اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


الضنينون بالمقاومة وبرجال المقاومة الذين هم وجه لبنان وقبضة لبنان، في مواجهة البربرية سواء أتت من قبر راحيل أم من كهوف تورا بورا. السيّد هو من قال "هذا ليس وقت اليوم الكبير"، لكنه بالضرورة يوم الرجل الكبير، مع يقيننا بأن من كسر المستحيل مرة، بقهر القوة التي لا تقهر، يستطيع كسره في كل مرة...

لقد دقت ساعة الحقيقة ليقول كلمته في وجه حملة الخناجر، أكانوا هنا أو هناك أو هنالك. أولئك الذي لم توقظهم صرخة غزة، لا يمكن أن توقظهم لا أجراس الدنيا ولا مآذن الدنيا. ايها السيد حين لا يكون هناك مسلمون، ولا يكون هناك عرب، كيف تكون هناك قضية اسلامية أو قضية عربية؟  نحن ندرك أن الألم الذي فيكَ يتألم، خصوصاً خلال هذين اليومين، لن يجعلكَ في أي حال، تنوء بالحمل الثقيل الذي على كتفيك، لأنك رجل التاريخ ورجل الضمير، فيما غيركَ في المكان الآخر، وحيث أبواب ألف ليلة وليلة التي فتحت أمام هولاكو، تفتح الآن وعلى مصراعيها أمام بنيامين نتنياهو؟

"الواشنطن بوست" قالت ان الولايات المتحدة تقف الى جانب "اسرائيل"، دون أن نكون بحاجة الى هذا الكلام، لعلمنا أي تأثير أخطبوطي للوبي اليهودي في مفاصل القوة في الدولة العميقة. من ذا الذي يقف الى جانب المقاومة في العالم؟  وحتى في ما يدعى افتراضياً العالم الاسلامي، ناهيك عن العالم العربي، وحتى في لبنان الذي منذ ولادته على يد القابلة الفرنسية، سواء في قصر فرساي أو في قصر الصنوبر، وهو في حال الاجترار السياسي والاجترار الطائفي، بكل آفات القرن التاسع عشر؟

ما حدث أثبت أننا أمام واقع جديد (لكأنه مقتطع من أحد أفلام الخيال العلمي)، ويقتضي التعامل معه برؤية جديدة، وبأدوات جديدة، ما يستدعي أياماً وربما سنوات، ليس فقط من التأمل، بل ومن التخطيط ومن الجهد فوق الأرض وتحت الأرض. وهذا ما حصل لارساء معادلة التوازن الميداني. الآن التوازن السيبراني، وهو السلاح الأمضى، بعدما لاحظنا المدى الذي بلغه التعاون التكنولوجي بين واشنطن و"تل أبيب".

الهوة سحيقة وساحقة يا صاحب السماحة. ها هي "معاريف" تغسل يديها من "ايام العار" في غزة، لتقول "ان الهجمات الأخيرة غيّرت كل ما يعرفه العالم من الحروب"، ولتضيف "بعد العصر الحجري جاء عصر السيوف وعصر البنادق وعصر الدبابات، ومن ثم عصر الطائرات النفاثة، والآن عصر جديد للقتال"، بعدما كان الفيلسوف اليهودي الفرنسي آلان فينكيلكروت قد رأى في العرب "تلك القبائل التي في منتصف الطريق بين العصر الحجري وعصر شهرزاد".

مقاومة لولاها لرأينا "حاخاماً" مرشداً روحياً للجمهورية، دون أن ننسى كيف حاول آرييل شارون اقتحام مكتب الرئيس الياس سركيس لولا التدخل الأميركي، أو لكانت رايات أبي بكر البغدادي السوداء ترفرف على قباب كنائسنا ومساجدنا. أيضاً وأيضاً فوق... قبورنا!

اذاً، هذا هو الوقت الحاسم لحماية المقاومة. غزة لم تتحول الى ركام على أيدي "الاسرائيليين" فقط، وها هم يعدون اعمارها لتكون المنتجع المتوسطي لا الخندق. متى ايها الرجل الكبير لم يقدم جحافل من ساسة الأمة أرواحهم هدية الى الشيطان، لا بيعها له كما فعل فاوست في رائعة غوته؟

الآن نحن بقاماتنا المنتصبة نعرف كيف نرد، وكيف يزعزع ردنا عظامهم. ولكن، بعد الذي حدث، ماذا يخبئ "الاسرائيليون" لنا، كبلد تتفاعل فيه كل أزمات المنطقة، وكل صراعات المنطقة؟ ولنتذكر ما حدث حين تنبّه حزب الله  الى حساسية قطاع الاتصالات بالنسبة الى الصراع، ومد شبكته الخاصة. آنذاك اشتعلت مرؤة "سادة السيادة"، وهم سادة سوق النخاسة (مرؤة العتابا والميجانا)، وكان قرار مجلس الوزراء باصدار مذكرة جلب بحق السيد حسن نصرالله.

أيها السيد، بالروح التي تتألم، وبالعقل الذي يتألم، رهاننا على العقل فيكَ، على قوة العقل، وأنتَ الذي تعلم أن ما حصل يتعدى مسألة تفخيخ هذه الأجهزة وتلك، بالرغم من هول هذه المسألة.

هذا وقت لاستعادة الأنفاس، للتأمل البعيد المدى، وللرؤية البعيدة المدى. الأولوية لحماية المقاومة التي هي رهاننا الوحيد في دولة اللادولة، لبقاء لبنان بعنفوانه، لا لبنان الذي يعيد بعظام أبنائه بناء الهيكل.

بعد هذه الأيام الكارثية، نعيد القول ان من كسر المستحيل مرة، بقهر القوة التي لا تقهر، يستطيع أن يكسره مرة أخرى. لكنه الوقت الثمين والدم الثمين، وأنتَ أيها السيد الضنين بالوقت وبالدم...

الأكثر قراءة

إذا نزل حزب الله تحت الأرض