اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

دخلت مهام قوّات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان ضمن دائرة المفاوضات غير المباشرة الحاصلة بين لبنان و"إسرائيل" عبر جولات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة الى لبنان والمنطقة. وكان آخرها زيارته الجمعة الى "تلّ أبيب" برفقة مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بيرت ماكغورك التي فاوض "الإسرائيلي" خلالها على مسودة مقترحه، علّه يتوصّل الى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار. وقد انخفض منسوب التفاؤل أخيراً مع تأكيد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو أنّه "ينتظر رؤية من سيخلف الرئيس جو بايدن قبل الإلتزام بأي مسار ديبلوماسي". كما من خلال حديث واشنطن عن طلبها من لبنان وقف إطلاق نار آحادي ليفرض "الإسرائيلي" شروطه على لبنان، الأمر الذي جرى نفيه سريعاً من قبل المراجع اللبنانية الرسمية.

ولم تسلم القوّات الدولية من ضربات "الإسرائيلي" المباشرة خلال عدوانه على المناطق الجنوبية، هدفت الى حثّ "الإسرائيلي" على إخلاء مواقعها للقوّات "الإسرائيلية" التي تُحاول التوغّل جنوباً، على ما طالب منها، وصولاً الى مغادرتها المنطقة الجنوبية واستبدالها بقوّات متعدّدة الجنسيات من فرنسا وبريطانيا وألمانيا. غير أنّ هذا المخطط "الإسرائيلي" في إبعاد قوّات "اليونيفيل" أو "ترحيلها"، على ما تقول أوساط ديبلوماسية، لم ينجح، ولا حتى في تغيير مهامها حتى الساعة. إلّا أنّ "اليونيفيل" لا تزال عرضة للضربات "الإسرائيلية" المباشرة، رغم أنّه يجب، بحسب القرارات الدولية ذات الصلة، تحييدها كونها قوّات دولية تقوم بتنفيذ مهامها في الحفاظ على الأمن والإستقرار الدوليين.

أمّأ مهام "اليونيفيل" التي أقرّت في القرار الدولي 1701 الصادر عن مجلس الأمن في 11 آب 2006، كما في القرار الأخير للتجديد السنوي لها الذي حصل في أواخر آب الفائت، فتبدو اليوم، بحسب الأوساط نفسها، على المحك. فالمفاوضات التي يقودها هوكشتاين في الربع الساعة الأخير قبل الإنتخابات الرئاسية الأميركية يوم الثلاثاء المقبل، تتناول هذه المهام. ويقترح هوكشتاين، دون الإخلال بمهامها ومسؤولياتها، على ما يذكر في مسودة اقتراحه، أن "يكون الجيش اللبناني الوحيد المنتشر جنوب الخط المحدّد (في الملحق)"، أو الذي سيتمّ التوافق على تحديده خلال التفاوض على تثبيت الحدود البريّة بين لبنان و"إسرائيل".

وكانت قوّات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان تعمل بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني على المحافظة على الأمن والإستقرار الدوليين في المنطقة. وأجرت "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية محاولات عدّة خلال السنوات الأخيرة لتغيير مهامها، على ما تشير، وجعلها تدخل الى مواقع وأماكن مدنية بهدف التفتيش عن أسلحة تابعة لحزب الله، لكنها لم تنجح في ذلك. وإذ قامت منذ سنتين بتعديل طفيف في مهام "اليونيفيل"ـ إلّا أنّ الأمر لم يتمّ تطبيقه على أرض الواقع. ويقترح هوكشتاين في المسودة التي يُناقش بنودها مع المسؤولين في المنطقة، في بند آخر أن يقوم لبنان و"إسرائيل" بالإبلاغ عن أي انتهاكات مزعومة الى آلية المراقبة والتنفيذ (الـ "إيميم" التي ينوي إنشاؤها) والى قوّات "اليونيفيل"، على أن تتخذ آلية المراقبة بجمع المعلومات واتخاذ إجراءات معالجة الإنتهاكات الخ... وليس قوّات "اليونيفيل". الأمر الذي من شأنه تحجيم دورها، وهو أمر لا يُوافق عليه لبنان ولا المجتمع الدولي، ولا الدول الـ 50 المشاركة في هذه القوّات الدولية.

ونقل القائد العام لـ "اليونيفيل" الجنرال أرولدو لازارو هواجسه والتهديدات التي تواجه القوّات الدولية خلال أداء مهامها الى كلّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، ووزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبدالله بو حبيب، لا سيما مع تعرّض عدد من جنودها الى الإصابات جرّاء العدوان المتمادي على لبنان. في الوقت الذي جدّد فيه المسؤولون اللبنانيون على موقف لبنان الرسمي القاضي بالتمسّك بدور "اليونيفيل" وببقائها في الجنوب وبالتطبيق الكامل للقرار 1701، بعيداً عن أي محاولة لكفّ يدها من قبل أي كان، وبعدم المسّ بمهامها وقواعد العمل المناطة بها، وبتنفيذ مهامها بالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني.

ويبدو أنّ أداء "اليونيفيل" العادل من خلال نقلها كلّ الحقيقة التي تراها على أرض الجنوب، وآخرها محاولات التوغّل البرّي "الإسرائيلي" الى الأراضي اللبنانية، التي اعتبرتها انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية وللمواثيق الدولية، على ما تؤكّد الأوساط الديبلوماسية، هو الذي أزعج "الإسرائيلي"، ما دفعه الى تصعيد العمليات في المناطق والمواقع التي تتواجد فيها، بهدف وضع وجودها في خطر. ولمّا لم يتمكّن من إخافتها بدأ بإصابة مواقعها مباشرة، وبالتشكيك بمدى فاعليتها في أداء مهام المراقبة، من خلال اتهامها بأنّ "حزب الله بنى أنفاقها على مرأى منها من دون أن تُخبر عن ذلك، أو تعترض على هذا الأمر"، على ما ادّعى... وقد تبيّن أنّ الإتهامات "الإسرائيلية" هذه ليست صحيحة على الإطلاق. فاليونيفيل تقوم بمهامها، وفق القرارات الدولية، وتنقل الحقائق، ولا تتجيّز لطرف ضدّ أي طرف آخر. علماً بأنّها استقدمت الى لبنان عام 1978 بعد الإجتياح "الإسرائيلي" للبنان، وجرى تعزيز دورها في القرار 1701، للحفاظ على الأمن في المنطقة ومساعدة الحكومة اللبنانية على بسط سلطتها على أراضيها.

ومع تصاعد التوترات وتواصل الضربات المباشرة على مواقع ومقّر "اليونيفيل"، يتساءل الكثيرون عن مصير هذه القوّات الدولية في المرحلة المقبلة. فإذا استمرت الاعتداءات "الإسرائيلية" لفترة طويلة بعد، فمن المحتمل أن تعيد الأمم المتحدة تقييم وجودها في المنطقة. وقد يؤدي هذا الأمر إلى انسحاب محتمل للقوة، أو سحب بعض الدول كتيبتها المشاركة فيها، الأمر الذي من شأنه أن يترك فراغاً أمنياً في جنوب لبنان قد يسهم في تفاقم الأوضاع وتسهيل تنفيذ مخطط العدو.

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية