حسبما أفادت عدة مصادر وزارية.

وقال أحد المشاركين في الاجتماع "إن الرئيس ماكرون أكد على ضرورة عدم ذهاب أي صوت لليمين المتطرف" وذكّر بأن اليسار دعمه مرتين في 2017 ثم في 2022 ليصبح رئيسا. لكن ماكرون لم يدل بأي بتصريحات علنية اأمس .

وأعلن العديد من مرشحي معسكره بقاءهم في الجولة الثانية. لكنأغلبية المرشحين المنسحبين تبدي تردداً حين يتعلق الأمر بدعم مرشحي فرنسا الأبية خصوصا أن حزب ميلانشون متهم بمعاداة السامية. ووصفه مسؤول نقابي بارز بأنه "الأحمق المفيد لجميع أولئك الذين لا يريدون التنحي".

وتراقب العديد من العواصم العالمية الأزمة السياسية في فرنسا. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن "ألمانيا وفرنسا تتحملان مسؤولية خاصة تجاه أوروبا المشتركة ولا يمكن لأحد أن يظل غير مبال".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن نتائج الجولة الأولى من هذه الانتخابات تعكس "اتجاها خطيرا" تسلكه فرنسا وأوروبا.

وأعلنت روسيا أنها تتابع "الانتخابات في فرنسا عن كثب"، فيما أكدت واشنطن أنها "تعتزم مواصلة تعاونها الوثيق مع الحكومة الفرنسية حول مجمل أولويات السياسة الخارجية".

في المقابل أشاد آخرون بالنتيجة التي حققها اليمين المتطرف الفرنسي، على غرار رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي اعتبرت أن "شيطنة" اليمين المتطرف لم تعد مجدية".

الأكثر قراءة

حزب الله يُحبط مُخطط تصفيته وعودة ملحميّة للأهالي القرار 1701 بين النسختين: فروقات لغوية ستون يوماً مفصلية: انتخاب رئيس ووقف النار في غزة على طاولة التحديات