اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أظهرت اللقاءات الديبلوماسية الأخيرة ومواقف العديد من الدول الأجنبية أن المخاوف الدولية من نتائج توسيع الجبة الجنوبية كبيرة لدرجة أنها بدأت تُرسل موفديها للضغط على العدو الإسرائيلي من جهة والضغط على لبنان من جهة أخرى، لمنع الانجرار إلى مواجهة مفتوحة قد تجرّ كل دول المنطقة، وحتى بعض الدول الكبيرة، إلى حرب ليست في الحسبان.

فالجانب الأميركي يأخذ على محمل الجدّ التهديدات الإيرانية التي قد تجرّ الولايات المتحدة الأميركية ومعها حلفاؤها، إلى مواجهة مع إيران دفاعًا عن الكيان الإسرائيلي، وهي مواجهة سيدفع نتائجها حتمًا الرئيس الأميركي والمرشحّ الرئاسي جو بايدن. أضف إلى ذلك المخاوف الدولية، وخصوصًا الأوروبية، من نقص كبير في إمدادات الطاقة، قد يؤدّي إلى ضربة كبيرة على اقتصادات هذه الدول. ويبقى الأهم أن الغرب يعلم جيدًا أن حزب الله لم يُخرج كل ما عنده بعد، بحكم أنه يتعاطى حتى الساعة مع المواجهات وفقا لمقتضيات الميدان.

ولم تُسهّل التصريحات التركية بخصوص ما يحدث في غزّة الأمر على الكيان الصهيوني، إذ بعد وصفه نتنياهو بجّزار غزّة الذي سيلقى مصير هتلر نفسه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان « أنه من غير الممكن استمرار علاقة «الشراكة» بين حلف شمال الأطلسي «الناتو» والحكومة الإسرائيلية»، مُضيفًا «مبادرات التعاون بين حلف الناتو وإسرائيل لن تحظى بموافقة تركيا حتى يتم تحقيق السلام الشامل والمستدام في الأراضي الفلسطينية». لكن المخاوف الغربية على هذا الصعيد، هو التصعيد العسكري المحتمل الذي قد ينشأ بين قبرص التركية وقبرص اليونانية نتيجة استخدام «إسرائيل» لمطارات هذه الأخيرة في حال المواجهة المفتوحة.

المخاوف الغربية من جنون بعض المسؤولين الإسرائيليين من تهوّر قد يؤدّي إلى فتح جبهة الغرب_ بغنى عنها مع كل ما يواجه في أوكرانيا – دفعت العديد من العواصم الغربية، وعلى رأسهم واشنطن وباريس وألمانيا، إلى محاولة تطويق أندفاعهم، خصوصًا أن هناك تعثّرا عسكريا وسياسيا على جبهة غزّة واستحالة عودة المستوطنين الإسرائيليين إلى شمال الأراضي المُحتلّة مع وجود مقاتلي حزب الله على الحدود. وهنا ترى هذه العواصم أن الإسرائيليين يحاولون استغلال الدعم الغربي لشن حربٍ على لبنان لا يريدها الغرب لا من قريب ولا من بعيد. على كلٍ، المخاوف هذه تُرجمت على الأرض بخطط لإجلاء رعايا هذه الدول، وفي الوقت نفسه ضغوط على «إسرائيل» لمنعها من المغامرة.

وكانت واشنطن قد رفضت تسليم «إسرائيل» قنابل ثقيلة، وذلك بهدف منعها من فتح جبهة مع لبنان، نقلًا عن مصدر أميركي ذكرته قناة العربية. وأضاف المصدر أن «إسرائيل قادرة على شنّ هجوم على مطار بيروت وتدميره كما والضاحية الجنوبية». إلا أن ردّ حزب الله أتى سريعًا على لسان النائب محمد رعد الذي قال «مشتاقون لملاقاة العدوّ حتى نُلقّنه أشد الهزائم في تاريخه». كلام رعد جاء خلال إلقائه كلمتين في المجلسين العاشورائيين في زفتا وصير الغربية بمشاركة شخصيات وفعاليات، وعلماء دين، وعوائل شهداء والأهالي.

الاعتداءات الإسرائيلية على غزّة مستمرة بشكل إجرامي، حيث نشرت جريدة الغارديان البريطانية مقالًا يُعبّر عن مخاوف لباحثين، من أن يرتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزّة إلى 186000 شخص! كما أن صحيفة هآرتس العبرية حذّرت «إسرائيل» من المحاسبة على ارتكابها جرائم ضد الفلسطينيين العُزّل. الجدير ذكره أن حجم الإجرام الإسرائيلي الممارس ضد الشعب الفلسطيني بدأ يُثير غضب الرأي العام حتى ضمْن الكيان نفسه!

