اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تستمر حكومة الاحتلال في المراوغة وخلق الاكاذيب، لمحاولة عدم اتمام الانسحاب الكامل من الجنوب في ال18 من الجاري، وسواء جرى الزامها بذلك بطريقة او اخرى، او ابقت على احتلالها للمواقع الخمسة الاستراتيجية التي تصر على التموضع فيها، الا ان الجديد ما كشفته مصادر ديبلوماسية عن مفاوضات مع الجانب الأميركي، في محاولة لتحصيل تفاهمات ونتائج أفضل حول الوضع في جنوب لبنان بعد الانسحاب.

وفيما خلص تقرير امني اميركي الى التأكيد أن الجيش اللبناني قد انتشر بشكل كاف في المناطق الحدودية، ومن المتوقع أن يستكمل انتشاره بالكامل بحلول الموعد المحدد، فان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو العائد منتشيا من رحلته الى واشنطن، يريد ان يستفيد من الدعم المطلق وغير المسبوق من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لتحقيق ما هو ابعد من تفاهمات امنية على الحدود، وهو يطمح الى اجراء تغيير جذري في الداخل اللبناني، يعبد الطريق امام انتقال لبنان من جبهة معادية الى جبهة "مدجنة"، اذا كان متعذرا ان تكون دولة مطبعة، وهو يعتقد ان بقاء القوات "الاسرائيلية" في عدد من النقاط الاستراتيجية يشكل ضغطا ميدانيا، يمكن استخدامه في موازاة الضغط الديبلوماسي الاميركي.

كما يطمح نتنياهو تضيف الاوساط الى دفع الحكومة اللبنانية الى الذهاب بعيدا في تطبيق القرار 1701 ، بحيث يتولى الجيش اللبناني مهمة تفكيك البنية العسكرية لحزب الله في شمال الليطاني، وفي كامل الجغرافيا اللبنانية، تمهيدا لفرض توطين الفلسطينيين في لبنان، من خلال رهانه على الوقت لانجاح خطة ترامب لتهجير سكان غزة، وبعدها الضفة الغربية، لينضم لبنان بعد الاجهاز على قدرات حزب الله العسكرية، الى خطة منح الفلسطينيين الجنسية اللبنانية، في ظل ما يحكى عن مخطط لتحويل اندماج الفلسطينيين في سورية الى امر واقع بمنحهم الجنسية السورية.

ووفق تلك الاوساط، فان الخلاف الراهن بين الاميركيين و"الاسرائيليين" لا يتعلق بالمبدأ وانما بالاسلوب، فواشنطن المقتنعة بضرورة الاستمرار في ممارسة ضغط عالي على حزب الله، الا انها تريد ما تسميه "سحب الذرائع" منه، من خلال اتمام الانسحاب "الاسرائيلي"، لتجريده من "حجة" وجود قوات محتلة، وهي تعمل على تقديم ضمانات لحكومة نتانياهو حيال الامر، من خلال الحديث عن "انقلاب" سياسي حصل في لبنان، سيساهم في محاصرة حزب الله، فضلا عن استغلال تمويل اعادة الاعمار، لفرض اجندة داخلية لا تتناسب مع الحزب، اضافة الى تشديد الحصار من الاراضي السورية بالتنسيق مع الادارة السورية الجديدة. وبالتالي يعتقد الاميركيون ان اي تأخير في تنفيذ الانسحاب سيكون مضرا "لخصوم" حزب الله، ولا يساعد ابدا بتقويضه.

لكن العدو الاسرائيلي غير المقتنع بقدرة اي طرف لبناني على القيام بالمهمة، خصوصا ان الحزب نجح مجددا بالمشاركة في الحكومة الجديدة، يطالب اضافة الى "ضوء اخضر" لتنفيذ ضربات جوية بعد الانسحاب تشمل كافة الاراضي اللبنانية، بتحديد مهلة زمنية واضحة لوضع ملف سلاح حزب الله على طاولة النقاش الداخلي في لبنان، والحصول على التزامات من الحكم الجديد بان يكون هذا الملف اولوية.

