اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعدّ اليود من العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم بكميات ضئيلة، إلا أن دوره الحيوي يجعله من الضروريات لصحة الإنسان، خاصةً في ما يتعلق بوظيفة الغدة الدرقية. فاليود يُستخدم من قِبل الغدة لإنتاج هرموني "الثيروكسين" (T4) و"الثلاثي يودوثيرونين" (T3)، وهما الهرمونان المسؤولان عن تنظيم العديد من العمليات الحيوية، كالنمو، وتطور الدماغ، وتنظيم التمثيل الغذائي. وعندما يعاني الجسم من نقص في هذا العنصر، تبدأ سلسلة من الاضطرابات الصحية التي قد تكون صامتة في البداية، لكنها تترك آثارًا عميقة مع مرور الوقت.

تتجلى علامات نقص اليود غالبًا في خلل بوظيفة الغدة الدرقية، وهو ما يُعرف بقصور الغدة الدرقية. في هذه الحالة، تقل قدرة الجسم على إنتاج كميات كافية من الهرمونات الدرقية، ما يؤدي إلى أعراض تشمل التعب المزمن، وزيادة الوزن غير المبررة، وبرودة الأطراف، وجفاف الجلد، وتساقط الشعر. كما يعاني البعض من صعوبة في التركيز، واكتئاب، وبطء في معدل ضربات القلب. هذه الأعراض قد تتطور تدريجيًا وتُخطئ في تشخيصها، مما يؤخر الحصول على العلاج المناسب.

من أبرز علامات نقص اليود الظاهرة هو تضخم الغدة الدرقية، أو ما يُعرف بـ "الـغُدّة الدرقية المُتضخمة" أو "الـغُدّة الدرقية الدُرَقية". عندما تفتقر الغدة إلى كمية كافية من اليود لإنتاج الهرمونات، تبدأ في التضخم في محاولة لتعويض النقص، ما قد يؤدي إلى تورّم ظاهر في الرقبة. وإذا تُرك هذا التضخم دون علاج، قد يتسبب بصعوبة في البلع والتنفس.

هذا وتُعد النساء الحوامل والأطفال من أكثر الفئات تضررًا من نقص اليود، حيث يُمكن أن يؤدي هذا النقص أثناء الحمل إلى تشوهات خلقية، وتأخر في النمو العقلي والحركي لدى الجنين. وفي الحالات الشديدة، قد يُصاب الطفل بحالة تُعرف بـ "التخلف العقلي الناتج من نقص اليود"، وهي من أكثر التبعات خطورة وتأثيرًا على المدى الطويل. كما قد يؤدي النقص إلى انخفاض معدل الذكاء لدى الأطفال، حتى لو كان طفيفًا، ما يؤثر سلبًا في قدراتهم التعليمية وسلوكهم.

إنّ التبعات السلبية الأخرى لنقص اليود لا تتوقف عند حدود الغدة الدرقية أو القدرات الإدراكية، بل تمتد لتشمل ضعف المناعة، واضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء، وصعوبة في السيطرة على الكوليسترول، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. كما أن النقص المزمن في هذا العنصر قد يؤدي إلى ضعف الخصوبة لدى كل من الرجال والنساء، نتيجة اختلال الهرمونات.

وتكمن خطورة نقص اليود في كونه غير مرئي في بداياته، ما يجعله يُهمل غالبًا. ولهذا السبب، تنصح الجهات الصحية العالمية بتعزيز استهلاك مصادر اليود الطبيعية كالمأكولات البحرية، والملح المُدعّم باليود، ومنتجات الألبان، والبيض، وبعض أنواع الخضراوات، خاصةً في المناطق الجغرافية التي تُعرف بضعف نسبة اليود في تربتها ومياهها. كما يُوصى بمراقبة مستويات اليود لدى الفئات المعرضة للخطر، مثل النساء الحوامل، لتفادي أي مضاعفات محتملة.

في النهاية، إن نقص اليود ليس مجرد خلل غذائي بسيط، بل هو تهديد صامت يمكن أن يؤثر في وظائف الجسم الأساسية وصحة الأجيال القادمة. لذلك، فإن التوعية بأهمية هذا العنصر، والحرص على دمجه في النظام الغذائي اليومي، يمثلان حجر الأساس في الوقاية من أضراره الصحية الخطرة.

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس