اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لهذا قال له ايهود باراك «لا تذهب بنا الى جهنم». يعلم أن مصطلح «العملية المحدودة» أكثر من أن يكون كاريكاتورياً، مصطلح خادع. مثلما كذب آرييل شارون عام 1982، ودخل الى بيروت لفرض الجمهورية ولفرض رئاسة الجمهورية في لبنان، بنيامين نتنياهو يكذب، وهو الذي يعتبر أن الاستيلاء على لبنان، يعني ازالة أي دور وأي أثر  لايران في المنطقة.

الأميركيون الذين يحملونه على ظهورهم قالوا له ما قاله له باراك. قفز فوق الجميع لتكون النتيجة، مثلما بكت الميركافا عام 2006، الآن تناثرت أشلاء الجنود بين التلال، ليفرّ من تبقى منهم مثلما تفرّ الفئران المذعورة.

كان واضحاً من أقوال وتعليقات أهل اليمين الرهان على أن ما دعوها «حفلة الاغتيال الفاخرة»، لا بد أن تفضي الى تخلخل كارثي ليس فقط في البنية السيكولوجية لحزب الله، وانما أيضا في البنية التنظيمية، تالياً في البنية العملانية. ما حصل يوم الأربعاء ضربة على رأس نتنياهو الذي تغيّرت للتو تقاطيع وجهه، من الشعور بالزهو الى الشعور بالصدمة. اذاً... المقاومة لا تزال المقاومة، ليرفع محمد عفيف، ومن بين الأنقاض في الضاحية، صوت التحدي وصوت الكبرياء، اننا هنا...

لا وقت للشقاق، أيها الاشقاء العرب. هذا وقت القبضات المرفوعة حتى من قبورنا في وجه البرابرة، لنتوقف قليلاً أمام دعوة احدى الصحف العربية اللبنانيين الى الاستعداد لمرحلة «ما بعد حزب الله» الذي في طريقه الى الاندثار، كون الوصاية «الاسرائيلية» على لبنان (وربما على العرب) أفضل من الوصاية الايرانية. 

اذ نرفض أي وصاية على لبنان، مع أن المنظومة السياسية وضعتنا تحت كل اشكال الوصايات، ودون أن يكون لبنان بتشكيله الفسيفسائي أهلاً للتماهي مع النموذج الايديولوجي في ايران، نسأل الاشقاء اياهم أي لبنان حين تزول المقاومة، اذا لاحظنا كيف تجثم قبائل ياجوج وماجوج على تخومنا التي قال ميشال شيحا وموريس الجميل وشارل مالك، انها تخوم الجحيم!

قد نكون ضد تفجير الجبهة الجنوبية، ونحن في دولة على مسافة خطوة من الهاوية، وقد لا نؤمن أن قضية فلسطين ليست قضيتنا وحدنا دون سائر العرب (ودون سائر من يوصفون بالمسلمين). ولكن ألم تكشف الاشهر المنصرمة أن من حوّل غزة الى ركام، يريد تحويل بيروت الى ركام؟ ماذا عن دمشق التي قال سفر اشعيا انها «تزول من بين المدن وتصبح ركاماً من الأنقاض»؟

لكن الفلسطينيين، ومن بين ذلك الركام الذي لكأنه ركام هيروشيما وأكثر، حطموا الاسطورة الاسبارطية في «اسرائيل»، بل وفي الشرق الأوسط. المعلقون «الاسرائيليون» من قالوا «لولا أميركا لكان علينا أن نقاتل الفلسطينيين بالعصي وبالحجارة»، وهكذا بدا المشهد. بنيامين نتنياهو يجر جو بايدن وراءه كمن يجر عربة الموتى. على جدار في غزة كتبت هذه العبارة «أثنان الى صندوق القمامة».

رجل لا يقود «اسرائيل» فحسب الى الهاوية، كل الشرق الأوسط الى الهاوية، كمنطقة تعاني من الخواء، ليس فقط من الفراغ، لأنها ما زالت تصر على البقاء على مسافة ضوئية من الزمن. هذا لا يجعلنا نغفل تلك المجموعة من الفلاسفة والمفكرين اليهود، الذين يرفضون الانتماء الى ايديولوجيا الدم، وعلى خطى الفيلسوف اليهودي الهولندي باروخ سبينوزا (1632 ـ 1677 ).

بين يدي الآن كتاب لفريديريك لونوار (Le miracle Spinoza)، وحيث المواجهة مع أولئك الملوك (ملوك التوراة) الذين "يظنون أنهم يسوقون الله بالعصا. ذاك الله الذي اضاء فينا العقل والقلب، والذي لا أثر له في رؤوس الأحبار، وهم يحفرون الأنفاق في أرواحنا». تصوروا ألّا يرى موشي هالبرتال، استاذ الفلسفة الاسرئيلي في جامعة نيويورك، في لبنان سوى «مقهى الأراكيل».

ماذا اكتشف بنيامين نتنياهو ويؤاف غالانت وهرتسي ليفي، في ما دعته «يديعوت أحرونوت» «الفجر الأسود»؟ ليس فقط الأداء الخارق عبر المسافة صفر مع الغزاة، بل حنكة خارقة في التخطيط والتنفيذ. قيل لنا هي صرخة السيد التي ستبقى تزلزل في صدور من نذروا أنفسهم للدفاع عن تراب لبنان، وعن مستقبل لبنان في وجه من  احترفوا صناعة الموت وصناعة الخراب، لتصفهم الفيلسوفة اليهودية الأميركية جوديت باتلر بـ "أولئك الذين لا صلة لهم بالحياة».

باراك قال لهم، أوستن قال لهم «اياكم وجهنم». المقاومون قالوا لهم «أهلاً بكم في جهنم»، لتقول وكالة «بلومبرغ» هكذا تفتح البوابة الديبلوماسية...

الأكثر قراءة

كيف نجت المقاومة؟ ولماذ يراهن قاسم على الوقت؟