اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تتمتم سيدة برفقة اولادها الثلاثة الصغار، وفي عينها دمعة وهي تحدق في ثياب في احد اسواق طرابلس الداخلية، ثم تسأل التاجر عن السعر ، تتململ ثم تمشي بصمت، لانها عاجزة عن تسديد ثمن بدلة واحدة، فكيف بثلاثة؟

تمضي نحو متجر آخر، الاحقها سائلة اياها، تصمت قليلا لتنفجر لاعنة الزمن ومن اوصل البلاد الى درجات تحت خط الفقر، وتقول "زوجي موظف صغير، راتبه 225 دولارا، مصاريف شهر رمضان باهظة، تجار وباعة لا يرحمون، وحتى اللحوم ارتفعت اسعارها دون سابق انذار او مبرر، ولا ارى سوى الجشع والطمع واستغلال الشهر المبارك". عبثا تحاول هذه السيدة تدوير زاوية النفقات لمواجهة اعباء نفقات العيد، فاذا بها، تقف عاجزة عن شراء ثياب العيد...

ارباب السلطة يعيشون منفصلين عن واقع الناس والعائلات الفقيرة، الرواتب متدنية جدا، غير آبهين بمواطنيهم ... وهذه السيدة شاهد حي على واقع مؤلم، ونموذج لعائلات تعيش في مدينة كانت أم الفقير، فباتت مدينة تعيش تحت خط الفقر...

واكثر ما تعيشه المدينة، هو تلك الهوة السحيقة بين احيائها وشوارعها... فشوارع تزدحم بالافطارات والمآدب الفاخرة، وحفلات سحور ومولوية... وعلى المقلب الآخر، طاولات افطار شبه خاوية، وعائلات بالكاد تجد لقمة افطار...

وحسب بعض هذه العائلات ان البطالة في المدينة تزداد، والفقر يتفاقم، والرواتب المتدنية حصدتها الاسعار التي التهمت معظم السلع الغذائية والاستهلاكية، حتى ان صحن الفتوش اليومي على مائدة الافطار تجاوز عشرة دولارات، ومع حلول عيد الفطر السعيد، يعجز رب العائلة عن شراء الثياب لاطفاله، وهي اوضاع باتت السائدة في المدينة.

عدا ذلك، فان ابواب النواب والسياسيين مغلقة امام المساعدات، وخفضت جمعيات ومؤسسات اهلية مستوى خدماتها نظرا الى الاوضاع الاقتصادية، مما فاقم من الضغوط المعيشية المثقلة على اكتاف عائلات، لا تمتلك الحد الادنى من مقومات العيش الكريم، وكل ذلك في ظل دولة غبر مكترثة لشعبها ولا لمقومات عيشه الكريم .

وتشير اوساط شعبية الى ان حركة الاسواق التجارية بدأت تنتعش وتزدحم يوميا لاستقبال العيد، لكن حركة البيع لم تصل الى المستوى الذي يعيد التوازن الى الحركة الاقتصادية في المدينة، ولا يزال الامل منعقدا على الايام قبل حلول العيد، عل الاوضاع تتحسن ما دامت وتيرة الخطة الامنية قد ارتفعت لضمان الامن والاستقرار والاطمئنان من جهة، وانتظار صرف الرواتب رغم تدني قيمتها الشرائية من جهة ثانية.

ومع انطلاقة العهد الجديد والحكومة الجديدة، تشير الاوساط المحلية، انه من المفترض ان تتحرك وزارة الاقتصاد لحماية المستهلك، وتبادر الى ضبط الاسعار ووقف التلاعب والجشع في شهر الصيام، وان تسرع الحكومة الجديدة الى رفع الحد الادنى للاجور، وإلا فان التدهور المعيشي متواصل نحو الهاوية...

طرابلس مدينة عانت ولا تزال تعاني من التهميش والتجاهل، وهي تنتظر قرارات حكومية تبدأ بالافراج عن مشاريع انمائية، وموازنات مالية خاصة بالمدينة منذ سنوات جرت عرقلتها، وادت الى واقعها المعيشي والاجتماعي وما يسودها من فوضى وفلتان امني غير مسبوق...

الأكثر قراءة

ترقب لمزيد من الضغوط الأميركيّة... أورتاغوس تنتقد الجيش؟! القوانين الانتخابيّة الى «مقبرة اللجان»... والبلديّات في أيار خطة أمنيّة لطرابلس وعكار... ووزير الدفاع في دمشق غداً