اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في انتظار الترجمة العملية لكلام نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وما اذا كان يتحدث عن وقف النار في لبنان فقط ام باستمرار ربط المسار مع غزة، والى حين يقول الرئيس بري كلمته، بعدما لفحت البيان الثلاثي مواقف وزير خارجية ايران عباس عرقجي، بقيت المعارضة على مواقفها توازيا مع حركة اللقاءات والاتصالات الشكلية الهادفة الى انجاز الاستحقاق الرئاسي.

فالاحداث المتلاحقة منذ الاجتماع الثلاثي، بينت عن انقلاب المشهد راسا على عقب، في ظل خلط الاوراق الذي حصل بعد زيارة وزير الخارجية الايرانية الى لبنان، وما تمخضت عنه من نتائج، على اكثر من صعيد، داخلي وخارجي، اعادت معها الامور الى مربعها الاول، في الملفين المطروحين، رئاسة الجمهورية ووقف اطلاق نار على قاعدة تنفيذ القرار 1701.

رئاسة الجمهورية

وفي هذا الاطار يبدو ان اولى نتائج الزيارة الايرانية، التي اعادت «شدشدة» الجبهة اللبنانية، والتي تجلت في كلمة نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، كان اضعاف اللقاء الثلاثي الذي عقد في عين التينة وضم تحالف بري-ميقاتي-جنبلاط، والتي لم يتجرأ اي من الاطراف المسيحية حضوره، اذ بدا واضحا ان «النصائح» التي وصلت الى المختارة، والتقطتها «انتينات» البيك، دفعت «بابي تيمور»، الى «التكويع» مغيرا اتجاهه، متحدثا لاول مرة عن القرار 1559، والاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله، مهاجما طهران معتبرا انها المعرقل لكل الحلول، كاشفا عن اتصالات يجريها لتامين «هنغارات» و»بيوت جاهزة» لايواء النازحين، وتفكيك تلك القنبلة الموقوتة، في ظل الحرب التي ستطول وتتوسع.

هذه المواقف دفعت للتساؤل عما بقي من الاتفاق الثلاثي، وما اذا كان رئيس مجلس النواب موافقا عليها، وكذلك موقف السراي، اذ يبدو من الوهلة الاولى ان كلام قاسم جاء ردا على البيك، خصوصا ان الاخير لمس عدم تجاوب مسيحي واضح مع الدعوة الى انتخاب رئيس توافقي، من ضمن الاسماء المطروحة، والذي دفع سليمان فرنجية الى التاكيد انه لا زال مرشح الثنائي.

وفي هذا الاطار تؤكد اوساط دبلوماسية ان ثمة انقساما في الراي داخل الادارة الاميركية، حول اسم الرئيس ومواصفاته، قد لا تحسم قبل حسم هوية ساكن البيت الابيض الجديد، الامر الذي انعكس خلافا اميركيا – فرنسيا ترجمة مواجهة بين نتانياهو وماكرون، انتهت الى تحديد زيارة لوزير خارجية فرنسا الى تل ابيب، استبقها بموقف حمل فيه حزب الله مسؤولية توسيع الحرب.

بين الـ1701 و1559

اما في ما خص وقف اطلاق النار فمن الواضح وفقا للمواقف المعلنة ان الامور ذاهبة الى مزيد من التصعيد والى اتساع رقعة الحرب، وسط مخاوف بيك المختارة من وصول الدبابات الاسرائيلية الى بيروت، اذ تشير مصادر اميركية، الى ان القرار 1701 لم يعد مطروحا، الا بكونه جزءا مكملا للقرار 1559، مع كل ما يعنيه ذلك من خلط للاوراق الفلسطينية والسورية، على الساحة اللبنانية، وتداعيات ذلك، حيث يتزايد التاييد في كواليس القرار الاميركي، لفكرة اقامة «بيروت كبرى» منزوعة السلاح، تحت حماية الشرعية اللبنانية.

وتكشف مصادر دبلوماسية متابعة، ان واشنطن باتت اكثر تشددا في الوقت الراهن، وهي غير متحمسة لاي وقف لاطلاق النار في الوقت الحاضر، خصوصا انها تحاول الاستثمار في التصعيد السياسي لجهة «تفاوضها» غير المباشر مع طهران.