هذه النقاشات الاميركية- "الاسرائيلية" تثير قلقا جديا لدى رئيس الجمهورية جوزاف عون، خصوصا انه تبلغ من عدد من مستشاريه الذين زاروا واشنطن مؤخرا، بان ادارة ترامب ذاهبة الى النهاية في ضغوطها القصوى، ولهذا طلب من الوزراء في الجلسة الاولى للحكومة عدم اطلاق تصريحات حيال مواقف الدول الصديقة، والهدف ليس فقط عدم الاضرار بالعلاقات اللبنانية الخليجية، وانما عدم استفزاز الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي يحاول فرض اجندة تعزز عدم الاستقرار في المنطقة، ويحاول الرئيس تجنيب لبنان تداعياتها قدر الامكان.

لكن، وفق مصادر مطلعة، سيكون لبنان حكما في "قلب العاصفة"، اذا لم يتم وقف تداعيات خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، فالرئيس الاميركي بطروحاته اجهض مشروعا يتضمن تطبيعاً واسعاً مع "إسرائيل"، وافتعل ازمة مع السعودية ومصر ودول المنطقة ، لن يتمكن لبنان من اتخاذ موقف محايد منها. واذا كان توماس فريدمان، في صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية، قد وصف اقتراح ترامب بانه المبادرة الأكثر غباء وخطورة في الشرق الأوسط التي طرحها رئيس أميركي على الإطلاق، فانه حذر من أن هذا المزيج من ترامب الجامح، والون ماسك غير المقيد، هي وصفة للفوضى في الداخل والخارج. كما حذر من أن هذه هي الهدية الأعظم التي يمكن أن يقدمها ترامب لإيران للعودة إلى الشرق الأوسط، من خلال إحراج جميع الأنظمة السنية المؤيدة لأميركا. وفي السياق نفسه، تشير صحيفة "الاندبندت" البريطانية الى ان تهديدات ترامب بقطع المساعدات الأميركية عن مصر والأردن خطرة ولا تقوي إلا "أعداء" أميركا.

وفي هذا السياق، لن يكون لبنان بمنأى عن تداعيات "الزلزال" الترامبي في المنطقة، واذا كان خصوم حزب الله يراهنون على اضعافه، الا ان الاحداث تجري لمصلحته، خصوصا بعدما ثبت صحة شعار العداء "لاسرائيل" وواشنطن، اللتين تطيحان اليوم كل الدول التي تدور في فلكهما، وتضحي ادارة ترامب بهم على "مذبح" المصالح "الاسرائيلية"، ولهذا لن تكون التحديات الداخلية والخارجية سهلة، بل مقلقة جدا، لكن القوى المؤيدة للمقاومة واثقة من اجهاض "الاوهام" الاميركية، واعادة التقاط الانفاس لمواجهة المشروع التدميري للمنطقة، وهي تشبه افكار ترامب "بنكتة" راجت بعد الحرب العالمية الثانية، تفيد بانه بعد نجاح أسطول الغواصات النازي، في اغراق معظم القطع البحرية في أساطيل الحلفاء في المحيط الأطلسي، جاء شخص إلى البنتاغون وطلب الالتقاء مع قائد الأسطول. قال إن لديه فكرة عن كيفية تدمير أسطول غواصات هتلر. تم توجيهه إلى مكتب الأدميرال المناسب، وهناك كشف عن فكرته: نحن نحتاج فقط إلى غلي كل مياه المحيط الأطلسي، وحسب قوانين الفيزياء ستطفو كل الغواصات، وعندما تكون على سطح المياه، ويمكننا تدميرها بسهولة وكأنها بطات في حقل الرماية. فكرة بسيطة وسهلة. "جميل جداً"، قال الأدميرال. لكن كيف سنغلي مياه المحيط؟ فرد قائلا" هذه مشكلتكم وليست مشكلتي... "، انا أقترح الفكرة". وهذا بالضبط ما يفعله ترامب اليوم.

الأكثر قراءة

«إسرائيل» تستعدّ لتمديد احتلالها بغطاء أميركي ضغوط قصوى يمارسها لبنان الرسمي «الوطني الحرّ» وأكثرية سنيّة يدرسان حجب الثقة عن الحكومة