اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


رغم أن فيتامين د يُعرف تقليديًا بدوره الأساسي في تعزيز صحة العظام وامتصاص الكالسيوم، إلا أن الدراسات الحديثة كشفت عن أدوار أكثر تعقيدًا لهذا الفيتامين، خاصة لدى الرجال. لم يعد نقص فيتامين د مجرّد مسألة تتعلق بهشاشة العظام أو ضعف المناعة، بل تبيّن أن له تأثيرًا مباشرًا في مستويات الطاقة، القوة العضلية، والصحة الإنجابية عند الرجال، مما يفتح بابًا واسعًا للتساؤل حول حجم الضرر الذي قد يُحدثه هذا النقص الصامت.

فيتامين د هو فيتامين فريد من نوعه، لأنه يُنتج في الجلد عند التعرض لأشعة الشمس، ويُعتبر في الواقع هرمونًا أكثر منه فيتامينًا. أظهرت أبحاث طبية أن انخفاض مستوياته في الجسم يُمكن أن يؤدي إلى تراجع في إنتاج هرمون التستوستيرون، وهو الهرمون الأساسي المسؤول عن تطوير الصفات الذكورية وتنظيم الوظيفة الجنسية لدى الرجل. انخفاض التستوستيرون بدوره يرتبط بمشاكل مثل ضعف الرغبة الجنسية، انخفاض الخصوبة، واضطرابات المزاج والطاقة.

من الناحية العضلية، يلعب فيتامين د دورًا في دعم قوة العضلات ووظائفها. الرجال الذين يعانون من نقص مزمن في هذا الفيتامين غالبًا ما يشتكون من الشعور بالتعب المستمر، ضعف الأداء البدني، وصعوبة في ممارسة التمارين الرياضية أو حتى المهام اليومية البسيطة. وتُرجع الدراسات ذلك إلى تأثير فيتامين د في المستقبلات الموجودة في أنسجة العضلات، حيث يؤدي نقصه إلى تراجع الكفاءة العضلية وتباطؤ الاستشفاء العضلي بعد الإجهاد.

أما فيما يخص الخصوبة الذكورية، فإن نقص فيتامين د يرتبط ارتباطًا وثيقًا بجودة الحيوانات المنوية. فقد كشفت عدة دراسات أن الرجال الذين يعانون من نقص حاد في الفيتامين لديهم عدد أقل من الحيوانات المنوية، وضعف في حركتها، وزيادة في نسبة التشوهات، مما يُقلل من فرص الحمل الطبيعي. يُعتقد أن فيتامين د يؤثر في عملية إنتاج الحيوانات المنوية من خلال تحفيز خلايا الخصيتين ودعم البيئة الهرمونية اللازمة لهذه العملية الحيوية.

إضافة إلى ذلك، يرتبط نقص فيتامين د باضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، وهما عاملان يؤثران بدورهما على الوظيفة الجنسية والطاقة العامة. وقد أشار بعض الباحثين إلى أن العلاج بفيتامين د لدى الرجال الذين يعانون من انخفاض مستوياته قد يُحسن المزاج، النشاط العقلي، وحتى الرغبة الجنسية، ما يسلط الضوء على أهمية الاعتناء بمستوى هذا الفيتامين البسيط في الجسم.

هذا وتكمن المشكلة الأكبر في أن نقص فيتامين د قد لا يُكتشف بسهولة، لأنه لا يُسبب أعراضًا واضحة ومباشرة في البداية. الكثير من الرجال لا يُدركون أن شعورهم بالتعب، ضعف الانتصاب، أو حتى تراجع الخصوبة، قد يكون مرتبطًا بشكل مباشر بمستوى فيتامين د في أجسامهم. ولهذا، يُوصى بإجراء فحص دوري لمستوى الفيتامين في الدم، خاصة لمن يعيشون في بيئات قليلة التعرض للشمس، أو من يعانون من مشاكل مزمنة في الطاقة أو الإنجاب.

في الختام، يتجاوز فيتامين د كونه فيتامينًا للعظام فقط، ليُصبح عنصرًا أساسيًا في صحة الرجل الجسدية والإنجابية والنفسية. إن الحفاظ على مستوياته ضمن النطاق الطبيعي لا يُعتبر رفاهية صحية، بل ضرورة تساهم في دعم التوازن الهرموني، القوة العضلية، وجودة الحياة بشكل عام. ومن هنا، يجب تعزيز الوعي بأهمية هذا الفيتامين، وربطه بالصحة الذكورية من منظور شامل.

الأكثر قراءة

الارهاب يقرع أبواب مسيحيي سوريا المنطقة في المجهول بعد قرار ترامب الانخراط بالحرب ايران تتجه لاغلاق مضيق هرمز... وتداعيات كارثية مُرتقبة على دول العالم