اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

صدر عن القمة الروحية المسيحية - الاسلامية، في الصرح البطريركي في بكركي بيان ختامي، تلاه النائب البطريركي المطران انطوان عكر، وفيه: «انطلاقاً من واجب تحمُّلِ المسؤولية الروحية والأخلاقية والوطنية، وسعياً لبعث الأثر الإيجابي في المجتمع اللبناني والحثّ على إنقاذ الوطن، التأمت القمة الروحية المسيحية – الإسلامية أمس في بكركي، بمشاركة الرؤساء الروحيين المسلمين والمسيحيين».

وتمّ البحث والتداول مطولاً في العدوان الهمجي والوحشي الذي قامت وتقوم به «إسرائيل»، ضد لبنان غير عابئةٍ بالمعاهدات والشرائع الدولية، ولا سيما شرعة حقوق الإنسان، ولا مكترثة بالأمم المتحدة، ولا بمجلس الأمن الدولي وقراراتهما، ممعنةً في استعمال العنف والدمار والقتل والإبادة الجماعية، وهدم المنشآت والمؤسسات والبيوت على رؤوس ساكنيها، ويأتي ذلك كلّه بعد أن دمّرت «إسرائيل» غزة تدميراً كاملاً، وقتلت الأطفال والنساء والعجز، وهدّمت المستشفيات والمساجد والكنائس.

وتُجاه هذا الواقع الكارثي والإنساني المروع، الذي لم ترَ له البشرية مثيلاً في التاريخ الحديث، لا في هول الأفعال والمجازر، ولا في الصمت على ما يُرتكب من أهوال وجرائم، ولا في درجة الاستكانة والانكفاء والتلكؤ عن اتخاذ ما يجب اتخاذه من مواقف ومقررات وتدابير رادعة بحق «إسرائيل»، للحفاظ على السلم والأمن الدوليين. فقد تداعى المشاركون في لبنان، فكان هذا اللقاء الوطني الجامع، حيث توجه المجتعمون إلى أهلنا وإخواننا في الجنوب والبقاع وبيروت وضاحيتها، وفي كل المناطق اللبنانية التي استهدفها العدوان الصهيوني الغاشم بالتعزية الحارّة لسقوط الشهداء، شهداء الوطن، الذين ضحّوا بحياتهم دفاعاً عن لبنان، والضحايا الأبرياء من المدنيين والنساء والأطفال والعجز وكبار السن، سائلين الله تعالى أن يضمد جراح المصابين، وأن يمن عليهم بالشفاء العاجل.

وأكّدت القمة «أنّ العدوان الإسرائيلي الهمجي يطال كل لبنان وينال من كرامة وعزة كل اللبنانيين، وأن اللبنانيين بوحدتهم وتضامنهم وتمسكهم بأرضهم ووطنهم قادرون على الصمود وردّ العدو على أعقابه»، مشدّدةً «على أنّ الحلول للبنان لن تكون، ويجب ألاّ تكون، إلاّ عبر الحلول الوطنية الجامعة التي ترتكز على التمسّك بالدستور اللبناني واتفاق الطائف وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة وبقرارها الحر وبدورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية ومسؤولياتها تُجاه شعبها وضمانة أمنه واستقراره وازدهاره».

التوصيات

وبناءً على ذلك، خلصت القمة إلى ما يلي:

-أولاً: دعوة مجلس الأمن الدولي الى الانعقاد فورا، ودون تلكؤ لاتخاذ القرار الحاسم لوقف اطلاق النار، ولإيقاف هذه المجزرة الإنسانية التي ترتكب بحق لبنان الذي يشكّل نموذجاً رائعاً في هذا الشرق، لإعلاء قيم الحق والمساواة والعدالة والتسامح والانفتاح والعيش المشترك السلمي البنّاء بين أتباع الشرائع الدينية والثقافات، وهو الذي وصفه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بأنه رسالة سلام ومحبة.

- ثانياً: دعوة اللبنانيين إلى إنقاذ وطنهم، فالوقت والزمن هما لإثبات جدارتنا بأن نكون لبنانيين موحدين، وأن نستحق انتماءنا لهذا الوطن الذي يغبطنا عليه العالم. الوقت هو وقت التفاهم والتعاون والتلاقي لأنّ الكيان اللبناني بات معرَّضاً للمخاطر والضياع، فأطماع العدو الإسرائيلي ليس لها حدود، لا في الزمان ولا في المكان. الوقت الآن هو وقت التضحية من أجل إنقاذ لبنان، وهو وقت التضامن والتكافل والوحدة. والمطلوب تعزيز ثقتنا بعضنا ببعض، والتعاون لبناء الدولة القادرة والعادلة وتحصين مؤسساتها، ولكي تبقى وحدة الشعب اللبناني هي السلاح الأمضى في الدفاع عن لبنان، وفي تأكيد حقِّه بالحرية والاستقلال والسيادة.

