ما حدث خلال عام قد لا يحدث، أحياناً، على مدى عقود، وربما على مدى قرن. كيف لنا أمام هذا الواقع الذي يبدو أنه يتجاوزنا بكثير، سواء كنا على هذه الضفة أو تلك، أن نتكيف مع المشهد ؟ طرحت السؤال على ديبلوماسي عربي صديق. جوابه أثار ذهولي "لا أدري لماذا اختار الله هذه المنطقة بالذات لتكون... جهنم".
قراءة أخرى لنظرية الباحث الاستراتيجي الأميركي، وضابط الاستخبارات السابق، ماكس مانوارينغ حول الجيل الرابع من الحرب. النظرية أطلقها في محاضرة ألقاها في تل أبيب، في أول كانون الأول 2018، بحضور عدد كبير من الضباط الاسرائيليين والأطلسيين، بعنوان "دع عدوك يستيقظ ميتاً" !
هنا ليس الانقضاض الصاعق على العدو قبل انهاكه داخلياً ليتآكل على نحو بطيء، حتى اذا ما أزفت الساعة، تبدأ العملية بطحن عظامه، مع التحلل الكامل من أية ضوابط أخلاقية. قال "قد تشاهدون أطفالاً أو كباراً في السن. لا تكترثوا ولا تتركوا الأحاسيس أمام تلك المشاهد تحول دون تحقيق الهدف".
هذا ما حدث، ويحدث، في غزة، وفي لبنان، وفي سوريا. وحتى في اليمن (كحالة خاصة). دول منهكة سياسياً واقتصادياً وطائفياً، وحتى سوسيولوجياً، لتكون عملية "طوفان الأقصى"، وكانت بداية الحريق، صرخة في العراء، ودون أن تكون لدى حركة "حماس" أي فكرة عن اليوم التالي، أو عن الأيام التالية، ودون أي قراءة بعيدة المدى لذلك النوع من الذئاب التي تحكم اسرائيل. لنسأل، بالصوت العالي، متى كانت لـ"محور الممانعة" الرؤية الاستراتيجية المشتركة. قطعاً لم نطّلع على تحذير الخبير الاستراتيجي الفرنسي جورج بوي حول "استراتيجية اللحظة"، وهي الاستراتيجية القاتلة، لينصحنا بألا نشبه في ثقافتنا السياسية، والعسكرية، رياح الصحارى.
من البداية قلنا ان الصراعات العبثية في المنطقة، بتلك اللوثة الجيوسياسية الرثة، تصب في المصلحة الأميركية.
فارق كبير بين تآكلنا كدولة تفتقد الحد الأدنى من الانتظام المؤسساتي، والتآكل الداخلي في اسرائيل التي تتولى حمايتها، وضبط الايقاع فيها، المؤسسة اليهودية بالامكانات السياسية والمالية والاعلامية التي تفوق التصور.
هكذا سقط النظام في سوريا، تماماً مثلما تسقط الثمرة المهترئة (ويبدو أن الكثيرين منا ـ أي من مؤيدي النظام ـ سقطوا مثلما تسقط الثمار المهترئة)، لتكون النهاية، الضرورية، لذلك الخلط المروع بين الشخص والنظام. أي شخص، وأي نظام، كنا ندافع عنه، وان كنا حذرنا، مراراً، من حكم اللصوص (الكليبتوقراطية بالاغريقية). لكننا، كلبنانيين، يلاحقنا الهاجس الاسرائيلي، والخطر الاسرائيلي، كنا نرى في ذلك النظام وقوفه الى جانب المقاومة في لبنان. لم نكن ندري أننا نسند ظهورنا الى جبل من القش..
ولكن أين سوريا الآن، وهل يكون الطريق الى الديمقراطية، والى الحداثة، والى العدالة، بذلك النوع من المقاتلين، بالانغلاق الايديولوجي، وبالانغلاق الثقافي؟ وهل يعتقد رجب طيب اردوغان الذي طالما تمنينا أن يقود الصراع ضد اسرائيل التي قال هو، بالذات، أنها تتطلع، توراتياً، الى الاستيلاء على أجزاء من بلاده، أن الأميركيين الذين شقوا أمامه الطريق الى دمشق ينظرون اليه أكثير من قهرمانة في الحرملك الأميركي؟ غداً سوف يكتشف ما كان دوره، وما هي حدود هذا الدور الذي يتوقف عند حدود الهيكل، وما أدراك ما هي حدود الهيكل.
