في الأوساط السياسية والديبلوماسية الدولية تفسير واحد تقريباً، لاستدعاء البيت الأبيض وعلى عجل بنيامين نتنياهو. بطريقة ما بلغ "الاسرائيليين" أن الاتصالات السرية بين واشنطن وطهران وصلت الى مرحلة متقدمة، ما أثار الهلع لدى أركان الائتلاف من أن يشهدوا لقاء دونالد ترامب مع كيم جونغ ـ أون، بعد التهديد بتوجيه الضربة النووية الى كوريا الشمالية. يتكرر هذه المرة، ولكن بين ترامب وآية الله خامينئي.
اذاً عودة الأميركيين الى نظرية جورج كينان حول "الاحتواء" (1946)، احتواء ايران بدل الصراع العبثي معها، وبعدما اعتبروا أن الأحداث الأخيرة أدت بها الى خسارة أوراقها التكتيكية والاستراتيجية في المنطقة. هذا لا يقنع "حاخامات" الدولة العبرية الذي يرون ألاّ أحد يستطيع التكهن بلحظة الاعصار في الشرق الأوسط.
نتنياهو كان قد قرر قطع الطريق على أي مفاوضات أميركية ـ ايرانية، بافتعال ذريعة تتيح له تنفيذ خطته بضرب المنشآت النووية والنفطية الايرانية، بالصورة التي تؤدي الى زعزعة النظام، وحتى الى تقويضه، مع الاستعداد للجوء الى ما هو أكثر اذا عدنا الى المعلومات التي تنشرها دوريات غربية متخصصة حول مرابطة غواصات "دلفين" الألمانية الصنع، والمزودة بالرؤوس النووية، على مقربة من مضيق هرمز.
ولكن لنلاحظ تفاهة نتنياهو، حين يحاول أن ينفي عنه صفة "الصبي الأميركي". أعلن أمام الملأ بأن له الشرف أن يكون أول زعيم دولة يزور البيت الأبيض، بين طابور القادة الذين ينتظرون مثل تلك الزيارة عقب اطلاق التعرفات الجمركية، بالرغم من أن العالم يعلم أن ما حدث استدعاء لا دعوة.
اعلاميون أميركيون قالو ان ما حصل في المكتب البيضاوي بين الرجلين بعيداً عن الكاميرات، مختلف عما حصل أمام الكاميرات، حين قدم ترامب الكرسي لضيفه، بعدما كان هذا الأخير يتوجس من أن يعامله الرئيس الأميركي مثلما تعامل مع فولوديمير زيلينسكي (الأرنب بين أشداق الذئب). ولكن يهودية رئيس الحكومة "الاسرائيلية"، الآتي من "أرض الميعاد" غير يهودية الرئيس الأوكراني، بالخلفية الكوميدية، والذي يحاول تقليد قادة الفيتكونغ الذين يتحدرمنهم الأوكرانيون.
الرئيس الأميركي تحدث عن لقاء مباشر ورفيع المستوى مع الايرانيين يوم السبت. لكن عباس عراقجي ما زال يتحدث عن محادثات غير مباشرة في سلطنة عمان. كثيرون لا يرون أي مبرر لرفض المفاوضات المباشرة. البلدان ليسا في حالة حرب. المثال لدى الوسطاء في سلسلة الاتصالات بين وزيري الخارجية ووزيري الدفاع في أميركا وروسيا، مع أن الأميركيين هم وراء الأسباب التي أدت الى اندلاع الحرب الأوكرانية، والى حد الرهان على كسر القيصر, وتفكيك الاتحاد الروسي على غرار حصل للاتحاد السوفياتي.
تالياً، أكثر من جهة دولية أو اقليمية، ترى أن الصراع اللولبي بين واشنطن وطهران لم يكن يوماً لمصلحة ايران. الأعداء أوالخصوم هم الذين استفادوا الى أبعد مدى، كما أن "الاسرائيليين" استغلوا حال التوتر أو اللاثقة بين ضفتي الخليج، من أجل اختراق الداخل العربي، ودون أي اعتبار للسياسات الدموية والبربرية التي ينتهجونها في المنطقة. في هذه الحال، ثمة من يتساءل لماذا لا يكون تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، ما يمكّن الايرانيين الذي طالما عاشوا الويلات الاقتصادية والمعيشية، من تجاوز هذه الحقبة العصيبة والعصبية، وهم الذين يملكون كل الامكانات ليكون لهم دور فاعل في صناعة القرن.