زيارة غالانت الى واشنطن

تحت هذا العنوان تتوقف المصادر عند زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت الى واشنطن، حيث على جدول اعماله بند وحيد، كيفية التعامل مع طهران، وحدود المواجهة معها، في ظل الانقسام الاميركي الكبير والواضح حول تلك المسالة، اذ تؤكد المصادر ان المعنيين في الادارة الديمقراطية يملكون «الجزرة» الجاهزة لتقديمها لنتانياهو، في ظل التواصل المستمر مع طهران، وعدم حسم الخيارات معها، والتي يبدو انها معلقة لما بعد الخامس من تشرين الثاني، وهما ساحة لبنان وسوريا، وسط الترجيحات بانه في حال لم نشهد ضربة اسرائيلية كبيرة لايران، فان تل ابيب ستقوم بعملية استفزاز كبيرة عبر محاولة اغتيال مسؤول ايراني كبير.

اما الملف الثاني، الذي يتوقع ان يبحثه غالانت، فهو تسريع امدادات السلاح لتل ابيب، في ظل الجسر الجوي المفتوح، حيث تنظم عشرات الرحلات الجوية لطائرات النقل العسكرية الضخمة، حاملة مئات القنابل الصاروخية الخارقة للتحصينات من عيارات مختلفة، في ظل التفويض الممدد للجيش الاسرائيلي بالاستمرار في عمليته ضد حزب الله، وصولا الى تغيير الواقع السياسي في الداخل اللبناني.

فهل تنتهي الزيارة الى مقايضة تقوم على معادلة بيروت ودمشق مقابل التخلي عن ضرب طهران جديا؟

كلمة الشيخ قاسم

غير ان تضارب المعلومات حول مصير القيادات العسكرية والقيادية في حزب الله، في ظل سياسة الصمت الاعلامي التي يتبعها، لم يحل دون ظهور نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في رسالة ثانية وجهها لجمهور المقاومة اولا، وللداخل والخارج ثانيا، عكست بوضوح انتصارات المقاومة في المواجهة البرية مع العدو الاسرائيلي، حيث أكد على مواصلة القتال جنوبا، حتى توصُل لبنان الرسمي الى استصدار قرار بوقف النار. وتوجه في خطاب الى النازحين قائلا «نحن ثابتون وسننتصر إن شاء الله وأنتم بنزوحكم تدفعون ثمنا مشابها للثمن الذي تدفعه المقاومة». وأعلن ان «حزب الله» وحركة «أمل» على قلب واحد في السراء والضراء ومن يتوقع غير هذا من أبناء السيد موسى الصدر». وقال :»نحن لنا ملء الثقة بقيادة الأخ الأكبر الأستاذ نبيه بري أنت الأكبر بنظر الأمين العام واعلم أنك الأخ الأكبر بنظر كل «حزب الله». وأيد «الحراك السياسي الذي يقوده بري بعنوانه الأساس وقف إطلاق النار»، معلنا انه «قبل وقف إطلاق النار أي نقاش آخر لا محل له بالنسبة إلينا».

ولفت الى انه «إن تابع العدو حربه فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلا»، وقال «هذه الحرب هي حرب من يصرخ أولا ونحن لن نصرخ سنستمر وسنضحي وسنقدم وإن شاء الله تسمعون صراخ العدو». وقال «ليس لدينا موقع شاغر كل المواقع مملوءة وحزب الله يعمل بكامل جهوزيته وانتظامه. كل ما كان لدى القادة الذين استشهدوا توجد نسخ منه لدى مساعديهم وبدلائهم ،لا خوف من المتابعة التي تجري بانتظام بحمد الله». وأكد اننا «سننجز انتخاب الأمين العام وفق الآليات التنظيمية وسنعلن ذلك في حينه»، وقال :» عدوان على الضاحية والجنوب والبقاع والجبل مؤلم جدا ولكنه سلاح العدو أن يبطش بالمدنيين وهو يعتقد أنه سينتصر. وأعلن ان «الحل الوحيد بالنسبة إلينا هو المقاومة والصمود والتفاف أهلنا حولنا هذا هو خيارنا للنصر». وقال «سنهزم إسرائيل إن شاء الله ولن تحقق أهدافها».

(تفاصيل كلمة نعيم قاسم في الصفحة٤)

تطورات الاعمال القتالية

وفيما تستمر الغارات واحزمة النار الجوية التي تقيمها اسرائيل في الجنوب والضاحية فالبقاع، على وقع الاستعدادات لدخول سلاح البحرية ساحة القتال، لا زالت العمليات البرية تتوالى في القطاع الشرقي دون أن يتمكن العدو من السيطرة على اي شبر شاطرة كاملة والاستقرار هنالك؛ في وقت زار فيه قائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال كوريللا تل ابيب، لمراجعة الخطط العسكرية المعدة للجبهة اللبنانية، في وقت دفع الجيش الاسرائيلي بمزيد من الفرق العسكرية الى الحدود الشمالية، حيث تتركز على بعد 30 كيلومترا من الجولان.

