وسط تصاعد الأزمات الجيوسياسية وتغيرات الأسواق العالمية، تدخل السلع الأساسية مرحلة حساسة من إعادة التقييم الاستثماري، حيث يتقاطع العنف العسكري في الشرق الأوسط مع ديناميكيات الاقتصاد الكلي وأسعار الفائدة العالمية. فمع استمرار الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران، وما تحمله من تداعيات باهظة على الجانبين، تتجه الأنظار إلى أداء الذهب والنفط والفضة، باعتبارها مؤشرات استراتيجية لحالة السوق العالمية.
في هذا السياق، قدّم أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك"، قراءة معمقة لمستقبل الأسواق، خلال مقابلة خاصة مع برنامج "بزنس" على سكاي نيوز عربية، كاشفًا عن توقعات مدروسة ومتناقضة مع بعض التيارات الاستثمارية التقليدية.
وتوقف هانسن عند محددات العرض والطلب، والتقلبات الجيوسياسية، وسلوك البنوك المركزية، خاصة في ضوء تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأميركي، وتغيرات مرتقبة في السياسات النقدية.
تصاعد الصراع ومعادلات
جديدة على أسواق السلع
أكد هانسن أن التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، وخاصة الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل، يمثل عاملاً جيوسياسياً محورياً في التأثير على أسواق السلع الأساسية، من طاقة ومعادن إلى حبوب وزيوت.
وأوضح أن أسعار النفط، رغم عدم تعرض الإمدادات حتى الآن لأي انقطاع فعلي، قد تستمر في مستوياتها المرتفعة في ظل "الارتياح المؤقت" في الأسواق تجاه الإمدادات. لكنه حذّر في المقابل من أن أي تطور ميداني مفاجئ قد يقلب الموازين سريعاً.
وقال في هذا السياق: "السيناريو الحالي لا يشير إلى اقتطاعات حقيقية في الإمدادات، لكن ذلك لا ينفي وجود تأثيرات نفسية على الأسعار، خاصة في ظل التوترات المستمرة في الخليج".
كما شدد على أن سلعاً أخرى مثل القمح وفول الصويا تتأثر بصورة غير مباشرة بفعل القلق المتزايد من تضخم تكاليف الإنتاج والنقل.
الذهب في مرمى التوقعات
وفي ما يتعلق بالذهب، تحدث هانسن عن حالة من "الاستقرار المرتفع" لسعر المعدن الأصفر، وربط هذا الأداء القوي بالتحولات السياسية والاقتصادية الكبرى في العالم. وعلى خلاف ما ذهب إليه بنك "سيتي غروب" بتوقعاته المتشائمة بانخفاض الذهب إلى ما دون 2500 دولار للأونصة بحلول النصف الثاني من 2026، تبنّى هانسن رؤية أكثر تفاؤلاً.
وأشار إلى أن: "ارتفاع أسعار الذهب خلال السنوات الثلاث الماضية لم يكن عابراً، بل يعكس تحولات هيكلية في السياسات النقدية والتوجهات الاستثمارية... ولا أرى مؤشرات حقيقية على تراجعه قريباً".
ورجّح أن يشهد الذهب ارتفاعاً قد يصل إلى 4000 دولار للأونصة مع نهاية العام الجاري، مدفوعاً بجملة من العوامل تشمل ضعف الدولار الأميركي المرتقب، والمخاطر الجيوسياسية، واستمرار التوجهات التحوطية من البنوك المركزية.
الفضة تلمع من جديد
وفي محور الفضة، أكد هانسن أن هذا المعدن يشهد لحظة استثنائية، حيث تجاوزت أسعاره 35 دولاراً للأونصة، متوقعاً أن يتواصل هذا الزخم ليصل إلى مستويات 40 دولاراً خلال الفترة القادمة، خصوصاً في ظل نسب الأداء المقارن التي وصلت إلى 91 بالمئة بين الذهب والفضة.
"الفضة لم تعد مجرد معدن تابع للذهب، بل أصبحت مصدر تحوط قائم بذاته، نظراً لزيادة الطلب الصناعي والاستثماري عليها"، بحسب هانسن.