-ثالثا: حثّ اللبنانيين جميعاً على القيام بواجباتهم تُجاه وطنهم، واولها إعادة تكوين المؤسسات الدستورية، ولاسيما قيام مجلس النواب، وفوراً، بالشروع في انتخاب رئيس للجمهوريـة، يحظى بثقة جميع اللبنانيين وذلك تقيّداً بأحكام الدستور، وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والتوافق، بإرادة لبنانية جامعة وعملًا بروح الميثاق الوطني وتغليبًا للمصلحة الوطنية وتجاوزًا للمصالح الخارجية.

رابعا- الشروع فوراً بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701 كاملاً، بما يتضمن من دعمٍ جيش اللبناني وتعزيز إمكانياته وقدراته للدفاع عن لبنان، وتأكيد انتشاره الواسع في منطقة جنوب الليطاني، وفي مختلف المناطق اللبنانية. وعلى الحكومة اللبنانية، بوصفها المؤتمنة على السلطة التنفيذية الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة والتعاون مع المجلس النيابي وفق الدستور من أجل تعبئة جهود وطاقات الأشقاء العرب والأصدقاء الكثر في العالم للإسهام مع اللبنانيين في إنقاذ لبنان.

خامسا- التأكيد على وحدة اللبنانيين، وعلى ضرورة احتضان بعضهم لبعضهم الآخر، ولا سيما في هذه المرحلة الصعبة التي يسود فيها القلق عندهم جميعاً. ولذلك ينبغي التأكيد على عودتهم، وكفريق واحد متضامن، إلى ما تقتضيه مصلحتهم الواحدة ومصلحة لبنان، وذلك بشروط الدولة اللبنانية وتحت رعايتها، وهذا يعني أن تمسك الدولة بالقرار الوطني، وتُدافع عن سيادتها الوطنية وعن كرامة شعبها، وأن تكون صاحبة السلطة الوحيدة على كامل التراب اللبناني.

سادسا: التوجه بالشكر والتقدير لجميع اللبنانيين على المبادرات الطيبة التي عبّروا عنها في جميع المناطق اللبنانية، التي تدل على أصالتهم ووطنيتهم في احتضان بعضهم بعضاً، وفي ما يقومون به من أجل إغاثة النازحين اللبنانيين، الذين اضطرهم العدوان الإسرائيلي إلى ترك قراهم وأماكن سكنهم، مع التأكيد على ضرورة استضافة هؤلاء النازحين الضيوف، إلى أن يعودوا إلى بلداتهم وقراهم ومساكنهم، والعمل على تقديم العناية اللازمة والرعاية لهم، مع التأكيد والحرص على احترام الملكية الفردية، وبالتالي رفض أي نوع من أنواع التعديات على الأشخاص وأملاكهم.

سابعا: التوجّه بالشكر للدول العربية الشقيقة والدول الصديقة على مبادراتها الطيبة تُجاه لبنان، وتقديمها الدعم السياسي والعون المادي والطبي والغذائي، متمنين على هذه الدول مضاعفة جهودها في نصرة لبنان من أجل وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم وتعزيز صمود شعبه بعد أن أصبح لبنان بلداً منكوباً يستحق مساندته من كل الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية والإنسانية، وتقديم كل المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة الأهالي المُنْتَزَعين من بلداتهم وقراهم، والحفاظ على كرامة اللبنانيين، ولإعادة بناء وإعمار ما تهدّم.

ثامنا: توجيه الشكر لقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب للجهود والتضحيات التي تقوم بها حفاظًا على حدود لبنان الجنوبية وسكان تلك المنطقة. ونثمّن تمسكها بالبقاء في مواقعها بالرغم من المضايقات والإنذارات الإسرائيلية غير المبررة، الهادفة الى إلغاء كل شاهد على المجازر الوحشية التي ترتكبها بحق وطننا. اننا ندعو المجتمع الدولي الى الوقوف بجانب هذه القوات وحمايتها.

تاسعا: التأكيد على أنّ القضية المركزية التي تتمحور حولها معظم القضايا في المنطقة العربية، هي القضية الفلسطينية المحقّة التي ما تزال تنتظر الحلّ العادل والشامل ليكون للفلسطينيين وطنهم وتكون لهم دولتهم السيدة المستقلة حسب ما جاء في المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت في العام 2002، وذلك من خلال فرض حلٍّ عادلٍ ودائمٍ ترعاه الأمم المتحدة وعواصم القرار والأشقاء العرب، فيتكرَّس من خلاله السلام وتنتهي بتنفيذه المأساة.

وفي الختام، سـأل المجتمعون الله أن ينعم علينا بالسلام العادل والدائم والشامل وأن يجعلنا بناة سلام. ويضرعون الى الله تعالى لكي يحمي لبنان واللبنانيين في كل سوء، ويمنح شعبنا القدرة والرجاء كي يصمد في وجه هذه الكارثة، ويوطّد وحدته الوطنية، وسيادته وحريته، وسلامة أراضيه على كامل التراب اللبناني».

