اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تسعى الأندية خلال أسواق الانتقالات بشكل عام والصيفية بشكل خاص، إلى تعزيز قائمتها وتدعيمها بعدد من اللاعبين المميّزين الذي من شأنهم تقديم الإضافة أو تحسين الأداء من أجل المنافسة المحلية والقارية.

وشهدت أسواق الانتقالات الصيفية خلال السنوات الماضية تغيّراً جذرياً على مستوى الأرقام، بحيث أصبحنا نجد أرقاماً ضخمة تدفع من قبل الأندية في مقابل الحصول على خدمات عدد من اللاعبين.

وفي بادئ الأمر كانت الأرقام الضخمة تدفع من أجل الحصول على عقود اللاعبين المميّزين أو النجوم، ولكن مع تطوّر السوق وازدهارها بات دفع مبالغ ضخمة في مقابل الحصول على خدمات لاعبين شبان وناشئين أمراً طبيعياً بين الأندية، على الرغم مما تحمله من مخاطر في حال فشل اللاعب الواعد في تقديم الإضافة المنشودة.

ولكن شهدت السوق الحالية التي تستمر حتى نهاية الشهر الجاري تقريباً تراجعاً في حجم المبالغ المدفوعة من قبل الأندية على عكس السنوات الماضية فضلاً عن غياب صفقات العيار الثقيل عن الأندية حتى الآن، مما يبرز نمطاً جديداً متبعاً من الأندية تبلور في ظل وجود متغيّرات عديدة أثّرت على سلوكها.

الأزمات المالية التي ضربت الأندية

تسبّبت الأزمات المالية في تراجع القدرات الشرائية الخاصة للأندية، فالعديد من تلك الأندية ما زالت تعاني من الآثار الناتجة عن جائحة كورونا والانعكاسات المالية السلبية التي أتت معها، بالإضافة إلى المشكلات الإدارية التي كان من شأنها زعزعة قدرات الإنفاق للعديد من الأندية.

فبات عدد كبير يحاول تحسين وضعه المالي بحيث يعدّه أولوية من شأنها أن تحد قدراته الشرائية، بحيث يمتلك النادي قائمة من اللاعبين الذين يرغب في التعاقد معهم إلا أن مشكلاته المادية تحول دون ذلك.

ومن أجل تحسين الوضعية المالية عمد عدد من الأندية إلى اتخاذ إجراءات تقشفية من شأنها تقليص النفقات التي تثقل كاهل الموازنة في النادي، وكان من ضمن الإجراءات تقليص نفقات التعاقدات والعمل على إيجاد حلول بديلة.

فعلى سبيل المثال أبدى نادي برشلونة خلال الصيف الحالي اهتماماً كبيراً في الحصول على خدمات الجناح الإسباني نيكو ويليامز الذي تألق خلال بطولة كأس أوروبا الماضية وحقّق اللقب مع بلاده.

إلا أن المشكلات المالية التي تعاني منها إدارة الرئيس لابورتا حالت دون انتقال اللاعب إلى "البلوغرانة" بسبب المطالب المالية الكبيرة التي أرادت إدارة نادي أتلتيك بلباو الحصول عليها والتي لم تتمكّن إدارة برشلونة من تحقيقها بسبب المشكلات المالية التي تعاني منها.

اتجاهات جديدة في التعاقدات

في ظل المشكلات المالية التي تواجهها الأندية من جهة وقوانين التعاقدات الصارمة التي من شأنها التأثير على سلوك الأندية في الإنفاق على الانتقالات، عمدت إدراة الأندية إلى تغيير سلوكها وتعاملها مع الانتقالات، بحيث أصبحت تعتمد بشكل أكبر على الإعاراة مع إضافة بند أحقية الشراء في حال إثبات اللاعب قدرته على إحداث الفارق.

بالإضافة إلى تحديد مبلغ الحصول على عقد اللاعب والاتفاق عليه وتقسيمه على سنوات طويلة وذلك من أجل تقليص النفقات السنوية من جهة، ومن أجل تأمين انتقال اللاعب من جهة أخرى.

كما عمد الكثير من الأندية إلى الاستثمار في الشباب، وليس المقصود في ذلك التعاقد مع لاعبين شبان من أندية أخرى، لأنه وخلال السنوات الماضية بات الحصول على اللاعبين الشبان الموهوبين يكلّف الأندية مبالغ ضخمة، بل الاستفادة من التعاقد مع اللاعبين الشبان سواء في أكاديمية النادي أو من خلال شبكة المراقبين ومكتشفي المواهب، وعليه يقوم النادي بضم المواهب إلى حين وصولها للسن القانونية التي تجيز لهم التوقيع على عقد احترافي.

ويعد ثنائي ريال مدريد أردا غولر وأندريك أحد الأمثلة على استثمار الأندية في مجال المواهب الشابة التي من شأنها أن تطور مستقبلاً.

تلك الخطوة ساهمت بشكل بارز في تقليص النفقات على الرغم من أنها قد تتسبّب في مشكلات على مستوى النتائج والأداء في الوقت الحالي إلا أنها قد تضمن للأندية تأمين عدد من المواهب التي من شأنها التألّق في المستقبل.

ومن ضمن الحلول التي اعتمدتها الأندية لتأمين خدمات اللاعبين، انتظار انتهاء عقودهم مع أنديتهم الحالية وضمهم بشكل مجاني. هذا الأمر من شأنه تأمين انتقال اللاعب إلى النادي من جهة، وتقليل نفقات انتقاله من جهة أخرى بحيث تقتصر الكلفة على راتب اللاعب ومخصصاته.

