اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


 

بعيدا عن النقاش حول أسباب وصول المدارس الرسمية إلى حافة الانهيار، أو استنكار تمويل المدرسة الرسمية لضمان استمرارها، هناك أمر مستفز ومستنكر ومستغرب جدا: لماذا تفرمل الدولة انهيار مؤسساتها دوما على حساب المواطن؟

في السياق، لا يزال قرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي الرقم 680/2024، حول تحديد مساهمة الأهالي في تغذية صناديق المدارس والثانويات الرسمية التي تضم الحلقة الثالثة، موضع أخذ وردّ نقابي وقانوني وأهلي، وكان القرار قد حدد نسبة مساهمة الأهل بقيمة 4.5 ملايين ليرة عن كل تلميذ لبناني، و 9 ملايين ليرة عن كل تلميذ سوري في المرحلة الأساسية.

وبغض النظرعن التسمية والأحقية القانونية لهذه الزيادة، فإنّ إقرارها يثير تساؤلات حول حجم تعثّر المدارس الرسمية، كي يتم اللجوء إلى رفع مساهمات الأهل لتأمين مصاريفها التشغيلية. ويطرح أسئلة أخرى على سبيل: أين الدولة من دعم تعليمها الرسمي؟ أين الدول المانحة؟ أين اليونيسيف، خصوصا في ما يتعلّق بدعم تعليم الطلاب النازحين في هذا القطاع؟

أين الدولة والدول المانحة؟

حول إصدار القرار، أشار رئيس "رابطة معلمي التعليم الأساسي" حسين جواد لـ "الديار"، إلى أن هذه الخطوة مطلب أساسي لمديري المدارس وروابط المعلمين، لأنّ هذه المساهمات ستغذّي صندوق المدرسة من أجل صرف الكلفة التشغيلية اللازمة، بعد أن أحجمت الحكومة عن دفع الرسوم المترتبة عن تسجيل التلاميذ على قلّتها، فالدولة اللبنانية من خلال قانون مجانية التعليم، يفترض أن تدفع رسم تسجيل يبلغ 150 ألف ليرة عن كل تلميذ لبناني، ولكنها لا تقوم بذلك، متسائلا: كيف لمدير المدرسة أن يسيّر أمور مدرسته، في الوقت الذي لا يصل فيه أي دعم مالي من الدولة اللبنانية أو من مكان آخر؟

وحول الدعم المالي من قبل "اليونيسيف" والدول المانحة، أشار إلى أنّ الأخيرة تذلّ المعلمين والمدارس والمديرين، ولا تدفع كلّ مستحقات المدارس عن تسجيل التلامذة السوريين في الدوام المسائي، فمثلا إذا تمّ تسجيل ألف طالب يفترض أن تدفع نحو 60 ألف دولار، فإنّ هذه الجهات لا تقدّم منهم سوى 20 ألف دولار، لا تكفي ثمن مياه ومازوت وكهرباء وهاتف وبعض الكلفة التشغيلية، ولم تعد المدارس قادرة على دفع رواتب معلميها بسبب عدم وجود الأموال في صناديقها، وقد أقرّت هذه الزيادة لتأمين الكلفة التشغيلية، ولفت إلى أنّ نصف مدارس لبنان الرسمية، لا تملك الأموال لتسديد "مكسورات" السنة الفائتة 2023-2024 ، فكيف ستبدأ سنة 2024-2025؟

هل يضرب القرار المدرسة الرسمية؟

هناك من يرى أنّ هذا القرارهو ضرب للمدرسة الرسمية، وهذا ما لا يوافق عليه جواد، معتبرا أنّ ما يحصل هو العكس تماما، فالمساهمات ستؤمّن الكلفة التشغيلية للمدرسة الرسمية، كي تستمر.

وحول قدرة الأهالي على دفع هذه الزيادات، اشار الى أنّه مهما بلغ الفقر بأي إنسان، ما عدا القليل جدا، فإنّ مبلغ 4  مليون و500 ألف ليرة لا يساوي شيئا، فتكلفة أيّ رحلة مدرسية حاليا قد تصل إلى 50 دولارا مع مصروف الطالب، ولا يُعتبر المبلغ نفسه عن كل طالب مبلغا كبيرا، لتأمين الكلفة التشغيلية والسنة الدراسية.

لماذا لا تدفع الدولة هذه الرسوم وتبقي على مجانية التعليم؟ يجيب أنّ ما أقرّ هو مساهمة في صندوق الاهل، وليس رسم تسجيل، وأنّه ليس مخالفا للقانون، إذ لا تزال رسوم التسجيل مجانية وتدفعها الدولة، وتبلغ 150 ألف ليرة عن كلّ تلميذ، وتمنى أن يرتفع الرقم في موازنة 2025  حسب وعود الحكومة، كما لا يرى أنّ القرار يحرم الطلاب الفقراء من حقهم في التعليم، مؤكدا أنّ هناك طرقا عديدة لمساعدة الحالات الفقيرة، حتى لو اضطر الأمر الحصول على إعفاء مباشرة من الوزير لمثل هذه الحالات.

هل الدولة تظلم الأهل؟

هل الدولة تظلم الأهل؟ لم يعترض جواد على هذا الاستنتاج، فالدولة برأيه من واجبها أن تدفع رسوم التسجيل عن كل الطلاب، مؤكدا أنّه منذ صدور قانون مجانية التعليم " ما عم ناخد ليرة من الطلاب"، فيما الدولة امتنعت عن الدفع- إلا القليل-  منذ بداية الأزمة عام 2019. وتساءل  "كيف يبتقدر تمشي مدرسة فيها 300 طالب بمبلغ 400 دولار"؟ وأضاف أنّه حين إقرار هذا المبلغ لصندوق المدرسة في ذلك الوقت حجزته المصارف.

 ودعا كلّ فرد يرى أنّ القرار ظالم للطلاب ومخالف للقانون : "يتفضل يساهم مع هذه الناس... يمد ايده على جيبته ويدفع للناس"، وختم أنّه آن الأوان أن نحفظ المدرسة الرسمية، لأنّنا أصبحنا على شفير انهيار المدارس الرسمية نهائيا، فهناك من يعمل لشهور طويلة من غير راتب، فلا أموال في صناديقنا!".

خلاصة القول... يحقّ للمواطن اللبناني التعلم مجانا في بلده أسوة ببلدان كثيرة، تعاني وضعا أمنيا واقتصاديا أسوأ بكثير، لكّنها لا تزال تحافظ على مجانية التعليم فيها، وبغض النظرعن قانونية القرار أو عدمها، هل وصل الحال بالمدرسة الرسمية أن تستمر بسبب مساهمات الأهالي فقط؟ أين دعم الدول لتعليمها الرسمي؟ أين دور الجهات والمنظمات المانحة؟ هل تدفع؟

وإذا كانت كذلك، أين تذهب أموالها؟ وهناك سؤال مفصلي لا يتصل بكل هذه الأسئلة:  لماذا حتى الآن لم تضع الوزارة خطة لحماية المدرسة الرسمية من الانهيار؟

الأكثر قراءة

الملف الرئاسي يأخذ منحى جديدا: لودريان سيلتقي بري والعلولا مع المعارضة فشل مفاوضات الصفقة في غزة كليا ... ولا تسوية بين حماس و«اسرائيل»