اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا يزال المواطن اللبناني عماد فاضل أمهز، الطالب في معهد البحار، مختفياً منذ بداية شهر تشرين الثاني 2024. ورغم محاولات عائلته المستمرة للحصول على إجابات من المسؤولين اللبنانيين، لا تزال السلطات متكتمة، فيما تتناسل الشائعات حول سبب اختفائه. وفي مقابلة خاصة مع "الديار"، تحدث أحمد أمهز، عم المخطوف، عن تفاصيل القصة التي مر بها منذ اختفاء ابن عائلته، والتي تلقي الضوء على عجز الدولة اللبنانية عن تقديم إجابات واضحة.

كيف اختفى عماد؟

بدأت القصة في يوم الخميس 31 تشرين الاول 2024، حين كان آخر اتصال هاتفي بين عماد وعائلته الساعة الثامنة مساء. في اليوم التالي، 1 تشرين الثاني، حاولت زوجته الاتصال به، لكنه لم يرد على الهاتف. وعندما تواصلت مع أحد زملائه في المعهد، أخبرها أن عماد لم يذهب إلى المعهد ذلك اليوم. فمع مرور الوقت، بدأت الزوجة بالتحري عن غيابه، لكنها لم تتلقَ أي جواب حتى الساعة الثامنة مساء من يوم الجمعة، حين قررت التوجه إلى فصيلة بئر حسن لتقديم بلاغ فقدان الاتصال بزوجها.

وفي اليوم التالي، 2 تشرين الثاني 2024، انتشرت عبر وسائل الإعلام أخبار عملية إنزال بحرية في البترون فجراً، وهي العملية التي ربطها الإعلام في البداية بـ "مسؤول كبير في بحرية حزب الله"، ثم تطورت الشائعات لتصفه بـ "ضابط في الحزب"، ثم "عميل" ثم "مروج مخدرات". لكن وسط هذا الضباب الإعلامي، لم يتمكن أحمد أمهز وعائلته من الحصول على أي معلومات دقيقة حول مصير عماد.

وفي 3 تشرين الثاني 2024، بدأت محطات التلفزة تتوافد إلى منزل والد عماد، وانهالت الاتصالات من مختلف أنحاء لبنان، حيث أصبح موضوع اختفاء عماد حديث الساعة. وفي محاولة للحصول على أي إجابة، قام أحمد أمهز (عم المخطوف) بتقديم شكوى إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 4 تشرين الثاني 2024. فالتقى أحمد بالسيدة جوليا، وهي بولندية الأصل وتتكلم العربية، التي بدورها رفعت الشكوى الى مكتبهم الموجود في "تل أبيب"، حيث أكدت أنها ستنتظر "رد إسرائيل"، لكن حتى الآن لم يتلقوا أي جواب.

أضاف أحمد: "موضوع اختطاف عماد مضى عليه أكثر من شهرين، ولم نترك مسؤولاً إلا واتصلنا به، من بينهم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ووزير الأشغال علي حمية، لأن المعهد الذي يدرس فيه عماد يقع تحت سلطة الوزارة، لكن لم نجد أي تجاوب، بل بات الرد من المسؤولين أشبه بالصمت، "اللي رد عليكي مرة ما عاد رد".

وقال أحمد: "تواصلت مع الرئيس نجيب ميقاتي عندما كان في السعودية، وطلبت منه أن يتحدث مع القطريين بخصوص عماد، لأن قطر عادةً تهتم بمواضيع تبادل الأسرى، فقال لي ميقاتي إنه سيوصل رسالتنا. لكن بعد فترة طويلة من الانتظار، لم يعد يرد علينا، ولا نعرف إذا كانت رسالتنا قد وصلت إلى القطريين أم لا." وأضاف أحمد أن ميقاتي كان قد وعد بلقاء لتقديم المساعدة، لكن ذلك لم يتم.

وفي ما يتعلق بالرئيس نبيه بري، قال أحمد إنه اتصل بمكتب الرئيس، وتحدث مع سكرتيرته الخاصة منذ أكثر من شهر وطلب موعدا للقائه.

أما بالنسبة لوزير الأشغال علي حمية، فقد أشار أحمد إلى أنه هو وأخوه والد عماد قد زارا الوزير، الذي تواصل مع وزير الخارجية أمامهما وأخذ لهم موعدًا للحديث عن تفاصيل القضية معه، لتقديم شكوى الى الأمم المتحدة، إلا أن هذه الجهود لم تُثمر أيضًا عن شيء. وأوضح أحمد أنهم حتى تحدثوا مع قائد الجيش اللبناني السابق العماد جوزاف عون للحصول على معلومات حول ما حدث، خاصة أن الجيش اللبناني هو المسؤول عن تأمين الشاطئ اللبناني، ولكن لم يحصلوا على أي جواب.

