اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قبل اكثر من 40 سنة، استطاع الرئيس الراحل حافظ الاسد القضاء على «الاخوان المسلمين» في معركة فاصلة جرت في مدينة حماة، بعدما تجمع «الاخوان» هناك، وكان بحوزتهم اسلحة كثيرة، وسيطروا على مدينة حماة.

وفي الليل هاجموا وحدات للجيش العربي السوري، وقاموا بذبح اكثر من مئات من الجنود والضباط، فقرر الرئيس الراحل حافظ الاسد الرد عليهم وضربهم ضربة قاضية. وهذا ما حصل في سيطرة الجيش العربي السوري على مدينة حماة، حيث قضى على «الاخوان المسلمين»، منهم من قتل ومنهم من تم اسره.

وانتقل الوضع في سوريا الى ان يكون حزب البعث هو الحزب الحاكم مع الجبهة الوطنية، التي ضمت احزابا عديدة، وهي موالية لنظام الرئيس الراحل حافظ الاسد. اما «الاخوان المسلمون» فتمت ملاحقتهم على كامل الاراضي السورية، ووضعوا في السجون، وتم حل حزبهم بشكل نهائي، ولم يعد لهم قدرة على مواجهة النظام.

كانت مطالبة «الاخوان المسلمين» بان يكون دين الدولة الاسلام، لكن الرئيس الراحل حافظ الاسد وافق على ان يكون دين رئيس الدولة الاسلام. وهذا ما حصل، وتم تعديل الدستور، فكان دين رئيس الدولة الاسلام، وليس دين الدولة الاسلام، كما كان يطالب «الاخوان المسلمون».

الآن سيطر «الاخوان المسلمون» على سوريا، وقد انطلقوا من معقلهم ادلب بقيادة ابو محمد الجولاني، واستطاعوا خلال عشرة ايام السيطرة على محافظة حلب. ثم انتقلوا الى السيطرة على محافظة حماة، ثم محافظة حمص، وصولا الى العاصمة دمشق. ولم تحصل مقاومة في وجههم، حتى ان الرئيس السوري بشار الاسد اضطر الى السفر بطائرة الى روسيا ، حيث عائلته تعيش في موسكو.

والآن تسيطر «هيئة تحرير الشام» بقيادة ابو محمد الجولاني على سوريا، وبدأت الوفود الاجنبية بزيارته والتفاوض معه والاعتراف به، باستثناء دول عربية لا تقبل «الاخوان المسلمين»، مثل جمهورية مصر العربية والعراق والامارات والممكلة العربية السعودية ومثل المملكة الهاشمية الاردنية وغيرها.

موفد الامم المتحدة بيدرسون المشرف على تنفيذ القرار الاممي 2254، حضر الى دمشق وعقد جلسات مع ابو محمد الجولاني من اجل البحث في تنفيذ القرار ، الا ان الجولاني طلب ادخال تعديلات على هذا القرار الاممي، بحيث يراعي الاوضاع التي تغيرت في سوريا، ولا نعرف ما هي المطالب لدى الجولاني الذي يطالب فيها بتغيير القرار الاممي 2254.

الراعي الاول لـ «الاخوان المسلمين» هو تركيا، وهي التي دعمتهم، وهي التي قدمت لهم كل التسهيلات. والغريب هنا، ان وزير خارجية تركيا فيدان الذي كان رئيس مخابرات تركيا لمدة 13 سنة، صرح لقناة «الحدث» بان الرئيس التركي اردوغان دعا الرئيس السوري 3 مرات للاجتماع، وقد رفض الرئيس بشار الاسد طلبات الاجتماع، وانه لو حصلت هذه الاجتماعات لكان تم حل الموضوع في سوريا، وما كانت هذه الحوادث وهذه الحرب لتحصل، لكن ما حصل قد حصل، والرئيس الاسد لم يعد في سوريا، بل اصبح في روسيا.

«الاخوان المسلمون» يطالبون، وفق رئيس الحكومة الانتقالية محمد بشير، بان يكون دين الدولة الاسلام، وهذا سيخلق مشاكل مذهبية وطائفية وعرقية، وسيجعل اقليات في سوريا تعيش صعوبات كبرى. السريان في القامشلي وغيرها، بدؤوا يتوافدون الى القنصلية النروجية والسويدية والدانماركية طالبين تأشيرات هجرة.

اما الاكراد فقد اشتبكوا مع قوات موالية لتركيا و «هيئة تحرير الشام». ويذكر هنا، ان هنالك صراعا عرقيا بين «الاخوان المسلمين» والاكراد. فالاكراد يريدون الحفاظ على هويتهم، و»الاخوان المسلمون» لا يقبلون ذلك.

كما ان هنالك مشاكل ستحصل مع العلويين في الساحل السوري وفي حمص وغيرهما ، وستحصل ايضا مع الشيعة ومع الاسماعليين ومع الطائفة المسيحية المريمية، التي لها وجود هام على الساحل السوري.

«الاخوان المسلمون» في سوريا هم القوة الضاربة، ومع دعم تركيا لهم، هم قادرون على السيطرة على سوريا بكاملها. لكن ماذا عن الاقليات في سوريا؟ هل ستزول ام ستتدخل اوروبا واميركا؟ لكن اميركا قد لا تهتم بالموضوع، انما اوروبا تريد التدخل والحفاظ على الاقليات. كما ان رئيس اقليم كردستان البرزاني تدخل من اجل الحفاظ على الاقلية الكردية، التي هي «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، انما دون نتيجة حتى الآن.

ومن غير المستبعد ان ينتقل تيار «الاخوان المسلمين» ويكون لهم ارتدادات في شمال لبنان الى حد ما ، ربما في طرابلس وعكار، وربما لا، فقد تحافظ الزعامات التقليدية على وجودها، مثل آل كرامي ومثل الرئيس ميقاتي، لكن الاهم هو اذا عاد الرئيس الحريري الى لبنان واطلق «تيار المستقبل». فان هذا التيار من الطائفة السنية، هو قوي ويستطيع الدفاع مع مفتي الطائفة السنية الشيخ دريان عن استقلالية الطائفة السنية عن «الاخوان المسلمين»، خاصة من خلال علاقات دار الافتاء في لبنان مع الممكلة العربية السعودية.

كما ان لبنان سيشهد وجود مخابرات مصرية واردنية وعراقية وغيرها، لمتابعة حركة «الاخوان المسلمين» في لبنان، لان لبنان ملتقى للشرق والغرب، والحركة فيه تؤثر بكامل الشرق الاوسط.

احداث خطرة آتية على المنطقة وعلى سوريا، وتركيا سيكون لها الدور الاكبر في سوريا، وتنظيم «الاخوان المسلمين» سيكون الحزب الاقوى، وله السيطرة على الارض في سوريا ايضا. فماذا سيحصل؟

علينا الانتظار!

شارل أيوب

الأكثر قراءة

«اوهام» رئاسية تهدد الاستحقاق... واستعجال لبناني «للحج» الى دمشق؟ جنبلاط يُطلع بري على «خارطة طريق» العلاقة مع الجولاني! «الثنائي» يتحضر لما بعد فرنجية... وموفد قطري في بيروت