مسؤول في دولة عربية على علاقة وثيقة بايران، اتصل بي تعقيباً على مقال أخير، ليقول "أن تفاهم آية الله خميني مع دونالد ترامب بمثابة الضربة القاضية لنتنياهو، الذي طالما لعب على العلاقات المتوترة بينهما، ليبقى على عرشه (عرش داود)، وليخدع "الاسرائيليين" بأنه في حروبه، لا يقضي فقط على القوى التي تهدد وجود "الدولة اليهودية"، وانما يقطع الخطوات الأخيرة في الطريق الى قيام اسرائيل الكبرى".
ما يلاحظ من الكلام الأميركي التركيز على البرنامج النووي الايراني، دون استعادة الشروط السابقة، إن حول مشروع الصواريخ الباليستية أو حول وقف التمدد الجيوسياسي. كما أنه لا يتبنى الطلب "الاسرائيلي" المستحيل، أي تفكيك هذا البرنامج، بل ابقاء تخصيب الأورانيوم، وكذلك انتاج أجهزة الطرد المركزي في الاطار الذي لا يتيح الانتقال الفوري الى داخل العتبة النووية. لكن اللافت هنا، قول الرئيس الأميركي ان "اسرائيل" ستكون شريكة في أي اتفاق. كيف؟
ما هو مطلوب من الايرانيين في هذه الأجواء الملبدة، وحيث يقول ترامب ان البديل سيكون "خطراً كبيراً" على بلادهم، البراعة الديبلوماسية للالتفاف حول "اسرائيل"، من خلال تغليب اللغة البراغماتية على اللغة الايديولوجية في الأداء الديبلوماسي، وهذا ما حدث أثناء مفاوضات فيينا على وقع سنفونية "الدانوب الأزرق" ليوهان شتراوس.
ما ينبغي التوقف عنده في كلام الرئيس الأميركي ـ وسط تلك اللحظات الشكسبيرية ـ دعوة بنيامين نتنياهو الى التعامل بـ"عقلانية" مع رجب طيب اردوغان. هذا ما يجعلنا نخاف من دعم أميركي لصفقة تركية ـ "اسرائيلية" يفقد سوريا مفهوم الدولة ودور الدولة...
أحمد الشرع ظل تحركه أصابع صانعه حقان فيدان منذ أن كان يرئس الاستخبارات التركية. أي سوريا في هذه الحال؟
يتم قراءة الآن
-
سؤال الى... الله
-
عون لحوار ثنائي مع حزب الله... لكن ماذا عن الضمانات؟ مواكبة سعودية لترتيب ملف العلاقات اللبنانية ــ السورية شهيد للجيش جنوبا... ولا ضمانات للمناصفة في بيروت
-
أيّ رؤوس تسقط في لبنان؟
-
من الدوحة الى روما... الحرب والسلام على طاولة واحدة 28 نيسان: اجتماع حاسم حول الأجور ونظام التقاعد تحقيق أردني يكشف تدريب خلية إرهابية في لبنان... وبيروت تتعاون زيارة عون لقطر: رسائل إصلاحية وطلب لتوسيع المساعدات
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:34
"معاريف" عن مسؤولين إسرائيليين: إسرائيل وتركيا ستواصلان مباحثاتهما لمنع وقوع أي احتكاك عسكري بينهما في سوريا
-
10:32
بدأ التحرك الشعبي للمودعين أمام المدخل الأساسي لمجلس النواب، في ساحة النجمة، وسط تعزيزات أمنية كثيفة للجيش اللبناني
-
09:46
الذهب يتجاوز 3300 دولار للأونصة لأول مرة في تاريخه
-
09:31
"الوكالة الوطنية": الجيش الإسرائيلي استهدف ليلاً مركز الدفاع المدني التابع لكشافة الرسالة الاسلامية في بلدة طيرحرفا
-
23:19
الخارجية الأميركية: ندعو إلى فتح الممرات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات في السودان، وقلقون إزاء الأنباء عن استهداف الدعم السريع عمدا للمدنيين وموظفي الإغاثة في زمزم وأبو شوك.
-
23:18
الخارجية الأميركية: أي اتفاق مع إيران يجب أن يضع إطارا للسلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، وسنحارب معاداة السامية بعزم لا يتزعزع وسندافع عن سلامة وأمن اليهود في كل مكان.