كما حاولت "الديار" مرارًا وتكرارًا التواصل مع الوزير علي حمية. وعندما تواصلنا مع مكتب وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، قالوا لنا: "نحن لا يمكننا أن نفعل شيئًا سوى تقديم شكوى لمجلس الأمن في هذا الإطار، وهذا ما قمنا به."

وفي إطار محاولة عائلة عماد المستمرة لفهم ما جرى، قال أحمد: "توجهنا إلى حزب الله، وتحدثنا معهم، وقالوا لنا إن عماد لا يعمل معهم، لكنه في حال حدوث تبادل للأسرى، قد يُدرج اسمه ضمن قائمة التبادل." وتساءل: "كيف يمكن لعماد أن يكون مسؤولاً كبيراً في الحزب كما يُشاع، إذا كان يستطيع فتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل يعقل لمسؤول كبير أن يعيش في منطقة نائية من دون حماية؟ وهل يمكن لشخص عادي أن يخرج في رحلة بحرية او ان ينام في مسكنه من دون سلاح يدافع به عن نفسه؟"

وأضاف: "أين كان الجيش اللبناني، وكيف استطاع حوالى 25 شخصًا دخول الشاطئ اللبناني واختطاف عماد بينما الجيش اللبناني موجود؟ أين كان الألمان الذين يراقبون الشاطئ؟" وقال: "سألنا في اعتصامنا أمام السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح: "أين الألمان واليونيفيل والجيش اللبناني؟ ولم يجبنا أحد."

وفي ما يتعلق بالشائعات التي انتشرت عن عماد، قال أحمد: "تداولت الكثير من القصص حول عماد، منها أنه كان عميلًا لـ "إسرائيل" أو يعمل في المخدرات والدعارة، بل حتى سمعنا أن البعض يقول إنه الآن في السفارة الأميركية في بيروت." إلا أن أحمد أمهز رفض هذه الادعاءات جملة وتفصيلًا، مؤكداً أن عماد كان معروفًا في منطقته القماطية بسلوكه الحسن وأخلاقه الرفيعة، وأنه كان يبتعد عن المنزل لفترات طويلة بسبب عمله في البحر.

وتساءل أحمد قائلاً: "إذا كان عماد فعلاً عميلاً كما يدعي البعض، لماذا لم يُختطف من أي دولة أخرى كان يسافر إليها، بل لماذا اخترقوا الأراضي اللبنانية؟" وأكد أحمد أن عائلته تطالب الدولة اللبنانية بأن "تسترجع عماد وتحقق معه إذا كان لديها أي شكوك حول تورطه في أي نشاط غير قانوني."

ختامًا، شدد أحمد أمهز على أن العائلة لن تتوقف عن المطالبة بحق عماد، وقال: "إذا جرى تبادل أسرى بين لبنان و "إسرائيل"، يجب أن يتم تضمين اسم عماد في هذا التبادل." وأوضح أحمد أنه قدم تقريرًا مفصلاً عن قضية عماد إلى الدكتور عمر نشابة، وهو دكتور في المحكمة الجنائية، وأضاف: "كان من المفترض أن يلتقي المحامي الفرنسي بالقضية، لكن حتى الآن لا جديد في القضية."

من الناحية القانونية، أكد الخبير الدستوري بول مرقص في حديثه مع "الديار" أن على الدولة اللبنانية التقدّم بشكاوى أمام أجهزة الأمم المتحدة ولجانها المعنية بحقوق الإنسان، وذلك نتيجة الخرق الواضح للسيادة اللبنانية على أراضيها، سواء البرية أو البحرية.

وأضاف مرقص أن هذا الاعتداء على المواطنين اللبنانيين من قبل دولة أخرى، يضع الدولة اللبنانية في موقع المسؤولية لحماية مواطنيها ومتابعة القضية. ولفت إلى أن هذا الموجب يشكل جزءاً من الحقوق السيادية الطبيعية، التي يجب على الدولة اللبنانية الدفاع عنها، وهو أمر معترف به في ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 عقب مؤتمر سان فرانسيسكو، والذي ينص على احترام سيادة الدول وحدودها ومياهها الإقليمية، فضلاً عن الوسائل المعترف بها لحل النزاعات الدولية. 

الأكثر قراءة

عين التينة تصف «أحداث الاثنين» بالمراهقة السياسية وتؤكد: طريق التسوية لا يزال مفتوحاً «دعسة ناقصة» لميقاتي ازعجت باريس ــ الرياض... وضمانات اميركية: لا مس بلبنان خلال ولاية ترامب