أعصابك في خطر: تأثير السكري في الجهاز العصبي وطرق الوقاية!

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يعتبر تلف الأعصاب الناتج من السكري، أو الاعتلال العصبي السكري، من أكثر المضاعفات شيوعًا وخطورة لمرض السكري، حيث يؤثر في الأعصاب في مختلف أجزاء الجسم، مما يسبب مشاكل صحية تتراوح بين الخدر والألم الشديد، وصولًا إلى فقدان الإحساس تمامًا في بعض المناطق. يتطور هذا الاعتلال بشكل تدريجي، وغالبًا ما يكون نتيجة لارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تضرر الأعصاب وعدم قدرتها على نقل الإشارات العصبية بكفاءة.

السبب الرئيسي وراء تلف الأعصاب في مرضى السكري هو ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، مما يؤدي إلى إضعاف الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الأعصاب، وبالتالي يقل تدفق الأوكسجين والعناصر الغذائية الأساسية إليها. كما أن وجود ارتفاع في ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون في الدم يزيد من خطر تضرر الأعصاب. إلى جانب ذلك، يؤدي عامل العمر دورًا مهمًا، حيث يزداد خطر الإصابة كلما طالت مدة الإصابة بالسكري. كما أن العادات غير الصحية، مثل التدخين وقلة النشاط البدني، قد تسهم في تفاقم الحالة.

تختلف الأعراض اعتمادًا على نوع الأعصاب المتأثرة، ويمكن تصنيف الاعتلال العصبي السكري  بأربعة أنواع رئيسية:

- الاعتلال العصبي المحيطي: وهو النوع الأكثر شيوعًا، حيث يؤثر في الأعصاب الطرفية في القدمين والساقين، وأحيانًا في اليدين. تشمل الأعراض الخدر، الوخز، الإحساس بالحرقان، وآلامًا حادة، خاصة أثناء الليل. في الحالات المتقدمة، قد يؤدي فقدان الإحساس إلى جروح غير ملحوظة يمكن أن تتطور إلى التهابات خطرة.

- الاعتلال العصبي اللاإرادي: يصيب الأعصاب التي تتحكم في وظائف الأعضاء الداخلية، مثل الجهاز الهضمي، القلب، والمثانة. يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الهضم، انخفاض أو ارتفاع ضغط الدم المفاجئ، اضطرابات في التعرق، وضعف التحكم في المثانة، مما قد يؤثر في جودة الحياة بشكل كبير.

- الاعتلال العصبي القريب (الحوضي أو الفخذي): يسبب ضعفًا وألمًا في العضلات، خاصة في الفخذين أو الوركين أو الأرداف، ويؤدي أحيانًا إلى صعوبة في الحركة أو فقدان الوزن غير المبرر.

- الاعتلال العصبي البؤري (أو الأحادي): يستهدف عصبًا معينًا، وغالبًا ما يحدث بشكل مفاجئ، مسببًا ألمًا حادًا في مناطق محددة مثل الوجه، الصدر، أو القدمين، وقد يؤدي إلى ضعف أو شلل في بعض العضلات.

هذا ويعتمد تشخيص الاعتلال العصبي السكري على الفحص السريري، حيث يقوم الطبيب بتقييم الإحساس والوظيفة العصبية باستخدام اختبارات مثل اختبار وخز الإبرة، اختبار الاهتزاز، أو اختبار رد الفعل العصبي. في بعض الحالات، يتم إجراء تخطيط كهربية الأعصاب أو اختبارات التوصيل العصبي لقياس كفاءة عمل الأعصاب. من المهم إجراء فحوصات دورية، خاصة للمرضى الذين يعانون من السكري لفترات طويلة، للكشف المبكر عن أي تدهور عصبي.

إلى ذلك، لا يوجد علاج نهائي لتلف الأعصاب الناتج من السكري، ولكن يمكن التحكم في الأعراض وإبطاء تقدم المرض من خلال استراتيجيات متعددة، أهمها ضبط مستويات السكر في الدم، حيث يُعَدُّ الحفاظ على مستواه ضمن المعدلات الطبيعية الخطوة الأهم في تقليل تلف الأعصاب، ويمكن تحقيق ذلك عبر اتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة بانتظام، واستخدام الأدوية أو الأنسولين حسب إرشادات الطبيب. كما يمكن تخفيف الألم من خلال أدوية مثل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مضادات الاختلاج، أو بعض المسكنات الموضعية، وفي بعض الحالات يمكن اللجوء إلى العلاج الطبيعي أو جلسات الإبر الصينية لتخفيف الأعراض. إضافةً إلى ذلك، يساعد تحسين الدورة الدموية عبر الإقلاع عن التدخين، التحكم في ضغط الدم والكوليسترول، وممارسة تمارين خفيفة مثل المشي، في تعزيز تدفق الدم إلى الأعصاب وتقليل الأعراض. ومن الضروري أيضًا العناية بالقدمين، حيث إن الاعتلال العصبي المحيطي يزيد من خطر القروح والتقرحات، مما يستدعي فحص الأقدام يوميًا، ارتداء أحذية مريحة، وتجنب المشي حافيًا لتقليل خطر الإصابات.

يُعَدُّ تلف الأعصاب الناتج من السكري من أكثر المضاعفات التي تؤثر في جودة حياة المريض، ولكن من خلال الإدارة الجيدة لمستويات السكر في الدم، واتباع أسلوب حياة صحي، والعلاج المناسب، يمكن تقليل الأعراض ومنع تطور المرض إلى مراحل أكثر خطورة. الكشف المبكر والعناية المنتظمة بالأعصاب والقدمين يمكن أن يؤديا دورًا محوريًا في الحفاظ على صحة المريض وتجنب المضاعفات الشديدة.