اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


القهوة، المشروب الأكثر استهلاكًا في العالم، ليست مجرد مصدر للكافيين الذي يمنحنا الطاقة والتركيز، بل تعد أيضًا مزيجًا غنيًا بالمركبات النباتية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على صحتنا. ومن بين هذه التأثيرات التي بدأت الأبحاث تتعمق فيها مؤخرًا هو تأثير القهوة على بكتيريا الأمعاء، أو ما يُعرف بـ"الميكروبيوم المعوي"، وهو نظام معقد من الميكروبات التي تعيش في الجهاز الهضمي.

الميكروبيوم المعوي هو مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعاء الإنسان، ويشمل البكتيريا، الفطريات، والفيروسات. يلعب هذا النظام دورًا حاسمًا في العديد من الوظائف الحيوية، مثل هضم الطعام، إنتاج الفيتامينات، دعم المناعة، وتنظيم المزاج. توازن الميكروبيوم أمر أساسي للحفاظ على صحة الإنسان، وأي خلل فيه قد يؤدي إلى مشاكل صحية، مثل اضطرابات الجهاز الهضمي، السمنة، والاضطرابات النفسية.

تشير الدراسات إلى أن القهوة تحتوي على بوليفينولات، وهي مركبات نباتية تعمل كمضادات أكسدة. عند وصولها إلى الأمعاء، تُستخدم هذه المركبات كمصدر غذائي للبكتيريا المفيدة مثل Bifidobacteria وLactobacilli. هذه البكتيريا تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز صحة الأمعاء وتقوية الحاجز المعوي، مما يحسن مناعة الجسم ويقلل من خطر الإصابة بالتهابات الأمعاء.

بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أن القهوة تساهم في زيادة تنوع البكتيريا في الأمعاء. ويُعتبر هذا التنوع علامة على صحة ميكروبيوم جيدة، حيث يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل مرض السكري وأمراض القلب.

هذا والقهوة تعمل أيضًا على تقليل الالتهابات المعوية من خلال تعزيز نمو البكتيريا المفيدة وتقليل البكتيريا الضارة مثل Clostridium. الالتهابات المزمنة في الأمعاء ترتبط بعدة حالات مرضية مثل متلازمة القولون العصبي ومرض كرون، وبالتالي فإن القهوة قد تكون لها فوائد وقائية في هذا السياق.

على الرغم من الفوائد المذهلة للقهوة، فإن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى نتائج عكسية. الجرعات العالية من الكافيين قد تؤثر سلبًا على توازن الميكروبيوم من خلال زيادة إفراز الأحماض في المعدة، مما قد يسبب تهيج الأمعاء. بعض الدراسات أيضًا أشارت إلى أن القهوة قد تزيد من وجود بعض أنواع البكتيريا الضارة إذا تم تناولها بإفراط. وللحصول على فوائد القهوة دون الإضرار بالميكروبيوم، ينصح بتناولها باعتدال (1-3 أكواب يوميًا). كما يُفضل شرب القهوة السوداء غير المحلاة وتجنب إضافة كميات كبيرة من السكر أو الكريمة، لأن ذلك قد يؤثر سلبًا على صحة الأمعاء.

القهوة ليست مجرد مشروب يومي، بل هي عنصر غذائي غني بالمركبات التي تؤثر على صحتنا بطرق متعددة. تأثيرها على الميكروبيوم المعوي يُظهر مدى تداخل التغذية مع علم الأحياء الدقيقة في أجسامنا. في حين أن القهوة قد تكون مفيدة لتعزيز صحة الأمعاء عند استهلاكها باعتدال، فإن الإفراط في تناولها قد يكون له آثار سلبية. لذا، اجعل كوب القهوة اليومي جزءًا من نمط حياة صحي ومتوازن. 

الأكثر قراءة

هل نجح ماكرون في مفاوضاته مع ولي العهد بن سلمان باعادة الاهتمام السعودي الى لبنان؟ مستشار ترامب للشرق الاوسط مسعد بولس اوضح قبول ادارة ترامب تحديد 9 كانون الثاني لجسلة انتخاب الرئيس الهجوم في سوريا هدفه الوصول الى الهرمل وتطويق الحزب