وقد شكل انتقال المهاجم الفرنسي كيليان مبابي إلى ريال مدريد خلال سوق الانتقالات الصيفية الحالية نموذجاً واضحاً لهذه السياسة. فبعد أن حسم مبابي خياره بعدم تجديد عقده مع ناديه السابق باريس سان جيرمان، دخل ريال مدريد على خط المفاوضات لتأمين انتقاله مجاناً ونجح في ذلك.

القوانين الصارمة والعقوبات

تسبّبت قوانين اللعب المالية النظيف بالإضافة إلى قوانين تنظيم انتقال اللاعبين الشبان تحت 18 عاماً في خلق رادع للأندية خلال أسواق الانتقالات، إذ باتت تلك الأندية تعمل على تنظيم أمورها القانونية خوفاً من تعرّضها لعقوبات قد تؤثر على النادي في المستقبل.

وبات من الصعب على الأندية في مختلف الدوريات القيام بسوق انتقالات يشمل انضمام العديد من اللاعبين في صفقات خيالية وضخمة من دون تأمين خروج آخرين من الفريق والحفاظ على استقرار الوضع المالي.

وذلك بسبب القوانين الملزمة والتي من شأنها أن تحيل النادي إلى التحقيق واتخاذ إجراءات عقابية في حال ثبوت ارتكاب انتهاكات.

وعلى مستوى التعاقد مع اللاعبين الشبان شكّل فرض عقوبة على نادي تشيلسي الإنكليزي في عام 2019 من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" رادعاً

بين الأزمات المالية وتحفّظ الأندية

كبيراً للأندية.

وتسببت العقوبات المفروضة على النادي الإنكليزي بحرمانه من تسجيل لاعبين جدد خلال فترتي انتقالات متتاليتين، وإلزامه بدفع غرامة مالية بلغت 600 ألف دولار أميركي حينها، بسبب مخالفات متعلقة بستجيل اللاعبين الشبان والتعاقد معهم.

ندرة المواهب ومخاوف الأندية

برز خلال سوق الانتقالات الصيفية غياب المواهب المقنعة التي من شأنها أن تدفع الأندية الكبيرة لخوض منافسة فيما بينها للحصول على خدماتها.

إذ شهدت أسواق الانتقالات في الأعوام الماضية العديد من الحالات التي سجّلت صراعاً كبيراً بين الأندية من أجل تأمين خدمات اللاعبين الشبان.

لكن خلال سوق الانتقالات الحالية لم تدخل الساحة الكروية مواهب أثبتت نفسها وجعلت انضمامها إلى الأندية الكبرى حاجة ملحة.

ولعل الأندية اتعظت من تجاربها السابقة في دفع مبالغ طائلة لمواهب كانت تحمل هامشاً تطورياً كبيراً ولفتت الأضواء، إلا أنها في نهاية الأمر فشلت في الوصول إلى سقف الطموحات، بل وتحوّل بعضها إلى حمل ثقيل على أنديتها.

ومن أبرز الأمثلة المهاجم البرتغالي جواو فيليكس، الذي كلّف انتقاله من نادي بنفيكا إلى أتلتيكو مدريد مبلعاً كبيراً، وعلى الرغم من امتلاكه الموهبة، إلا أنه فقد الاستمرارية في العديد من المواسم، ليخوض بعد ذلك تجربة إعارة في نادي برشلونة، وحالياً انتقل إلى تشيلسي.

وواجه تشيلسي مشكلات على مستوى المواهب الشابة، حيث إنّ نيكولاس جاكسون، المنتقل إلى البلوز من فياريال في عام 2023، لم يُحقق أي إضافة، بل تحوّل إلى مهاجم غير محبوب من قبل الجماهير التي باتت تفضّل عدم إشراكه نظراً لإهداره العديد من الفرص المحقّقة للتسجيل.

وبالعودة إلى سوق الانتقالات في موسم 2016-2017، شكّل انتقال البرتغالي ريناتو سانشيز إلى نادي بايرن ميونيخ قادماً من بنفيكا حالة استثنائية. فاللاعب البرتغالي الشاب كان متوّجاً بلقب كأس أوروبا مع بلاده على حساب فرنسا.

وساهمت التقارير الصحافية المنتشرة حينها في خلق هالة كبيرة محيطة باللاعب، مما جعله أحد أبرز مواهب جيله في ذلك الوقت، ليتخذ النادي البافاري قراره بضم سانشيز في مقابل 35 مليون يورو.

ولكن سرعان ما فشل سانشيز في التكيّف مع المستوى العالي في بايرن ميونيخ، ليخوض تجربة سيئة انتهت بسلسلة من التجارب غير الناجحة في عدد من الأندية، ويعود بعد ذلك إلى ناديه الأساسي بنفيكا على سبيل الإعارة من باريس سان جيرمان.

جميع تلك العوامل المذكورة ساهمت في غياب الصفقات الكبيرة عن سوق الانتقالات الصيفية في موسم 2024-2025، لكن مع تبقّي عدد قليل من الأيام قد تضطر الأندية التي تعاني من نقص في مراكز أساسية للتوجّه نحو تقديم عروض مبالغ بها من أجمل ضمان تأمين تلك المراكز قبل انتهاء السوق الحالية.

الأكثر قراءة

المقاومة تثبّت مُعادلة بيروت مقابل «تل أبيب» وتمطر «اسرائيل» بأكثر من 300 صاروخ العدو يتقصد استهداف الجيش اللبناني بوريل يحذّر: لبنان على شفير الانهيار