تجدر الاشارة الى ان معلومات خلال الساعات الماضية، نقلا عن شهود عيان، افادوا ان القوات الروسية سحبت نقاطها العسكرية من «تل الحارة» في ريف درعا الشمالي، وهو اعلى تل على الحدود السورية – الاسرائيلية، حيث تم انزال العلم الروسي وسحب القوة المتواجدة في المكان باتجاه دمشق.ما طرح علامات استفهام، عما اذا كان ذلك مقدمة لفتح ثغرة امام تقدم القوات الاسرائيلية للالتفاف من جهة القنيطرة نحو لبنان، حيث ان الحشود الاسرائيلية الكبيرة تتواجد على بعد 30 كلم تقريبا من تلك النقطة.

الهجوم الأكبر

وكانت أكّدت وسائل إعلام إسرائيلية، أنّ «القصف العنيف الذي شنّه حزب الله على مدينة حيفا هو الأكبر منذ بدء الحرب»، إذا أطلق «حزب الله أكثر من 105 صواريخ، خلال نصف ساعة فقط.وقالت القناة «14» الإسرائيلية، إنّه وتزامناً مع كلمة نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أطلق حزب الله من لبنان أكثر من 100 صاروخ في اتجاه حيفا، الأمر الذي أدّى إلى دوي سلسلة من صفارات الإنذار في حيفا و»الكريوت» (أكبر تجمع للمستوطنين في شمالي فلسطين المحتلة) والمناطق المحيطة وسماع انفجارات.

من ناحيته، أعلن «جيش» الاحتلال الإسرائيلي عن أنّ نحو 105 صواريخ أطلقت من لبنان في اتجاه خليج حيفا على دفعتين، مضيفاً أنّ الدفاعات الجوية الإسرائيلية لم تستطيع اعتراض جميع الصواريخ.

وأدّت صواريخ المقاومة التي أطلقت من لبنان بوقوع أضرار كبيرة في مستوطنات عديدة ولا سيما في «كريات موتسيكين»، و «كريات يام». من ناحيتها، أشارت «نجمة داوود الحمراء» إلى أن فرقها نقلت إلى المستشفى الإسرائيلية عددا من إلاصابات عقب القصف الصاروخي الأخير من لبنان على حيفا.

غارات

على الارض، وفور انهاء قاسم كلمته، شن الطيران الاسرائيلي غارة عنيفة على محيط منطقة حارة حريك -الرويس في الضاحية الجنوبية. وسمعت أصداء انفجاراتها في بيروت وجبل لبنان. واستهدفت الضاحية مرة اخرى بعد وقت قليل وطالت الغارة نقطة خلف المطار، اما جنوبا شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي جولة جديدة من الغارات على عدد من الأماكن والبلدات في قضاء صور. فشن غارة على طيرفلسيه واخرى بالقرب من مستشفى حيران. واستهدفت غارة وسط بلدة عدلون في الزهراني. واغار على مدينة النبطية. واستهدفت غارات بلدة الخيام. وسجلت غارة على بلدة الشهابية وثانية استهدفت مركز كشافة الرسالة في ياطر من دون وقوع اصابات. بقاعا، شن الطيران الاسرائيلي بعد الظهر غارة على بلدة الخضر.

جولة الاشتراكي

في السياسة، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، النائبين مروان حمادة وراجي السعد موفدين من الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، فيما عقد اجتماع في مجلس النواب بين نواب من اللقاء التشاوري النيابي المستقل وكتلة الاعتدال للتداول في المستجدات التي تمرّ فيها البلاد .

تحرك فرنسي جديد

في غضون ذلك والى حين اتضاح مسار العلاقات الفرنســية – الاسرائيلية، كشف زوار الايليزيه ان الرئيس ايمانويل ماكرون، يعتزم الدعوة الى اجتماع لاصدقاء لبــنان والدول المانحة لتامين مساعدات عاجلة ، تخفف من وطأة النزوح المتزايدة، وما قد يترتب عليها من تداعيات داخلية كارثية في غضون الايام القادمة، فضلا عن تامين دعم سريع للمؤسسات الامنية اللبنانية، لرفع جهوزيتها وامكاناتها متى اتخذ القرار باعادة احياء الـ 1701، مستدركين، ان نجاح الدعوة وما قد ينتج عن الاجتماع غير مضمونين، في ظل وقوف غالبية الدول العربية والاوروبية خلف الموقف الاميركي، المؤيد لتغيير جذري في الوضع اللبناني.