اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



لم تقدم المعارضة التي تقودها "القوات اللبنانية" في " خارطة الطريق" التي اعلنتها امس لانجاز الاستحقاق الرئاسي، اي مقترح جديد يختلف عن مواقفها المعلنة سابقا، لا بل انها جددت رفضها المشاركة في الجلوس الى طاولة حوار او تشاور يرأسها رئيس المجلس نبيه بري، واصرت على عقد جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية الى حين انتخاب رئيس الجمهورية.

وفي بيانها الذي تلاه عضو تكتل "القوات" النيابي غسان حاصباني، حددت المعارضة مواصفات الرئيس بان يكون " قادرا على تمثيل لبنان، يصون الدستور والسيادة ويعمل على تطبيق القرارات الدولية".

والملاحظ ان الاب الروحي لهذه المعارضة سمير جعجع، اصدر في اللحظة نفسها بيانا حرص من خلاله على تظهير الموقف الاساسي من "خارطة طريق" المعارضة" الرافض للمشاركة باي حال من الاحوال في طاولة حوار رسمية يرأسها الرئيس بري"، والذي يؤكد الاصرار على عقد جلسة انتخاب مفتوحة، وليس جلسات متتالية كما يؤكد رئيس المجلس.

ولأن " المكتوب يقرأ من عنوانه"، فان هذه المبادرة الممهورة بتوقيع جعجع غير قابلة للصرف او الموافقة من قبل الاطراف الاخرى. من هنا يحضر السؤال: لماذا اقدمت المعارضة على هذه الخطوة؟ وما هي ابعادها واهدافها؟

من وجهة نظر احد نواب المعارضة الذي شارك في المؤتمر الصحافي في المجلس امس، " ان الاقتراحين في خارطة الطريق لا يختلفان عن مضمون ما طرحناه منذ البداية لجهة عدم رفضنا التشاور، شرط الا يشكل عرفا او يكون رسميا برئاسة رئيس المجلس، لكن الجديد هو تأطير موقفنا بصيغة شفافة وواضحة ومحددة لتكون مبادرة مطروحة برسم الجميع، بدءا من "اللجنة الخماسية" وانتهاء بكل الاطراف والكتل النيابية".

ويضيف "ان ما قدمناه يؤكد انفتاحنا على التواصل والتشاور مع الجميع، عكس ما يحاول الفريق الاخر تصويره، لكننا نضع فكرة التشاور في اطار لا يمس الدستور، ولا يشكل عرفا ملازما للاستحقاق الرئاسي".

ويرى المصدر "ان خطوتنا تعكس مرونة وجدية للعمل من اجل تذليل العقبات وانتخاب رئيس الجمهورية"، ملمحا الى ان خطوة المعارضة " ليست مرتجلة او مناورة، ويجب التعامل معها بروح ايجابية في اطار السعي عدم ربط انتخاب رئيس الجمهورية بحرب غزة وفك الارتباط بين المسارين".

وفي قراءة مستقلة، يقول مصدر نيابي وسطي ان الايجابية في ما طرحته المعارضة هو اقرارها بضرورة واهمية التشاور، تمهيدا للذهاب الى جلسة جديدة لانتخاب الرئيس، لكن تمسكها برفض انعقاد التشاور برئاسة الرئيس بري يبدو غير مبرر في كل الاحوال، ومن الطبيعي ان يكون هذا التشاور المفروض عقده تحت قبة البرلمان برئاسة رئيس المجلس لادارة النقاشات وتنظيمها.

ويشير المصدر الى ان هناك اغلبية نيابية كبيرة تؤيد انعقاد طاولة التشاور برئاسة الرئيس بري، وان الديموقراطية تقتضي من المعارضة المشكلة من ٣١ نائبا ان توافق على هذا الامر، مع العلم ان هذا الحوار او التشاور هو وسيلة سياسية لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية ولا ولن يشكل عرفا ملازما للاستحقاق الدستوري.

من جهته، يرى مصدر نيابي في "الثنائي الشيعي" ان اصرار جعجع على ان تكون جلسة الانتخاب مفتوحة في ظل التركيبة النيابية القائمة، قد يجعل الجلسة ممتدة لفترة غير قصيرة، وبالتالي يغلق الباب كليا بوجه التشريع ويشل البلاد. كما ان الدعوة لانعقاد الجلسة وتحديدها، هي من صلاحية رئيس المجلس ولا يجوز تجاوزها باي شكل من الاشكال، كما ان لا يصح اسقاط تفسيرات غير دستورية على آلية انعقاد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وقد عقد المجلس منذ الشغور الرئاسي ١٣ جلسة، وفي كل مرة كانت تختتم بتلاوة محضرها.

ويعتقد المصدر ان خطوة المعارضة مرتبطة برغبتها في التخلص من تهمة تعطيلها للاستحقاق الرئاسي من خلال رفضها للحوار. كما ان الخطوة قد تكون محاولة من جعجع لاظهار نفسه على انه يقدم مبادرة ايجابية، في سبيل تذليل العقبات امام الاستحقاق الرئاسي، خصوصا بعد فشل مبادرة خصمه اللدود جبران باسيل في اقناع الرئيس بري والاطراف الاخرى، في عقد التشاور باغلبية ثلثي مجلس النواب، وتجاوز معارضة "القوات اللبنانية" وحلفائها.

وبرأي مصدر سياسي ان المعارضة التي تقودها "القوات" تحاول اليوم ان تلتف على فكرة عقد طاولة حوار او تشاور برئاسة الرئيس بري قبل الذهاب الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، لا سيما بعد ان تأكد مؤخرا ان هذه الصيغة تحظى بتأييد اغلبية نيابية كبيرة، تتجاوز النصاب الدستوري لانعقاد جلسة المجلس اي الثلثين زائد واحد. ورغم اطمئنانها الى ان الرئيس بري لا يؤيد عقد حوار او تشاور في غيابها، الا انها تسعى من خلال طرحها ان تتجاوز الافرقاء المسيحيين الآخرين، وتحديدا تكتل "التيار الوطني الحر" و"المردة" وباقي المستقلين.

ولعل الملاحظة الاولى، التي تسجل تجاه خطوتها هذه هي انها بالورقة التي طرحتها، تكون قد كرست انتهاء مرحلة التقاطع على ترشيح وتأييد جهاد ازعور، وبات التشكيل النيابي تجاه الاستحقاق الرئاسي اليوم مثلث الاضلاع : الاول الفريق المؤيد لسليمان فرنجية الذي سجل في الجلسة الاخيرة ٥١ صوتا، الفريق الوسطي الذي يضم "التيار الوطني الحر" و "اللقاء الديموقراطي" و "الاعتدال الوطني" وعدد من المستقلين، وفريق "القوات" وحلفائها.

وبرأي المصدر ان المعارضة التي تقودها "القوات" هي تشكيلة سياسية مسيحية مطعمة باربعة نواب سنة ودرزي واحد. وهي تحاول اليوم بتقديم هذه الورقة ان تظهر نفسها بمظهر الفريق المنفتح، لتغطية اصرارها على رفض الحوار.

ويضيف المصدر ان نقطة ضعفها ليست محصورة بالعدد فحسب، بل بعدم قدرتها على حياكة تحالفات واسعة بعد انفراط مرحلة التقاطع على ازعور، تماما كاليمين الفرنسي المتطرف الذي سقط عندما وصل الى حافة الاستحقاق الانتخابي الحاسم.

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت