اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أصبح البروتين في السنوات الأخيرة محط اهتمام شريحة واسعة من الناس، خاصة الرياضيين، ومحبي اللياقة البدنية، وأولئك الساعين لبناء الكتلة العضلية أو فقدان الوزن. وبينما يُعد البروتين عنصرًا أساسيًا لا غنى عنه في بناء الخلايا وتجديد الأنسجة ودعم وظائف الجسم الحيوية، فإن الإفراط في استهلاكه قد يقود إلى عواقب صحية غير متوقعة، تتفاوت حدّتها باختلاف نمط الحياة والحالة الصحية العامة للفرد.

يُعرّف البروتين بأنه أحد المغذيات الأساسية الثلاثة إلى جانب الكربوهيدرات والدهون، ويلعب دورًا حيويًا في تكوين العضلات، إنتاج الهرمونات، والإنزيمات، وتقوية المناعة. غير أن تجاوز حاجة الجسم اليومية منه، والتي تختلف حسب العمر، والوزن، ومستوى النشاط البدني، قد يؤدي إلى تحميل زائد على الأعضاء الحيوية مثل الكلى والكبد، ويُخلّ بتوازن العمليات الحيوية في الجسم.

من أبرز تداعيات زيادة البروتين في الجسم هو الإجهاد الكلوي، إذ يُضطر الجسم إلى التخلص من النيتروجين الناتج عن تحلل الأحماض الأمينية، وهو ما يضع ضغطًا إضافيًا على الكليتين. وفي الحالات المزمنة، قد يفاقم ذلك من مشاكل الكلى لدى الأشخاص الذين يعانون مسبقًا من ضعف في وظائفها. كما أن بعض الدراسات تشير إلى أن الأنظمة الغذائية عالية البروتين وقليلة الكربوهيدرات قد تزيد من خطر تكوّن حصى الكلى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإفراط في البروتين، خاصة إذا كان مصدره مكملات صناعية أو أغذية غنية بالدهون المشبعة مثل اللحوم الحمراء — قد يرفع مستويات الكوليسترول الضار في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين. كما أن اتباع أنظمة غذائية تعتمد على البروتين بشكل مفرط قد يُخلّ بتوازن الألياف والفيتامينات والمعادن، ما يؤدي إلى الإمساك، الإرهاق، ورائحة فم كريهة نتيجة تكون الأجسام الكيتونية في الجسم.

الفئة الأكثر عرضة لتداعيات زيادة البروتين تشمل أولئك الذين يبالغون في تناوله دون استشارة مختصين، خاصة من يتّبعون حميات عالية البروتين مثل "الكيتو" أو "أتكنز"، إلى جانب الرياضيين الذين يعتمدون بشكل كبير على المكملات الغذائية، دون موازنة حقيقية بين احتياجات أجسامهم والاستهلاك الفعلي. كما أن الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة كأمراض الكلى أو الكبد يُعتبرون الأكثر حساسية لتراكم البروتين ومخلفاته في الجسم.

من جهة أخرى، يُسهم الإفراط في تناول البروتين أحيانًا في زيادة الوزن بدلاً من فقدانه، إذ قد يؤدي فائض السعرات الحرارية إلى تخزين الدهون، خاصة إذا لم يرافقه نشاط بدني كافٍ. كما أن الجسم لا يخزّن البروتين الفائض كعضلات، بل يحوّله إلى طاقة أو دهون عند تجاوز الحاجة اليومية.

للوقاية من تداعيات زيادة البروتين، يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن، يعتمد على مصادر بروتين متنوعة مثل الأسماك، البقوليات، البيض، والمكسرات، مع تقنين استهلاك اللحوم المعالجة والمكملات الغذائية. كما يجب الرجوع إلى أخصائيي التغذية أو الأطباء لتحديد الكميات المناسبة بحسب العمر، الجنس، ونمط الحياة، خاصة لمن يعانون من حالات صحية خاصة.

في الختام، تبقى الاعتدال والوعي الغذائي هما الركيزتان الأساسيتان لأي نمط صحي. فكما أن نقص البروتين يهدد الصحة العامة، فإن زيادته المفرطة ليست دون تبعات. ويظل الحفاظ على التوازن الغذائي هو السبيل الأمثل لتحقيق الأداء الجسدي الأمثل، دون الإضرار بالأعضاء الحيوية أو التسبب في مضاعفات مستقبلية.

الأكثر قراءة

إيران تؤلم «إسرائيل» من الشمال إلى الجنوب... والمفاوضات تنتظر وقف القصف الموفد الاميركي لم يحسم التمديد لليونيفيل وغازل جنبلاط اين الحكومة من الغلاء الجنوني وموسم الاصطياف مهدد؟