اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


على "عينك يا تاجر" في الفنادق والشاليهات وحتى على الطرقات، إضافة إلى شقق الزبائن و "ديليفري" أيضا، نحن هنا لا نروج لمنتج محلي أو مستورد للبيع، بل للأسف نتحدث عن فتيات الهوى المنتشرات على الطرقات بكثرة في المناطق اللبنانية كافة، فالجميع يعرف أن الدعارة منتشرة بمقدار كبير، وتحولت نوعاً من الاتجار بالبشر والقاصرات وعلى أعين الجميع.

 والمؤسف أننا نصرعلى تأدية دور العفة علناً، في حين تتآكلنا المشكلات الداخلية، فالجميع اعتاد تمثيل دور النعامة التي تدفن رأسها في التراب، ظناً منها أنها تتفادى الخطر.

تعتبر "الدعارة" أقدم مهنة في العالم، وليس للمومسات موطن محدد، فإنهن يوجدن في كل مكان ولدى كل الشعوب، لكن الواقع السائد في لبنان من انهيار اقتصادي وأزمة مالية تعصف بالسكان، وسط انتشار كبير للبطالة وإقفال عام للأعمال والاستثمارات في مختلف القطاعات، يشكل أكثر البيئات خصوبة لنمو الجرائم بكل أشكالها، وبخاصة "الدعارة" التي تعد المسبب الاول لنقل الأمراض المعدية جنسياً.

الفقر غالبا الدافع الأساسي لتوجه

 بعض النساء إلى ممارسة الدعارة

يعتبر الفقر غالبا الدافع الأساسي لتوجه بعض النساء إلى ممارسة الدعارة، هذا ما أكده الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري "حيث يجدن في الدعارة الوسيلة الوحيدة، التي تؤمن إعالة أولادهن في ظل غياب المعيل، وغالبا ما تنتمي المرأة التي تندرج في هذه الفئة، إلى بيئة فقيرة لم تتح لها تلقي العلم والثقافة، وحرمتها بالتالي من فرصة الحصول على وظيفة محترمة، أو مزاولة مهنة تدر عليها مدخولا لائقا يقيها العوز والحرمان".

 ويؤكد الخوري أنه "عندما تمتهن المرأة الدعارة بسبب الفقر، وعندما تكره على هذا العمل، يصبح الخروج منه أمرا صعبا، والأصعب منه التأقلم مع المجتمع وإيجاد فرصة عمل.

وأضاف "هناك فئة من النساء اللواتي يعانين مركب نقص، حيث تشعر بأنها غير مرغوب بها أو أنها مرذولة في مجتمعها، يقابل هذا الشعور المرضي، رغبات وحاجات غرائزية، تدفع بها إلى ممارسة البغاء، بهدف مقاومة الشعور بالرفض الذي يتملكها، فتغطي بذلك عقدها النفسية وشعورها بالنقص، وتجد نفسها في الوقت عينه، منتجة ماديا".

الجدير بالذكر أن "الدعارة" تسمى "أقدم مهنة في التاريخ"، لكن الكثير من المنظمات الحقوقية والمعنيّة بمكافحة الاتّجار بالبشر والاستغلال ترفض هذا التوصيف، اذ ما من نشاط ينطوي على عنف وإكراه هو بمهنة.

حالة مرضية

وأشار الخوري إلى وجود فئة أخرى، تعاني حالة مرضية تعرف طبيا باسم Nymphomania. وتكون لهؤلاء النساء عادة رغبة جنسية فائضة عن الحد الطبيعي، فيسعين إلى إشباع غرائزهن وإرضاء رغباتهن التي لا ترتوي، وهؤلاء يحتجن إلى علاج نفسي، إضافة إلى فئة المكرهات على ممارسة الدعارة من قبل أب أو زوج أو قريب، وتنتمي المرأة في هذه الفئة إلى بيئة تتصف بالجهل وغياب الثقافة والأخلاق، إضافة إلى التفكك الاجتماعي والأسري، في الإطار نفسه تندرج فئة النساء اللواتي يقعن ضحية الاّتجار بالبشر، فالواحدة منهن يغرر بها من قبل قواد يعرض عليها العمل خارج بلدها في مجالات مختلفة، كالفن أو خدمة المطاعم أو الفنادق وغيرها، لتجد نفسها في بلد غريب مكرهة على ممارسة الدعارة، وغير قادرة على الفرار.

