لعلّها مرحلة الضغوط القصوى على بيئة المقاومة، بحيث أنها تعيش حروباً من كل اتجاه، فهي لا زالت تعيش الحرب "الإسرائيلية" عليها من خلال الإعتداءات المتكررة، من الجنوب الى البقاع الى الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي نفس الوقت تُخاض عليها حرب نفسية كبيرة تُديرها آلة إعلامية وسياسية ضخمة، تمس معتقداتها ومقدّساتها وقادتها وشهداءها، الذين حتى الآن تبحث أمهاتهم عن جثامينهم أو ما تبقّى منها، علّها تُطفىء نار قلبها ببعض من أثرهم.
ما يحصل اليوم مع بيئة المقاومة ليس جديداً، تقول مصادر مطلعة، فلطالما تطاول البعض على مقدساتها وقادتها وشهدائها، وكان سيّدها يدعوها دائماً الى التحلّي بالمزيد من الصبر، لقطع الطريق أمام مَن يريد العبث بالسلم الأهلي وجرّ المقاومة الى حيث يُريد، إلا أن المقاومة كانت في كل مرة تُثبت حرصها على استقرار البلد ولو على حسابها. أما اليوم وبعد أن خرجت هذه البيئة من حرب الـ ٦٦ يوماً مجروحة فاقدة سيّدها بقيت على عهدها له، فصبرت على وجعها لتحفظ وصاياه والأمانة التي تركها بين أيديها، فمسؤولية حفظها لا تُعتبر بالمهمة السهلة، خاصة وأن المس بشخص سيّدها يُعتبر من الخطوط الحمراء بالنسبة لها، وهنا تكمن الخطورة ويُطرح سؤال ما بين حفظ الوصية والخط الأحمر: هل سيبقى لدى البيئة قدرة على التحمّل، في ظل التمادي الحاصل بحق أقدس مقدساتها؟ ومَن سيتحمّل مسؤولية الإنفجار في البلد، نتيجة كل هذا الحقن الذي يقوم به مَن يفتقد للغة الإنسانية؟
هذه البيئة تعيش تهديداً وجودياً منذ نشأة الكيان ومنذ أن قررت محاربته، وفق المصادر، وعندما كبرت المقاومة بات التهديد الوجودي أكبر، لذا هي مستهدَفة بهويتها التي تُعبّر عنها بالسلاح الذي قاتل العدو "الإسرائيلي"، وحرّر الأرض من احتلاله، وفرض معادلات بوجهه، وباتت قوّة لبنان بمقاومته.
رغم جرحها، هذه البيئة تبقى شامخة معتزة وفخورة بما قامت به، فهي من بين القلة في العالم التي ضميرها حيْ، وتستطيع أن تقف أمام الله والتاريخ عزيزة رافعة رأسها، لأنها لم ترضَ الذل والخضوع والإستسلام، فهي ناصرت الحق ووقفت الى جانب المستضعفين، في وقت تَواطأ الكون عليها وقام بأخطر هجوم بالتاريخ كي يُنهيها، إلا أنها بقيت صامدة، ثابتة ومتمسّكة بمبادئها مؤكدة مقولة: ألسنا على الحق، إذاً لا نبالي بالموت...
حتى بالحُكم، فالنموذج الذي قدّمته المقاومة بعد إنجازاتها وانتصاراتها التي حققتها، والتي بدأت عام ٢٠٠٠ يوم حرّرت الجنوب من العدو "الإسرائيلي"، والتي نعيش ذكراها في أيامنا هذه، لم تُشبه أي نموذج آخر أو تجربة سابقة لأي مقاومة انتصرت في التاريخ. فعادة المقاومات عندما تَنتصر تَحكم، إلا المقاومة في لبنان لم تفعل ذلك، رغم أنها كانت مُطالَبة بالإمساك في السلطة بعد ما حققته من إنجازات وانتصارات على "إسرائيل"، إلا أن المقاومة لم تستغل هذه الفرصة، تقول المصادر، لأنها اختارت مصلحة البلد والتلاقي مع المكوّنات الداخلية، خاصة وأن بنية حزب الله تبدأ من الداخل الى الخارج، وتنظر الى الإرادة الذاتية والشعبية والتوافقات الداخلية، وحتى العروضات الغربية والفرنسية بالتحديد التي لها علاقة بالمثالثة، رفضها حزب الله لأنه كان حريصاً بشخص الأمين العام على عهده قائلاً: "لقد تعاهدنا في هذا البلد على التوافقية، وهذا البلد لا يَستمر إلا بالتوافق"، وهذه السياسة لا زال الحزب يعتمدها حتى الآن.
هذه هي ثقافة المقاومة وبيئتها، فمَن يتجذّر في أرضه يسعى للحفاظ عليها، لأنه لا يستطيع تركها، فعُمر تجاربها من عُمر هذه الأرض والوطن وأكثر، وآخرها كانت حرب الـ ٦٦ يوماً، بحيث أن أبناء هذه البيئة الذين توزعوا على الأراضي اللبنانية، وصولاً الى سوريا والعراق وإيران، عادوا الى أرضهم وبيوتهم المدمَّرة بمجرد الإعلان عن وقف إطلاق النار، فتعلّقهم بالأرض أسطورة تاريخية وعلاقة إستثنائية تُدرّس، لدرجة تعجز قواميس العالم عن شرحها ووصفها. فهؤلاء الناس أرضهم هي كرامتهم وثقافتهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، والأهم من ذلك فيها دماء وأجساد أبنائهم الذين رحلوا لتبقى هذه الأرض لأبنائها.
يتم قراءة الآن
-
ساعة اهتزت عظام نتنياهو
-
ترامب سنجتمع مع ايران الاسبوع القادم وقد نصل معها الى اتفاق الرئيس عون يشدد على اهمية اليونيفيل واستفزاز «اسرائيلي» ضد قادة القوات الدولية بعد تفجير كنيسة مار الياس بدمشق تهديدات داعشية لكنائس حمص وحماة وحلب
-
ماذا يفعل التطبيع بالعرب؟!
-
النزوح السوري الجديد الى شمال لبنان: روايات مذهلة عن مجازر وخطف وسبي واغتصاب
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
00:00
"فاينل فور" بطولة لبنان في كرة السلة: الحكمة يتقدم على بيروت (2-1) في مجموع المباريات، بفوزه عليه في المباراة الثالثة (103-85).
-
23:39
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بات قريبا وقد نتوصل إليه الأسبوع المقبل، والناس يموتون في غزة ولا أحد يقدم المساعدة لسكان القطاع بينما نفعل نحن.
-
23:32
وزير الخارجية الأميركية: تحقيق السلام أصعب من الحرب وصوت الرئيس ترامب هو الأعلى في العالم الذي ينادي بالسلم.
-
23:18
ترامب: قطر عملت بلا كلل من أجل التوصل إلى اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية، واشكرها على عملها بشكل وثيق معنا.
-
23:15
ترامب: النزاع بين رواندا والكونغو الديمقراطية أضاع فرصا كثيرة وذهب ضحيته كثيرون وجاء الوقت اليوم لإنهائه.
-
23:03
القناة 12 "الإسرائيلية": نتنياهو يهدف خلال زيارته واشنطن الترويج لصفقة تبادل أسرى وتطبيع العلاقات مع سوريا.
