اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُمثل عالم الطفولة مرحلة حاسمة في تكوين الصحة والجهاز المناعي للإنسان. وفي هذا السياق، تبرز مسألة استخدام المضادات الحيوية في العلاجات الطبية للأطفال كقضية مثيرة للجدل. ففي الوقت الذي تؤدي فيه هذه الأدوية دورًا حيويًا في مكافحة العدوى البكتيرية، فإن الإفراط في استخدامها أو استخدامها بطريقة غير مبررة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة الطفل على المدى القصير والطويل.

تتمثل أهمية هذا الموضوع في تزايد الوعي بأضرار المضادات الحيوية على البكتيريا النافعة الموجودة في الجهاز الهضمي للطفل، والتي تؤدي دورًا حاسمًا في تقوية الجهاز المناعي وحماية الجسم من الأمراض. كما أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يساهم في ظهور سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية، مما يقلل من فعالية هذه الأدوية في مكافحة العدوى في المستقبل.

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أضرار التعرض المبكر للمضادات الحيوية على صحة الأطفال، وتأثيرها في نمو الجهاز المناعي وتطور البكتيريا النافعة في الأمعاء. كما ستناقش الدراسة العوامل التي تساهم في الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، والأضرار الصحية المرتبطة بهذا الاستخدام، بالإضافة إلى تقديم توصيات للحد من هذه المشكلة والحفاظ على صحة الأطفال.

وفقا لأبحاث جديدة من جامعة موناش الأسترالية، يمكن أن يؤدي التعرض المبكر للمضادات الحيوية إلى زيادة القابلية للإصابة بالربو. وتمكن فريق البحث من عزل جزيء تنتجه بكتيريا الأمعاء ويمكن في المستقبل أن يُجرب كعلاج بسيط في شكل مكمل غذائي للأطفال المعرضين لخطر الإصابة بالربو لمنعهم من تطوير المرض.

قاد البحث  في مجلة "إميونتي"، الأستاذ في علم المناعة بجامعة موناش البروفيسور بن مارسيلاند، واكتشف فريق البحث جزيئا يسمى "إيه بي أي" الذي يعد بالغ الأهمية للحماية الطويلة الأمد ضد الربو الذي يؤثر في أكثر من 260 مليون شخص عالميا ويتسبب بنحو 455 ألف حالة وفاة سنويا.

ووفقا للبروفيسور مارسيلاند، فإن اكتشاف الجزيء المنتج من قبل بكتيريا الأمعاء السليمة، يوفر تفسيرا لسبب زيادة الإصابة بالربو عند مستخدمي المضادات الحيوية المتكرر.

ويقول مارسيلاند وفقا لموقع يوريك أليرت: "نعلم أن الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية في مرحلة مبكرة من الحياة يعطل ميكروبات الأمعاء الصحية ويزيد من خطر الإصابة بالحساسية والربو، واكتشفنا أن أحد نتائج علاج المضادات الحيوية هو نقص البكتيريا التي تنتج جزيء إيه بي أي، وبالتالي تقليل جزيء رئيسي يمكنه منع الربو".

وأكد  مارسيلاند أن السنوات الأولى من الحياة مهمة في تطوير ميكروبات مستقرة للأمعاء. وأوضح أن هذا الأمر "يتشكل أولا بواسطة تناول الطعام سواء الحليب أو الأطعمة الصلبة، وكذلك الوراثة والبيئة، وتبين أن الرضّع المعرضين لخطر مرتفع للحساسية والربو؛ يعانون من تأخر واضطراب في نضوج ميكروبات الأمعاء".

وأضاف أنه "يمكن أن يكون لاستخدام المضادات الحيوية في السنة الأولى من الحياة تأثير غير مقصود يتمثل في تقليل البكتيريا التي تعزز الصحة، ونعلم الآن من خلال هذا البحث أن المضادات الحيوية تؤدي إلى انخفاض كمية إيه بي أي الذي وجدنا أنه حاسم في الحياة المبكرة مع نضوج خلايا الرئة لدينا، مما يجعله مرشحا للوقاية المبكرة من التهابات مجرى الهواء التحسسية".

وأوضح فريق البحث الذي عمل على الفئران المعرضة للإصابة بالربو، أنه عند إعطاء المضادات الحيوية في الطفولة المبكرة، كانت الفئران أكثر عرضة للالتهاب التحسسي في مجرى الهواء الناجم عن عثة الغبار المنزلي، واستمر هذا حتى البلوغ.

وتبين أن هذه الحساسية استمرت على المدى الطويل حتى بعد عودة ميكروبات الأمعاء ومستويات إيه بي أي إلى وضعها الطبيعي، مما يُبرز أن وظيفة هذا الجزيء كانت مهمة بشكل خاص في الحياة المبكرة.

وعندما زُودت هذه الفئران بالنظام الغذائي المدعّم بجزيء إيه بي أي في الحياة المبكرة، وجد الباحثون أن الفئران كانت معافاة فعليا من تطوير الالتهاب التحسسي في مجرى الهواء الناجم عن عثة الغبار المنزلي أو الربو في مرحلة البلوغ.

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت