اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

باقون في جنوب لبنان وفي لبنان.  باقون في جنوب سورية وفي سورية، حتى التطبيع.  العقبة الآن هي المملكة العربية السعودية التي تشترط الدولة الفلسطينية. الدولة المستحيلة في نظر الحكومة «الاسرائيلية» كما في نظر الادارة الأميركية.

 كنا قد كتبنا أن ابنته ايفانكا ـ التي اعتنقت اليهودية ـ تتجول بالكعب العالي في رأسه. بعد ذلك الفيديو الذي نشره أخيراً، لا نشك لحظة أن الشيطان بقبقابه الخشبي يتجول في رأسه. كيف له أن يفهم الشرق الأوسط أكثر من منطقة تعاني من فائض الايديولوجيا وفائض التاريخ، لا من فائض الآلام.  الفيلسوف الفرنسي جان جينيه قال، لدى زيارته مخيمي صبرا وشاتيلا  اثر مجزرة 1982، «حين يتألم الفلسطيني يتألم التاريخ»!

هكذا تظهر غزة في الفيديو : مدينة حديثة لكأنها على الكوت دازور. ايلون ماسك، رئيس الظل في الولايات المتحدة يتمتع بشمس المتوسط على الشاطئ، وهو يتناول المأكولات الشرق أوسطية، ليلتحق به دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو لاحتساء الكؤوس على الشاطئ ايضاً.  تماثيل ذهبية للرئيس الأميركي الذي لا تليق به سوى تماثيل الفحم الحجري، تنتشر في أنحاء المدينة، الى جانب مجسمات تحمل اسمه لتغدو غزة أم هاشم «غزة ترامب»، النرجسية العظمى أم النرجسية القاتلة؟

كلبنانيين وكسوريين بعد كل الذي جرى، لا نعرف أين نضع أقدامنا، ولا أين نضع رؤوسنا.  اقدامنا ضائعة، ورؤوسنا ضائعة بين السلة الأميركية والسلة «الاسرائيلية»، دون أن يفاجئنا تفاؤل ستيف ويتكوف في جهود استكمال التطبيع، ليتحدث أثناء فعالية للجالية «اليهودية» في واشنطن، عن «تطبيع لبنان وسورية بالضربات القوية التي تعرض لها كل من حزب الله وبشار الأسد»، مضيفاً أن «لبنان قادر على تعبئة الجهود للتطبيع مع اسرائيل».

دفع لبناني في هذا الاتجاه، ومن جهات داخلية مؤثرة. في نظرها أن الحروب لم تأت الا بالخراب. ودائماً هذه الحروب مبرمجة لأغراض جيوسياسية، في حين أن العرب اما أنهم أقاموا علاقات مع «اسرائيل» أو أنهم نفضوا ايديهم من الصراع. 

خطة تهجير أهل غزة أثارت الصدمة لدى حلفاء أميركا، ليس خوفاً على الفلسطينيين وانما خوفاً على عروشهم. لكن المعلومات التي يتم تداولها في الظل، تؤكد أن رسائل تهديد وصلت الى بعض القادة العرب عشية القمة في 4 آذار: «لن تبقوا حيث أنتم»، اذا حاولوا الخروج من الحرملك.  بطبيعة الحال، لن نرى العرب (العرب البائدة) بالثياب المرقطة في خان الخليلي...

شبح دونالد ترامب لن يكون داخل جدران القاعة ، بل داخل  الرؤوس. رجب طيب اردوغان، بطربوش السلطان، والذي جعل من سورية ولاية عثمانية بالنيوانكشارية اياها، لم يتجرأ أن يدافع عنها ولو بالكلام في وجه الغارات «الاسرائيلية»، لا بل أن تقارير استخباراتية أوروبية تؤكد أنه يفاوض نتنياهو «شمال سورية لتركيا حتى ضفاف المتوسط، جنوب سورية «لاسرائيل» حتى الحدود مع العراق».  في هذه الحال، ماذا يتبقى من سورية؟ وماذا يتبقى للسوريين؟ هل صحيح أن «الاسرائيليين» قالوا «لا... الغاز السوري ليس لك»؟ أكثر من ذلك، «لاسرائيل» رؤية أخرى لسورية، لا بد أن تصدم جلالة السلطان.

بالتأكيد تحولات خطرة في انتظارنا.  لا ورقة  في يد لبنان ، ولا رأس نسند اليه رؤوسنا سوى أميركا، حتى لو قال الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني «من يسند رأسه الى أميركا كمن يسند رأسه الى حائط جهنم». مورغان أورتاغوس همست في بعض الآذان «أبواب اسرائيل هي أبواب الجنة»!

أما القس جون هاغي، رئيس منظمة «مسيحيون من اسرائيل»  ، والذي ابدى رغبته في زيارة لبنان، فقد رأى أن الشرق الأوسط «لن يشهد لا الاستقرار ولا الازدهار، الا اذا تحققت ارادة الله وقامت اسرائيل الكبرى، اسرائيل المقدسة». واذ اكتفى بأن يتوج نتنياهو ملكاً على «اسرائيل»، شأنه شأن باقي ملوك «التوراة»، زوجته سارة التي ترى في نفسها شخصية سارة، زوجة ابراهيم وأم اسحق التي طردت هاجر أم اسماعيل، الى «واد غير ذي زرع»، تريد أن تكون الملكة على كل المنطقة.

العالم كله أمام ظاهرة غرائبية وتدعى دونالد ترامب. رجل بكل مواصفات وحيد القرن، ويحكمه هاجس الكاوبوي الذي يحطم كل شيء، وهو على حصانه باتجاه الالدورادو، أي طريق الذهب.  كل الدول التي في هذا الطريق حانات خشبية على شاكلة الحانات، التي طالما شاهدناها في أفلام الغرب الأميركي.

العرب، بأثريائهم وبفقرائهم، ضحايا الدرجة الأولى.  العبث بالأراضي وبالثروات، والأهم العبث بالناس الذين يراهم كما رآهم برنارد لويس «كثبان رملية وتذروها الرياح أو تذروها الأزمنة».

جمال حمدان، المفكر المصري الذي لا مشكلة في اقتلاع شعب ونقله من مكان الى مكان. ماسك يرى في الهجرة، سواء كانت طوعية أم قسرية، «ظاهرة فذة في مسار البشرية». حجته «نحن الأميركيون الوافدون من أصقاع الأرض»، و «هكذا عادة تصنع المعجزات».

كتب عن «عبقرية الأرض»، قال «هنا تولد أرواحنا، وهنا تترعرع»... هذه لغة لا  يفقهها دونالد ترامب، وقد وعد بتحويل غزة من مقبرة الى منتجع، بعدما نصح ايتامار بن غفير الفلسطينيين بأن يأخذوا قبور آبائهم معهم. 

ما رد قمة القمم في مصر؟!

الأكثر قراءة

المنطقة العازلة تمهيد للتقسيم وجنبلاط يحذّر من الفوضى الحكومة أمام اختبار إعادة الإعمار بلا ابتزاز