على الجبهة اللبنانية قامت مُسيّرة تابعة للعدو الإسرائيلي باستهداف والد الشهيد محمد حلاوي وعضو بلدية كفركلا موسى سليمان، بينما كانا يقومان بتعبئة المياه من عين القصبة لأخذها إلى المواشي في بلدة كفركلا. وهو ما يُظهر فظاعة الارتكابات الإسرائيلية وضربها كل المواثيق الدولية بعرض الحائط!

وقدّمت وزارة الخارجية اللبنانية بتاريخ 3 تموز 2024 شكوى لدى الأمم المتحدة ضدّ العدو الإسرائيلي بخصوص استخدامه قنابل فوسفورية مستهدفة أراضي زراعية ومربي مواشٍ في القرى الجنوبية كما والأحراج. وهذا الأمر هو خرق فاضح للمادة 55 من البروتوكول الأول الإضافي (1977) لاتفاقيات جنيف (1949)، والتي تنص على أن تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من الأضرار البالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد. إلا أنه من المستبعد أن يقوم مجلس الأمن الدولي بإدانة الكيان الصهيوني، نظرًا إلى الحماية التي تؤمّنها كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين تمتلكان حق الفيتو في المجلس.

الملف الرئاسي

رئاسيًا، شكّلت مبادرة قوى المعارضة تحريكًا للملف الرئاسي من دون تحقيق أي كوة في الجدار، حيث إن كل القوى السياسية لا تزال على موقفها السياسي. وترى مصادر أن فشل المعارضة في سعيها كان متوقّعًا من باب أن الفريق الآخر لن يقبل طروحات المعارضة، ولكن حتى إن هذه الأخيرة لم تتراجع عن مواقفها، وبالتالي أي مخرج يجب أن يتمّ بالتنازل من قبل الفريقين. وترى المصادر أن الرهان على الخارج هو سيد الموقف، وأن كل ما يحصل هو تمرير للوقت لا أكثر ولا أقل، بانتظار ما سيحصل في غزّة، وبالتحديد وقف إطلاق النار الذي سينسحب على لبنان من باب توازن جديد بين القوى السياسية. الجدير ذكره أن كل المبادرات والمساعي الأجنبية والعربية وحتى المحليّة، فشلت حتى الساعة في التوصّل إلى انتخاب رئيس.

اللائحة الرمادية

زيارة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى الولايات المتحدة الأميركية، هدفت إلى تلافي وضع لبنان على اللائحة الرمادية. لكن منصوري لا يحمل الكثير من الحجج المقنعة للجهات الدولية (FATF). فالإجراءات التي قام بها المركزي والمصارف، لم تمنع الكاش الذي أصبح يشكل أكثر من 55% من الناتج المحلّي الإجمالي، بحسب أرقام البنك الدولي. أكثر من ذلك، لم تقم الحكومة اللبنانية بأي إجراء لمنع اقتصاد الكاش، لا بل على العكس بعض الإجراءات التي اتخذتها ذهبت نحو تحفيز اقتصاد الكاش، ناهيك بفقدانها – أي الحكومة – لسلطتها المالية على الأراضي اللبنانية، وهو ما يعني أن هناك شبه استحالة لمنع اقتصاد الكاش، كما ذكر البروفسور جاسم عجاقة في حديث لصحيفة «الديار». ويقول عجاقة إن الحجّة الأقوى لمنصوري تكمن في أن وضع لبنان على اللائحة الرمادية سيؤدّي إلى نتيجة معاكسة لما تريده مجموعة العمل المالي الدولية. وأضاف عجاقة أن التداعيات الاقتصادية لوضع لبنان على هذه اللائحة، ستكون قاسية (علاقات مع المصارف المراسلة، استيراد، تصدير، تحاويل...). وشدّد على أن الحل هو في جيب الحكومة، وليس عند المصرف المركزي.

الموسم السياحي

إلى هذا، تتوقع مصادر اقتصادية أن تكون مداخيل السياحة هذا العام موازية لما كانت عليه العام الماضي (5.4 مليار دولار أميركي)، وذلك بفضل المغتربين الذين يُصرّون على القدوم إلى لبنان على الرغم من التهديدات الإسرائيلية. وإذا كانت ستاندارد آند بورز قد توقّعت خسارة في القطاع السياحي يوازي 1.6 مليار دولار أميركي حتى منتصف هذا العام، فإن هذه الخسائر ،بحسب المصادر الاقتصادية، هي فرص تمّت خسارتها، أو بمعنى آخر، كان لبنان قادرًا على إدخال مداخيل قاربت الـ 7 مليار دولار أميركي لولا العدوان الصهيوني الغاشم على غزّة ولبنان.

الأكثر قراءة

«اسرائيل» تعربد جنوبا: سقوط الضمانات الدولية واستفزاز للمقاومة وقف النار يهتز في وادي الحجير وحكمة حزب الله لن تستمر طويلا؟ «اختبار» رئاسي لقائد الجيش في الرياض «والقوات» تنتقد المعارضة