الراعي: دورنا تضميد الجراح وايجاد الحلول

وفي مستهل القمة، ألقى الراعي كلمة الافتتاح قال فيها: «الزمن اليوم زمن تضميد الجراح وايجاد الحلول، هذا دورنا كرؤساء روحيين، وينتظره منا شعبنا، بل هو حق شعبنا علينا. نخاطبه ببساطة ومن القلب الى القلب. فهذا دورنا، وهذه رسالتنا.بارك الله اعمال هذه القمة، وأخرجنا منها لمجده بتفاهمنا الكامل، وبروح الأخوّة، والشعور بالانتماء لبعضنا الى بعض. مع الشكر لإصغائكم!».

دريان: لا خوف على لبنان

بدوره، قال دريان: «ثقوا أن لبنان سيبقى وطننا جميعا، إيمانه بالله، وحدته الوطنية، أصالة شعبه، كفيلة بحفظه وحمايته واستمراره، ورد العد والإسرائيلي المعتدي على أعقابه. ولا خوف على لبنان. ما حصل، هو امتحان عسير لنا جميعا، عرض لبنان كله للدمار، علنا نتعظ ويكون درسا لنا، في معالجة مشكلاتنا الحالية والقادمة، ولعل أهمها انتخاب رئيس للجمهورية».

الخطيب: لبناء دولة حقيقية قوية وقادرة

وقال الخطيب:  «إننا ندعو الى بناء دولة حقيقية قوية وقادرة تستطيع القيام بمسؤولياتها الوطنية في الدفاع عن سيادتها وكرامة شعبها وبناء دولة عادلة، دولة المواطنة بعيدا عن المحاصصات الطائفية التي هي سر عدم قيامها حيث يتغافل البعض عنه ويحمِّلُهُ عن قصد أو غير قصد الى المقاومة وسلاحها ليتهرب من اللجوء الى الحل الحقيقي، الذي من دون المصارحة بيننا سنبقى نكرر انفسنا ومشاكلنا... وأول الخطوات أن نبدأ باعادة انتظام المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس توافقي للبلاد».

ابي المنى: لنتواضع ونتوافق

على خريطة لإنقاذ الدولة

اما الشيخ أبي المنى فقال: « فلنتواضع ولنتفق، ولنتوافق على خريطة إنقاذ الدولة، ولتفتح أبواب القلوب أمام الحلول، وأبواب المجلس النيابي أمام انتخاب الرئيس، وليكن صوتنا الروحي أقوى من أصوات التحدي والتنافس السلبي، رأفة بالبلاد والعباد».

يازجي: علينا ان نكون يدا واحدة مسلمين ومسيحيين

واعتبر يازجي أن «الوطن جريح وينزف وقلوبنا تدمي ومن حولنا شهداء وقتل وعنف ونروح وكل الأوجاع»، مؤكدا أن «اجتماعنا هو رسالة للعالم الخارجي عله يرى اننا كنا وما زلنا وسنبقى أبناء هذا البلد بكل اطيافه عائلة روحية واحدة في لحمه وطنية لا يعتريها اي خلل. وأن اجتماعنا هو أيضا رسالة داخلية لشعبنا كي يرى الناس جميعا اننا سوية وانه لا يفرقنا اي شيء وانه علينا ان نكون يدا واحدة مسلمين ومسيحيين».

قدور: على المجتمع الدولي

ايقاف العدوعند حده

كما أكد قدور أن «ما يريده العدو الإسرائيلي هو خلق الفتنة بين اللبنانيين والانقسام وتخلي لبنان العروبة عن القضية الأساسية»، مناشدا «المجتمع الدولي أن يوقف العدو الإسرائيلي عند حده ولا بد من العمل والمثابرة على وقف إطلاق النار».

المشاركون في القمة

شارك في القمة الرؤساء الروحيين المسلمين والمسيحيين: بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلاّمة الشيخ علي الخطيب، بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنّا العاشر اليازجي، شيخ العقل لطائفة الموحِّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك جوزيف العبسي ممثلًا بالمطران جورج بقعوني، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس البطريرك آرام الأول كيشيشيان ممثلاً بالمطران شاهيه بانوسيان، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان ممثلاً بالمطران شارل مراد، بطريرك السريان الأرثوذكس مار أغناطيوس أفرام الثاني ممثلًا بالمطران بولس سفر، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدّور، رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا القس جوزيف قصَّاب، رئيس الطائفة الكلدانية المطران ميشال قصرجي، رئيس الطائفة الأشورية الأرثوذكسية في لبنان المتروبوليت مار ميليس زيَّا ممثلًا بالأرشمندريت كوركيس توما، حضرة القمّص اندراوس الانطوني رئيس الطائفة القبطية الأرثوذكسية في لبنان، وحضور عدد من أصحاب السيادة والسماحة والفضيلة.

الأكثر قراءة

حزب الله يُحبط مُخطط تصفيته وعودة ملحميّة للأهالي القرار 1701 بين النسختين: فروقات لغوية ستون يوماً مفصلية: انتخاب رئيس ووقف النار في غزة على طاولة التحديات