تباين في الرؤية بين
البنوك العالمية
يتعارض في هذا الاطار التحليل الاستراتيجي الذي قدمه هانسن مع تقديرات بنوك عالمية كبرى، مثل "سيتي غروب"، الذي أشار إلى أن تحسن الاقتصاد العالمي قد يقلل من الطلب الاستثماري على الذهب.
في المقابل، أظهر كل من "غولدمان ساكس" و"يو بي إس" ميولاً تصاعدية في توقعاتهما، مرجحين بلوغ الذهب مستويات 3700 إلى 4000 دولار في الأجل القريب.
ولفت هانسن إلى أن أحد العوامل الخفية وراء هذا الأداء هو دور البنوك المركزية، وعلى رأسها الصين وروسيا، التي كثفت عمليات شراء الذهب، لتتجاوز حاجز 1000 طن سنوياً منذ 2022.
وأكد هانسن قائلا: "البنوك المركزية هي المحرك الخفي لسوق الذهب، وقراراتها تترجم مباشرة في الأسعار".
الطاقة والتحوط:
الحذر سيد الموقف
أما في ما يتعلق بأسواق الطاقة، فقد أشار هانسن إلى أن التحوط أصبح "حتمية" في ظل استمرار الحرب، حيث تلجأ الشركات لشراء أدوات تأمينية عبر سوق الخيارات، تفادياً للمخاطر القادمة.
وتابع قائلا: "أسواق الطاقة تعيش حالة من التأهب القصوى... التحوط لم يعد اختياراً، بل ضرورة استراتيجية للشركات، خصوصاً مع التزايد المضطرد في أسعار القمح وفول الصويا وغيرها من السلع الغذائية".
السلع في قلب المعركة
إن نظرة ساكسو بنك، وتحديداً تحليلات أولي هانسن، تقدم قراءة واقعية للمرحلة القادمة، حيث تتقاطع الجغرافيا السياسية مع الديناميكيات الاقتصادية في تشكيل مشهد عالمي جديد. وما بين صعود الذهب، وقلق المستثمرين، وتذبذب النفط، تبقى أسواق السلع ساحة مواجهة مفتوحة، ترسمها ليس فقط المدافع والصواريخ، بل المؤشرات، والفائدة والدولار والين.
الأكثر قراءة
-
إسرائيل تفشل في تحقيق أهدافها وتطلب تدخل واشنطن اتصال بريطاني ــ لبناني يؤكد:لا مصلحة لبيروت في خوض الصراع قلق خليجي من تسرّب نووي...وتحذيرات من كارثة إقليمية
-
الفرزلي: قانون الإنتخاب الحالي خلاصة اتفاق باسيل وجعجع... والأرثوذكسي" الأنسب"
-
"التايمز": أميركا تحتاج إلى إذن بريطانيا لشن ضربات انطلاقاً من قاعدة دييغو غارسيا
عاجل 24/7
-
23:50
فاينل فور بطولة لبنان في كرة السلة: الرياضي يتقدم على الهومنتمن (1-0) في مجموع المباريات، بفوزه عليه في اللقاء الأول (104-101).
-
23:33
هيئة البث "الاسرائيلية" عن مسؤول "إسرائيلي" كبير: إذا لم تنضم الولايات المتحدة إلى الهجوم على إيران فقد نتورط بحرب طويلة الأمد.
-
23:32
هيئة البث "الاسرائيلية" عن مسؤول "إسرائيلي" كبير: نعتقد أن إيران ستجرنا إلى حرب استنزاف مع استمرار الضربات المتبادلة.
-
23:32
هيئة البث "الاسرائيلية" عن مسؤول "إسرائيلي" كبير: استمرار المواجهة ونتائجها يعتمدان أيضا على "إسرائيل" لكن بشكل أساسي على ترامب.
-
23:22
الشرطة الإيرانية: القبض في تبريز شمال غربي البلاد على شخص تبادل معلومات سرية مع مقيمين في الخارج.
-
23:22
الحرس الثوري الإيراني: قبضنا على عميل للموساد بمحافظة مازندران شمالي البلاد وبحوزته أدوات تجسس واتصال.
