اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


مع تزايد القلق العالمي بشأن التضخم الجامح منذ جائحة كورونا، لجأت البنوك المركزية إلى سياسة رفع الفائدة بهدف كبح جماحه، وقد نجحت تلك السياسة تدريجيا في تحقيق تقدم ملموس في احتواء الضغوط التضخمية والاقتراب من الهدف، وقد شكل العام 2024 نقطة تحوّل رئيسية في السياسات النقدية، ومع لجوء البنوك الرئيسية الى خفض الفائدة تدريجياً.

وفي الوقت الذي كانت فيه سياسة رفع الفائدة أداة رئيسية للبنوك المركزية في التصدي للتضخم، إلا أن هذا النجاح لم يكن بدون تكلفة؛ فقد تعرضت الاقتصادات لضغوط نمو ملحوظة مع ارتفاع تكاليف الاقتراض وتباطؤ قطاعات رئيسية، مثل العقارات والإسكان، علاوة على الضغوط التي تعرضت لها الشركات الصغيرة بشكل خاص.

وفيما قطعت البنوك المركزية شوطاً مهماً في العام 2024 في هذا الاتجاه، فإن غموضاً يلف اتجاهاتها في العام المقبل 2025 في ظل مجموعة من العوامل المؤثرة، بما في ذلك استمرار التوترات في مناطق مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، وبما يفرض ضغوطًا إضافية على استقرار الأسواق.

علاوة على السياسات الأميركية وتأثيراتها الممتدة، مع عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض، وتغير السياسات الاقتصادية بشكل جذري؛ ولا سيما أن ترامب معروف بتوجهاته الحمائية، ما قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات التجارية وزيادة الضغوط التضخمية العالمية.

من جانبه، قال استاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إنه:

في ظل استمرار التحديات الاقتصادية العالمية، مثل تأثيرات جائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا، واضطرابات سلاسل التوريد، لجأت البنوك المركزية حول العالم إلى سياسات نقدية صارمة لمكافحة التضخم، قبل أن تتحول إلى تدريجياً في الفترات الأخيرة لخفض الفائدة.

السياسات النقدية في العام 2024 أثبتت فعاليتها في خفض التضخم، لكنها جاءت بتكلفة اقتصادية عالية، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة تكاليف الاقتراض، قبل التحول الى التخفيف.

في 2025 ستسعى البنوك المركزية إلى سياسات أكثر توازناً بين السيطرة على التضخم وتحفيز النمو، لكن الأسواق الناشئة ستبقى عرضة لضغوط كبيرة نتيجة ارتفاع الديون وضعف العملات مقابل الدولار القوي.

وأشار إلى أن سياسة التشديد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية لكبح جماح التضخم أسهمت في خفض معدلات التضخم في بعض الاقتصادات الكبرى، لكنها أبطأت النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ، ولا سيما أن ارتفاع الفائدة يؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض، ما أثر سلباً في الاستثمارات، وقطاعات حيوية مثل العقارات، كما أثر في الإنفاق الاستهلاكي.

ومع اتجاه البنوك المركزية الكبرى الى خفض الفائدة أخيراً، توقع الإدريسي مزيداً من المرونة في 2025، مشيراً إلى أنه من المرجح أن تواصل بعض الاقتصادات الكبرى تخفيف التشدد النقدي تدريجياً مع انحسار معدلات التضخم واستقرار الأسعار.

وبالنسبة للأسواق الناشئة، توقع الادريسي استمرار التحديات في تلك الاقتصادات بسبب ارتفاع تكاليف الديون وصعوبة الحصول على تمويل دولي. 

الأكثر قراءة

هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها