اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كشفت دراسة حديثة عن وجود علاقة بين اللولب الرحمي الهرموني وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، مما أدى إلى انتشار معلومات مضللة وارتفاع المخاوف بشأن هذه الوسيلة الشائعة لمنع الحمل. هذه النتائج أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الطبية والمجتمعية، حيث يتساءل الكثيرون عن مدى أمان استخدام اللولب الهرموني كوسيلة فعالة ومأمونة لمنع الحمل.

وفي الأسبوع الماضي، زعمت دراسة أن النساء اللائي يستخدمن لولب الرحم الذي يفرز هرمونا معينا معرضات لخطر متزايد للإصابة بسرطان الثدي، على الرغم من أن خطر الإصابة بهذا المرض لدى هؤلاء النساء ظل منخفضا بشكل عام. وعلى الرغم من أن نتائج هذه الدراسة تعد مهمة جدا إلا أن التقارير الإعلامية التي تشير إلى وجود خطر كبير قد تسبب قلقا لا داعي له، خاصة بالنسبة للنساء اللائي يستخدمن هذه الوسيلة الشائعة جدا لمنع الحمل.

لولب الرحم هو جهاز يتم وضعه داخل الرحم لمنع الحمل. وتحتوي الإصدارات القديمة منه على النحاس كمكون نشط، أما لولب الرحم «الهرموني» الأحدث فيعتمد على إطلاق هرمون البروجسترون الاصطناعي المسمى الليفونورجيستريل ببطء. وهذا يحاكي هرمون البروجسترون الطبيعي في الجسم. وكلا النوعين، النحاسي والهرموني، فعالان جدا في منع الحمل لسنوات عديدة. وتتم استعادة الخصوبة بسهولة عند إزالتهما. لكن لولب الرحم الهرموني له ميزة إضافية تتمثل في جعل الدورة الشهرية أخف ألما. وتقوم بعض النساء باستخدامه لهذه الأسباب، حتى لو لم يكن بحاجة إلى وسائل منع الحمل.

وتعاني العديد من النساء من الألم عند إدخال اللولب أو النزيف الخفيف في الأشهر القليلة الأولى من الاستخدام. ولكن بالمقارنة مع وسائل منع الحمل الأخرى، تجد النساء عموما أن اللولب أفضل.

استخدمت الدراسة الجديدة بيانات من سجلات الصحة الوطنية في الدنمارك للبحث عن روابط بين استخدام اللولب الهرموني وسرطان الثدي. وتتبع الباحثون نحو 80 ألف امرأة بدأ استخدامهن للولب الهرموني منذ عقدين من الزمان. وقارن الباحثون بيانات أولئك المشاركات بعدد متساو من النساء اللائي أنجبن في فترة الدراسة نفسها، ولم يستخدمن اللولب الهرموني.

ووجدت الدراسة أن النساء اللائي استخدمن لولب الرحم لمدة تتراوح بين 10 و15 عاما كان لديهن أعلى معدلات الإصابة بسرطان الثدي، مع زيادة بنسبة 80% مقارنة بالنساء اللائي لم يستخدمن اللولب لمدة مماثلة. وقال فريق معهد السرطان الدنماركي إن الخطر كان مماثلا للنساء اللائي استخدمن حبوب منع الحمل.

وقام الباحثون «بتعديل» نتائجهم لمراعاة العديد من الاختلافات بين المجموعتين (بما في ذلك التعليم والعمر وعدد الأطفال وبعض الأدوية الأخرى والحالات الطبية). وبعد هذا «التعديل»، أشارت النتائج إلى أن هناك خطرا أعلى للإصابة بسرطان الثدي بين النساء اللائي استخدمن اللولب الهرموني.

ولكن هناك العديد من عوامل الخطر الأخرى المهمة لسرطان الثدي والتي يبدو أن المؤلفين لم يأخذوها في الاعتبار، مثل وزن الجسم، وتعاطي الكحول، والتدخين، والنشاط البدني. ولذلك قد تكون النتائج غير دقيقة، وبالتالي «لا يمكننا القول إن لولب الرحم يسبب سرطان الثدي، بل فقط أن هناك ارتباطا».

هذا وهناك دراسات أخرى حول هذا الموضوع، بما في ذلك دراسة حديثة أكبر كثيرا من الدراسة الدنماركية، والتي أجراها باحثون من السويد، تستند إلى بيانات من أكثر من نصف مليون مستخدمة للولب الهرموني. وقد أشارت هذه الدراسة إلى زيادة نسبية في المخاطر في سرطان الثدي بنسبة 13% فقط، وهي نسبة أصغر كثيرا من زيادات المخاطر في الدراسة الدنمركية. وهذا يعني زيادة قدرها 1.46 حالة إصابة بسرطان الثدي لكل 10 آلاف امرأة سنويا.

ويتفق هذا مع مراجعة كبيرة حديثة للدراسات حول هذا الموضوع والتي وجدت أيضا مخاطر أقل بكثير من الورقة البحثية الدنمركية الجديدة.

كما نظرت الدراسة السويدية في أنواع أخرى من السرطان. وأشارت النتائج إلى انخفاض خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم والمبيض وبطانة الرحم. وهذه الصورة المختلطة لبعض مخاطر الإصابة بالسرطان وبعض الحماية من السرطان تظهر أيضا في حبوب منع الحمل التقليدية . وأشار عدد من الخبراء الصحيين إلى أن الارتباط بين اللولب الهرموني وسرطان الثدي ضئيل للغاية، وقد يكون «وهما إحصائيا وليس أمرا حقيقيا».

ويقول الخبراء إن فوائد اللولب تفوق المخاطر بكثير. بالتالي فإن البيانات الجديدة لا ينبغي أن تغير الطريقة التي تفكر بها النساء في خيارات منع الحمل المتاحة لهن، خاصة وأن هذا الخطر أقل بكثير من العديد من المخاطر اليومية الأخرى التي تتعرض لها النساء بشكل متكرر والتي تؤثر في خطر الإصابة بسرطان الثدي.

الأكثر قراءة

ما قضيّة لبنان ما لبنان بعد الحرب ؟