وإذا كانت هذه الآفة التاريخية "الدعارة" تعد من المنظور الإنساني نشاطاً مكروهاً، يحول المرأة الى سلعة تشترى وتباع، ويعرّضها الى شتى انواع الاستغلال والعنف، فإنها بحسب القانون اللبناني جرم يعاقب عليه القانون. وكان لبنان قد أقر قانون الاتجار بالبشر (رقم 164) عام 2011، وينص على أن استغلال أي شخص بالقوة والتهديد على فرض عقوبة السجن ما بين 5 و15 سنة، وغرامة مالية بين 100 و600 ضعف الحد الأدنى للأجور، ويعتبرها القانون جناية.

المادة 586 من القانون:

الدعارة نوع من أنواع الاتجار بالبشر

وتعتبر المادة 586 من القانون أن الدعارة نوع من أنواع الاتجار بالبشر، انطلاقاً من تعريف هذه الجريمة، الذي يتضمن "اجتذاب شخص أو نقله أو استقباله أو احتجازه أو إيجاد مأوى له، بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها، أو الاختطاف أو الخداع، أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف، أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا، أو استعمال هذه الوسائل على من له سلطة على شخص آخر، بهدف استغلاله أو تسهيل استغلاله من الغير ولا يعتد بموافقة المجني عليه في حال استعمال أي من الوسائل المبينة أعلاه".

وتسجل المنظمات الحقوقية عدة ملاحظات حول بعض الفقرات الملتبسة لناحية التعامل مع ضحايا الاتجار بالبشر، وذلك لأن هناك تعارضاً مع مواد قانونية أخرى كالمادة 523 من قانون العقوبات التي لا تزال تساوي بين شبكات الدعارة وضحاياها.

وهنا تجدر الإشارة، إلى أنه في العام 1931 صدر قانون "حفظ الصحة العامة للبغاء" الذي أُجيز بموجبه للمحافظين إعطاء تراخيص لفتح بيوت الدعارة، غير أن هذا القانون بات بحكم الملغى بعد 12 سنة على صدوره" بحسب مصدر قانوني، ففي أواخر الستينيات حاولت الحكومة اللبنانية الحد من مهنة البغاء، فأوقفت منح التراخيص لفتح بيوت جديدة للدعارة، تلت هذه الخطوة الحرب الأهلية في لبنان، حيث تفشت الدعارة في ظل غياب الرقابة.

الى متى سيستمر

 هذا الفساد والفوضى؟

أصوات كثيرة رفعت في السنوات الماضية داعية إلى وقف الممارسات المشبوهة في عدة مناطق، أبرزها دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى التكاتف في وجه ما وصفه "بالشر واللاأخلاقية"، وغمز إلى الانحلال الأخلاقي بالقول: "أرض لبنان وساحل جونية ليسا برميلاً للنفايات" وشدد على أننا "لا نقبل أن تبقى أرض منطقة جونية الواقعة تحت أقدام سيدة لبنان ونظر بكركي على ما هي عليه"، لكنّ كلامه ذهب في الهواء فتجار الجنس والبشر مدعومون، ولا يأبهون.

مصدر من شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي أكد أن "مكافحة الاتجار بالبشر تعطى أولوية خاصة، رغم وجود ضغوط كبيرة نظرا لظروف البلاد، حيث إن الأزمات وتأثيراتها في الأجهزة الأمنية تخلق صعوبات، لكن هذا لا يثنينا عن القيام بدورنا في مكافحة الاتجار بالبشر، كما نكافح أي جريمة أخرى على مستوى لبنان، لكونها تمس بالفئات الأكثر ضعفا في المجتمع وتستهدفها بالدرجة الأولى ولكونها البوابة لكل الجرائم بالدرجة الثانية".

ويبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا الفساد والفوضى وكل هذا الاستغلال للبشر؟ نضع هذه الافة القاتلة المدمرة لمجتمعنا بين يدي الحكومة المنتظرة لمكافحتها او الحد منها وتأمين الحد الأدنى من الرعاية الاجتماعية وتحسين الظروف الاقتصادية من أجل منع الوصول إلى الهشاشة التي تؤدي بالضحايا إلى الاستغلال، إضافة إلى إطلاق حملات توعية حقيقية ومجدية وإنشاء مراكز تأهيل تحتضن هوؤلاء الضحايا لإعادتهم ووضعهم على الطريق الصحيحة لمسار الإنسان الطبيعي.

الأكثر قراءة

ماكرون يُـنسق مع بن سلمان لمنع «تفخيخ» انطلاقة العهد لقاء بري ــ سلام : «الابواب غير مقفلة» امام التفاهمات ادعاءات جديدة في تفجير المرفأ والقرار الظني في نيسان؟