اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا شك في أن أصل الإشكال الرئيسي في بلادنا، عائد إلى عدم توافقنا على تمييز الصديق من العدو، سواء كان زائراً أو سمساراً أو زاحفاً على رأس جيش، يريد احتلال أرضنا وإخضاعنا أو ترحيلنا واستيطانها مكاننا.

لا جديد بهذا الصدد بين الحاضر والماضي، ولكن تقييم الأمور صار مختلفاً في هذا الزمان عما كان عليه من قبل، فقد يترتب على ذلك شتات الناس واضمحلال دولهم.

مجمل القول أن صراع الهويات على صعيد الفرد، لا سيما عندما يكون هذا الأخير متوهماً أن حصوله على عدد منها هو بمثابة ضمانة تعفيه من مسؤوليات المواطنة، يقود بالضرورة إلى الوقوع فريسة بين أيدي عدو متوحش، أو إلى الضياع في بلدان أجنبية يعيش فيها في أغلب الأحيان، مهمشاً من غير جذور.

لا نجازف بالكلام أننا نتعرض لحرب يشنها علينا أعداء، ينوون في الحقيقة ترحيلنا خطوة بعد خطوة، تبعاً لأولويات يضعونها حسب الهويات الدينية والطائفية والإثنية، واستعداد أصحاب كل منها للتعاون معهم ومهادنتهم. من البديهي في هذا السياق، أن عدونا يريد إفراغ البلاد إلى أقصى حد ممكن بشرياً وثقافياً، كضرورة من أجل إلغاء وجودنا وإحلال مجتمع استعماري استيطاني مكانه.

ننأى بأنفسنا عن السجالات المحتدمة في الساحة الوطنية، حول موضوع المقاومة وعما إذا كانت ضرورة مفروضة علينا إنقاذاً لمشروع الدولة الوطنية، أو أنها تندرج في سيرورة استبدال هذا المشروع الوطني بآخر ذي أبعاد إقليمية أو دولية. فنكتفي بالسؤال عمن يحاربنا اليوم ؟ الإجابة لدينا ببساطة، إن من يحاربنا هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والمانيا و"إسرائيل" وفرنسا، كما تحاربنا السلطات في الدول العربية المتواطئة معها. المقصود هنا جميع السلطات في «الدول العربية» التي لا تمد المقاومة اللبنانية بالعدة والعديد ، أي بكلام صريح وواضح، من ليس معنا في هذه الحرب هو ضدنا.

لا جديد فيما يتعلق بالدول الغربية المذكورة. فمن المعلوم أنها ساقطة أخلاقياً، يتأكد ذلك في كل مناسبة تاريخية منذ نشوئها. تحسن الملاحظة هنا أن الخلاف بينها أثناء الحرب العالمية لم يكن حول المسألة «اليهودية»، وأنما كان على « الجغرافيا « وعلى «الهيمنة» في أوروبا نفسها، وعلى اقتسام»العالم». لم يعترضوا بالقطع ضد التصفيات العنصرية التي طالت اليهود وغير اليهود، بدليل أن هذه الدول أتبعت سياسةعنصرية وما تزال. أما إبراز «النكبة اليهودية» بعد انتهاء الحرب، وليس أثناءها والتي تقع المسؤولية عنها، على السلطات الألمانية، فهي لا تعدو عملية دعائية سينمائيةهوليودية.

لا بد إذن من السؤال أيضاً عما تريد الولايات المتحدة وقافلة الدول المجرورة خلفها من الحرب ضدنا ؟ ففي الحرب ينتصر أو يفشل أحد الأفرقاء، اما الخاسر فيستسلم، ولكن أحياناً يكون المطلوب هو السحق والإلغاء. إنهم يقاتلوننا بالقنبلة والوساطة!!.