اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بتصريحه الأول بعد تكليفه، قال رئيس الحكومة نواف سلام إن عملية إعادة الإعمار ليست وعداً بل التزام، وبعدها كرّرها وأكّد عليها لكن أصحبها بتأمين شروطها، أما رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون فقد ألحقها بالإصلاحات التي هي مطلب خارجي للدول التي تريد تمويل إعادة الإعمار، وهذا ما ينقله عون بتصريحاته العلنية. من هنا يُطرح سؤال حول ما هي الإصلاحات المطلوبة، كي تقوم هذه الدول بتمويل إعادة إعمار ما هدّمه العدو "الإسرائيلي" في حربه الأخيرة على لبنان؟

تقول مصادر متابعة إن جزءًا من الضغوطات الخارجية التي يتعرّض لها رئيس الجمهورية، هو ربط تمويل إعادة الإعمار بعملية الإصلاح داخل مؤسسات الدولة، والمقصود بذلك "التعيينات"، فهذه الدول تريد إبعاد "الثنائي الشيعي"  عن المؤسسات أو تقليص حضوره بشكل تدريجي، وفق المصادر، وهذا ما خلق عقدة بحل هذا الملف، من هنا يمكن فهم طبيعة اللقاء الذي جمع بين الرئيسين عون وبري حول التعيينات، والذي لم يكن إيجابياً ولم يصل الى أي نتيجة وتُرِك الباب مفتوحاً للنقاش، وهكذا يتم التعامل مع كل الملفات الشائكة.

اللافت هنا، أن "الثنائي الشيعي" يحاوِل استيعاب الضغوطات التي يتعرّض لها الرئيس عون، فبدل التصادم معه يتم تحويله الى نقاش، وفق ما تقوله المصادر، من أجل الوصول الى حل من جهة، ومن جهة ثانية لتفويت الفرصة على مَن يريد خلق مشكلة داخلية، في مرحلة تُعتبر من أكثر المراحل حساسية وتعقيد في البلد والمنطقة، لذا من الواضح أن الثنائي يتعامل بإيجابية مع الرئاستين، في أيام يَلزمها الكثير من الدقة والحذر، ويتجنّب السجالات الداخلية رغم تصريحات بعض الوزراء التي أقل ما يمكن القول عنها إنها لا تليق بمسؤول في الدولة.

ورغم كل ما يقال ويؤدي الى إشاعة أجواء متوترة في البلد، يُصر أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم على الاستعداد للتعاون مع الرئاستين والأفرقاء في الساحة الداخلية، مع الحفاظ على الثوابت وطرح معادلات داخلية مختلفة عن تلك المطروحة، فهو يَعتبر أن الإعمار جزء لا يتجزأ من الإصلاح والإنقاذ، باعتبار أنها عملية متكاملة، فمن دون إعمار لا يوجد إصلاح وإنقاذ وليس العكس، ورغم وجهة النظر هذه حَمّل حزب الله عن الدولة مسؤولية الترميم والإيواء، وهو مستعد لمساعدة الدولة بإعادة الإعمار.

صحيح أن حزب الله رفع شعار "وعد والتزام" أمام بيئته لإعادة الإعمار، وبدأ بالمرحلة الأولى التي لها علاقة بالترميم والإيواء، ودفع حتى الآن بدل إيواء لمدة عام مع أثاث لأربعين ألفًا وخمسمئة وواحد وستين أسرة، كما دفع تكاليف الترميم الجزئي لمئتين وثلاثة وستين ألفًا وسبعمئة وتسعة وثمانين شخصا، لكن هذا التصدّي لا يَعفي الدولة من مسؤوليتها، تؤكد المصادر، فكل ما فعله حزب الله في هذا الملف يُعتبر مساعدة أو مساندة للدولة بمهمة يُفترض أنها من مسؤوليتها.

أما بإعادة إعمار البيوت والمباني المهدَّمة، يبدو أن حزب الله سيَعمل في هذا الملف بالتحديد عكس ما بدأه بالترميم والإيواء، بحيث تبدأ الدولة بإعادة الإعمار أولاً ويقوم الحزب بالمتابعة ومعالجة بعض الثغر.

اعتماد هذا الأسلوب من الحزب يعود لسببين وفق مصادر مطلعة:

- الأول: إذا بادر حزب الله وبدأ بعملية إعادة الإعمار كما الترميم والإيواء، تَسحب الدولة يدها من مهمة، يُفترض أنها من مسؤوليتها وهي مَن يجب أن تتولاها.

- الثاني: إذا بادر حزب الله وقام بإعادة الإعمار بدلاً عن الدولة، تتجدد "نغمة" الحديث عن الدويلة ودولة داخل الدولة، عدا عن طرح سؤال حول مسؤولية الدولة ودورها وواجباتها تجاه مواطنيها.

إذاً، كما تُعطى الدولة فرصة لتحرير لبنان وحمايته من العدو الصهيوني، أمامها فرصة الآن لإعادة إعماره، فهذا الشعب مسؤولية الدولة، وعليها أن تُثبت له ولو لمرة واحدة أنها قادرة على القيام بدورها الطبيعي تجاهه، كيلا تضطره الى البحث عن بدائل بنفسه. وهذا يتطلب مواجهة الضغوطات الخارجية التي تتعرّض لها الدولة اللبنانية، والتي من الواضح أنها لا تقف عند حد للوصول الى الهدف، بحيث تبدأ بنوعية الإصلاحات المطلوبة، وتمر بإعاقة الإعمار للمزيد من الضغط على القاعدة الشعبية للمقاومة، لإحداث شرخ بينهما بهدف إضعافها، وبخاصة أن البلد مقبل على انتخابات، وتنتهي بشروط ومطالب من الصعب أن تُطرح بشكل مباشر في بلد كلبنان في هذه المرحلة... وفي كل مرحلة...

الأكثر قراءة

مقتضيات «الوحدة الوطنية» تنتج التعيينات الامنية والعسكرية اجماع على رفض التطبيع... ونتانياهو: لن ننسحب من لبنان «القوات» تستعجل طرح ملف السلاح... والرئيس مع التريث!