نعلم أن حلمه المرحلي كان وضع يده على حلب، لكنه وصل الى دمشق. ولا بد أن يفكر بالموصل أيضاً (مطالبته بالغاء مقررات مؤتمر لوزان ـ 1923 ). ولكن هل يسمح الأميركيون بوصوله الى كركوك، وحيث النفط، ثم الى بغداد. قد يحدث ذلك حين يغادرون. بعد الآن، هل يغادرون؟
من زمان والرجل يتطلع الى كوندومينيوم تركي ـ اسرائيلي لادارة الشرق الأوسط (يا رجل، هل تدري ما هي اسرائيل، ومن هم الاسرائيليون؟). تذكرون كيف طرح على الرئيس الاسرائيلي اسحق هرتسوغ فكرة الشراكة بين أنقرة وتل أبيب لادارة، وتسويق، غاز شرق وجنوب المتوسط، عبر الأراضي التركية. الأميركيون رفضوا، والروس هددوا. الآن الغاز السوري بين يديه، ودون أن يدري، وهو يحكم سوريا الآن، أنه في القبضة الأميركية، وأنه ايضاً في القبضة الاسرائيلية.
قد تكون نقطة الضوء الوحيدة، وسط هذه الغيوم الملبدة، المعلومات التي تتحدث عن تكثيف بلدان مجلس التعاون الخليجي وجودها في كل من سوريا ولبنان. البلدان في حالة من الفراغ (وان كانت المصادر الديبلوماسية الأوروبية تتحدث عن "أمركة لبنان"). لاحظوا صراعنا حول من يكون رئيس الجمهورية، وكيف يريد ملوك الطوائف ملء الكرسي الرئاسي باي طربوش فارغ، أو بأي رجل يتم صنعه كما تصنع ماكونالدز أطباقها. عند المسافة صفر، رفع الأميركيون البطاقة الحمراء في وجه بنيامين نتنياهو. التطبيع وفقاً للرؤية الأميركية ألتي ليست بعيدة على كل حال عن الرؤية الاسرائيلية.
لكننا نراهن على دور عربي في ملء الفراغ. هؤلاء اشقاء ويمدون الأيدي، لا يقطعون الأيدي. ومن مصلحة الدول اياها ألا يضيع لبنان وألاّ تضيع سوريا، بالتداعيات الهائلة على المنطقة. العرب، وأكثر من أي وقت آخر، بحاجة الى العرب، وبعدما لاحظنا كيف أن الأميركيين والاسرائيليين يتبنون دعوة برنارد لويس الى "ازالة ذلك الغبار البشري".
محاولة أخيرة كي لا تتحقق نظرية ماكس مانوارينغ، ونستيقط أحياء لا موتى...
يتم قراءة الآن
-
الخطة الاسرائيلية: 15 كيلومتراً عن دمشق القنبلة الكردية القنبلة النووية في الشرق الأوسط ادلسون لشراء «قصر الشعب» وتحويله الى سفارة لـ«اسرائيل»...
-
«اسرائيل» تعربد جنوبا: سقوط الضمانات الدولية واستفزاز للمقاومة وقف النار يهتز في وادي الحجير وحكمة حزب الله لن تستمر طويلا؟ «اختبار» رئاسي لقائد الجيش في الرياض «والقوات» تنتقد المعارضة
-
تصعيد مُحتمل: لبنان يُراقب عن كثب خروقات «إسرائيل» محاولات «اسرائيلية» لتمديد مهلة الـ 60 يوماً لتطبيق الاتفاق جلسة 9 كانون2 مفتوحة ولا تطيير للنصاب...هل يترشح جعجع؟
-
دمشق بين الجيش التركي والجيش "الإسرائيلي"
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
14:58
قوى الأمن: احباط محاولة إدخال هواتف خلوية إلى سجن حلبا
-
14:22
الرئيس الاوكراني: يبدو أن بوتين أمر رئيس الوزراء السلوفاكي بفتح جبهة طاقة ثانية ضد أوكرانيا
-
14:13
التحكم المروري: حركة المرور كثيفة على أوتوستراد زوق مكايل باتجاه جونية
-
11:45
السفارة السورية في بيروت تعلن تعليق العمل القنصلي حتى إشعارٍ آخر
-
10:50
وزارة الصحة في غزة: قوات الاحتلال تعتقل الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان
-
10:49
وزارة الصحة في غزة: ليلة قاسية مرت على المرضى والمصابين الذين تم إجلاؤهم قسرا إلى المستشفى الإندونيسي